هزيمة روسيا والخيار النووي

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

على الرغم من أن الغرب صريح بتوجهاته حول ضرورة هزيمة روسيا في أوكرانيا، حيث مدّ لأجل ذلك كييف بأسلحة استراتيجية ونوعية قد تغير مسار المعارك في الميدان، كما ضخ المليارات في خزائنها لتقف على قدميها في مواجهة موسكو، لكن ذلك لن يغير القناعات الراسخة لدى قادة روسيا بأنه لا يمكن هزيمتها، حتى لو وضع السلاح الغربي بأكمله في يد الأوكرانيين، أو اضطرت هي إلى استخدام كل أنواع القوة التي بيدها ومنها النووي الاستراتيجي في سبيل تحقيق النصر الذي بالنسبة لها مسألة حياة أو موت.

أوروبا إلى جانب الولايات المتحدة وضعا الخطط لتزويد أوكرانيا بدبابات متطورة، وصواريخ جافلين وراجمات هيمارس ومدافع هاوتزر، ومنظومات صواريخ دفاع جوي، وذخيرة غير منقطعة، إضافة إلى دعم لوجستي واستخباراتي، أعطى الجيش الأوكراني تحركاً أفضل في ساحة المعركة، الذي حقق بالفعل تقدماً في بعض الأراضي التي كانت تحت السيطرة الروسية، ليرفع ذلك الطموح الأوكراني للتفكير بعدم إنهاء المعركة قبل إعادة شبه جزيرة القرم أيضاً، وهو ما عبر عنه زيلينسكي أكثر من مرة أنّ بلاده تسعى لاستعادة كامل أراضيها بشرط استمرار الدعم الغربي بالأسلحة.

الغرب يعمل جاهداً على إطالة أمد الصراع، لاستنزاف روسيا على الصعد كافة، البشرية والمادية والاقتصادية، وأعلنها صراحة وزير الدفاع البريطاني بن والاس أن بلاده ستواصل دعم أوكرانيا، بالشراكة مع دول كثيرة اجتمعت يوم الجمعة الماضية في قاعدة أمريكية بألمانيا في سبيل ذلك، مؤكداً «أنه إذا كان بوتين يراهن على أننا سنتعب هذا العام فإنه مخطئ. سنضع خططاً لهذا العام والعام المقبل والذي يليه.. نحن هنا لمدى بعيد».

لكن روسيا غير آبهة بما يحاك ضدها، فردّت على لسان الرئيس الروسي السابق، دميتري ميدفيديف، بأن «هزيمة قوة نووية في حرب تقليدية يتوقف عليها مصيرها قد تشعل حرباً نووية»، في حين قال بوتين مصمماً: إن انتصار روسيا في أوكرانيا أمر حتمي، كما حذّر الكرملين، من أنّ تسليم أوكرانيا أسلحة طويلة المدى قادرة على استهداف عمق الأراضي الروسية سيؤدّي إلى تصعيد خطِر في النزاع، والغرب يدرك هذه الحقائق، لذا فإنه رغم دعمه، إلا أنه لا يزال متردداً في مدّ كييف بأسلحة قد تضرب العمق الروسي.

لذا فإن ألمانيا مترددة بتسليم دبابات واشترطت بتقديم واشنطن هذه الأسلحة أولاً، غير أن أمريكا غير مستعدة لذلك لأن ثمة توجّهاً لديها بتقديم أسلحة دفاعية فقط وليست هجومية، الأمر الذي دفع كييف إلى الانتقاد الحاد للتلكؤ الغربي، وحثته على الإسراع بإمدادها بالدبابات والدفاعات الجوية، وطالبت «بالتوقف عن الارتجاف» أمام الرئيس الروسي.

الحرب تأخذ منحى تصاعدياً، وما يحدث على الأرض حرب عالمية، كانت أوكرانيا البيدق فيها، وحصان طروادة الغرب لضرب روسيا دون التورط بحرب مباشرة سيكون السلاح الأول المستخدم فيها هو النووي، لكن الحذر الغربي لن يمنع من تدحرج كرة النار لتصل إليه عند أي خطأ صغير في قادم الأيام.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/38h82m59

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"