عادي

حصون الشارقة وقلاعها.. شواهد على تاريخ عريق

00:06 صباحا
قراءة 6 دقائق

الشارقة - «الخليج»

يحظى التاريخ بأهمية كبرى لدى صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، إيماناً من سموّه بأهميته وأثره المتعاظم في حياتنا، وإذا كان قد حظي بالجزء الأكبر من مؤلفات سموّه الذي سبر أغوار التاريخ والتراث مؤرخاً للتاريخ العربي والإسلامي، فإنه حاضر أيضاً في مسعاه للمحافظة على إرث الإمارة الباسمة التاريخي التي أشرف بنفسه على وضع الخطط لإعادة ترميم حصونها وقلاعها التي تعد شواهد على تاريخ الإمارة التليد.

الصورة
1

حصن خورفكان متحف لآثار المنطقة الشرقية
تحتضن الإمارات العديد من الحصون التي شهدت ترميماً كبيراً كحصن خورفكان الذي وجه سموّه في عام 2018 بالتنقيب عن قواعده والمحافظة عليها كشاهد على تاريخ هذا البيت العريق وإعادة بناء الحصن مقابل السوق؛ وذلك بعد تعرضه للهدم في عام 1968، ليكون متحفاً لآثار المنطقة الشرقية، ورمزاً لتاريخ مدينة خورفكان وإمارة الشارقة، وكان الحصن قد بناه الشيخ سعيد بن حمد القاسمي والذي كان يسكن في مدينة كلباء إلى أن استقر وتوفي في مدينة خورفكان.

وكانت فكرة مشروع التنقيب عن قواعد حصن خورفكان قد بدأت بتوجيهات من صاحب السموّ حاكم الشارقة، ضمن سلسلة من المشاريع التي تستهدف إعادة إحياء التراث العمراني بمدينة خورفكان، وقد بدأت أعمال المشروع بمرحلة جمع المعلومات اللازمة، وإعادة التصور وتقدير الأبعاد الأصلية للحصن وطريقة بنائه ووضع المخططات التي تراعي الصور والروايات والمخططات القديمة والاتصال بالرواة والحصول على المعلومات كما تم التنقيب على موقع الحصن بعد تكليف البعثة اليابانية بالتعاون مع هيئة الآثار من أجل إتمام مهمة البعثة بوضع الدراسات اللازمة من أجل تحقيق رغبة سموّه بإحياء وإعادة بناء حصن خورفكان التاريخي على أرض الواقع. وكان الحصن مقراً للحاكم في المنطقة الشرقية التابعة لإمارة الشارقة في خورفكان، الذي كان يقطن في الحارة الغربية من مدينة خورفكان قبل أن ينتقل إلى السكن في هذا الحصن في أطراف الحارة الشرقية نهاية السوق القديم، إلا أن سكنه الأساسي كان في بيته في كلباء وكان يأتي من فترة لأخرى.

وسمي هذا المقر بالحصن نظراً لطبيعته ووظيفته الدفاعية فهو لم يقتصر على وظيفته السكنية، وإنما احتوى على برجي مراقبة يشكلان مع الأبراج المحيطة على قمم الجبال سلسلة من الأبراج الدفاعية التي تحيط بمدينة خورفكان.

الصورة

برج العدواني.. قمة جبلية تطل على الميناء القديم

تنفيذاً لتوجيهات صاحب السموّ حاكم الشارقة في عام 2018، تمت إعادة بناء جبل وبرج العدواني على هيئتهما السابقة في الميناء القديم لمدينة خورفكان، علماً بأن هذا البرج قد شيّد للمرة الأولى بواسطة الشيخ كايد بن حمود العدواني القاسمي جد القواسم في شهر ذي القعدة عام 1032 هجري، الموافق شهر فبراير/شباط عام 1623 ميلادي.

وتعتلي برج العدواني قمة جبلية تطل على مدخل ميناء خورفكان التاريخي الذي يقع شرق المدينة، ويتميز بشكله الفريد، فشكله المميز لا يشبه بقية الأبراج المعروفة في دولة الإمارات؛ من حيث الشكل ونسبة ارتفاعه بالنسبة للعرض فهو أقرب لما يشبه العمود أو المسلة مما دعا البعض إلى تسميته بالمنارة وهو عبارة عن عمود دائري مصمم في قسمه العلوي لا يمكن الصعود عليه كبقية الأبراج، ويتموضع على قاعدة دائرية أوسع منه تضم فراغاً داخلياً تنخفض أرضيتها نحو الأسفل لما يقارب المترين تعلو هذا الفراغ قبة حجرية.

ولم تستخدم في بناء الهيكل الإنشائي في هذا البرج أية مواد خشبية كبقية الأبراج التي عادة ما تستخدم في بناء الأسقف واستعيض عنها بالقبة الحجرية، وقد تم هدم البرج في منتصف الثمانينات من القرن الماضي؛ بهدف توسيع ميناء خورفكان.

الصورة

برج الرابي.. خط الدفاع الأول لخورفكان

يرجع تاريخ بناء براج الرابي إلى عام 1915 في عهد الشيخ سعيد بن حمد بن ماجد القاسمي، ويتميز بتصميمه الهندسي متعدد الأشكال وإطلالته البصرية المتميزة على المدينة.

ويقع برج الرابي على قمة جبل من أهم الجبال ومواقعها؛ حيث يطل على أغلب المدينة والطريق الداخلي المؤدي إليها، وهو يشكل مع سلسلة الأبراج المنتشرة في خورفكان، سلسلة دفاعية متكاملة كما يعد خط الدفاع والمراقبة الأول من جهة الداخل، ويتصل اتصالاً بصرياً وصوتياً مع حصن خورفكان وبالتالي العدواني من جهة وبقية الأبراج المتقدمة من جهة الداخل، موقعه الفريد والمسيطر على مساحات واسعة من الطرق البرية وخاصة الطريق المحاذي للوادي، يجعل له أهمية استثنائية، فهو يشكل خط الدفاع والمراقبة الأول من جهة الداخل بعد ترميمه وتأهيل المنطقة المحيطة به.

وتعد مدينة خورفكان واحدة من أهم المدن على ساحل خليج عُمان، لكونها مدينة ساحلية تقع على طريق بحري من أهم طرق التجارة العالمية بين الشرق والغرب، وتضم ميناء طبيعياً وتاريخياً واستراتيجياً، كما تضم المياه العذبة والأرض الخصبة الصالحة للزراعة وتربية الماشية، ما جعل منها محوراً تجارياً عالمياً، واكتسب بذلك ميناؤها القديم شهرة عالمية ويعد مقصداً ومنطلقاً لبقية مناطق العالم.

حصن الذيد وفر الأمن لسكان المدينة

الإمارة الغنية بتاريخها العريق تحتضن مختلف مناطقها العديد من الآثار؛ حيث يعد حصن الذيد شاهداً على التاريخ العريق لمدينة الذيد التي شكلت واحة مزدهرة تتوفر فيها المياه العذبة والنخيل المثمر والمباني الدفاعية التي توفر الأمن والأمان لسكانها.

ويتكون الحصن الذي يعود تاريخه إلى 1820 من مبنى مربع الشكل طوله 32 متراً، وعرضه 26 متراً، ويضم عدداً من الغرف التي تم تحويلها إلى قاعات عرض تحوي مجموعة من المعروضات التاريخية لمدينة الذيد وتراثها.

وتضم قاعة الوثائق مجموعة من الوثائق المرتبطة بحصن الذيد بشكل خاص ومنطقة الذيد بشكل عام، وهي تعود للأرشيفات القديمة مثل الأرشيف البريطاني، وكذلك الكتابات المحلية التي جاء فيها ذكر الذيد، وهي تسرد الحقائق الجغرافية والوقائع السياسية والأحداث الاجتماعية التي دارت بالمنطقة.

وتعرض قاعة الأسلحة عدة أنواع من الأسلحة التي استخدمت في الذيد قديماً، منها السهام الحجرية التي تم استعمالها في فترات زمنية تمتد للألف الرابع قبل الميلاد، إضافة إلى السيوف والخناجر ولباس المحاربين، وعدد من نماذج الأسلحة النارية والذخائر مثل البناد.

غرفة الشيخ

أما غرفة الشيخ فتحتوي على عدد من الأغراض الشخصية التي كان يستخدمها الشيخ خلال إقامته بالحصن، فقد كان حصن الذيد بمنزلة مقر لحاكم الشارقة أثناء إقامته بالذيد سواء خلال تنقله إلى المنطقة الشرقية، أو خلال إقامته فترة بجوار واحة الذيد.

ويضم الحصن الليوان وهو الرواق المظلل الذي كان مكان التجمع العائلي لأهل الحصن، كما يضم قاعة دروب القوافل والتجارة التي تشتمل على عدد من الجداريات التي تصف دروب القوافل من مدينة الذيد وإليها كما يعرض الحصن مجسمات بالحجم الأصلي للإبل ومعدات التحميل وأصناف البضائع التي كانت تحملها أثناء الرحلات. ويشكل مخزن الحبوب والزكاة انعكاساً لأمان الحصن؛ حيث كان يضع فيه المزارعون

أرزاقهم من الثمار ويتم فرزها وتخصيص جزء منها للزكاة، كما كانت تخزن به العديد من المواد الغذائية، أما غرفة المدبسة فتحتوي على عرض مرئي ومجسمات دقيقة لوصف مراحل عملية صنع دبس التمر.

الصورة
1

حصن خور كلباء

حصن خور كلباء كان له نصيب من عناية صاحب السموّ حاكم الشارقة الذي أعاد ترميمه بالكامل.

ويعود تاريخ بناء حصن خور كلباء إلى عام 1745 على وجه التقريب؛ وذلك في القرن الثامن عشر الميلادي، وتبلغ مساحته الكلية 1435 متراً تقريباً، ويتميز بجدرانه الأربعة غير المتساوية.

ويمتد عمر القرية القديمة التي تمثلها البيوت المكتشفة أسفل الحصن إلى نحو 500 سنة، وقد تمت عمليات بناء الحصن على مرحلتين، الأولى، بدأت عام 1755، والثانية كانت عام 1820.

الصورة
1

قرية نجد المقصار 13 منزلاً تعود إلى 100 عام

على قمم الجبال في مدينة خورفكان، تقف قرية نجد المقصار الأثرية التي تحمل بين بيوتها القديمة قصص من عاشوا فيها منذ نحو 100 عام، والتي أعاد صاحب السموّ حاكم الشارقة ترميمها بالكامل، وتعد القرية من أهم مراكز التجمعات البشرية القديمة بوادي «وشي»، الواقعة ضمن نطاق مدينة خورفكان التاريخية.

وتتمثل الدلالات التاريخية للقرية في العديد من الشواهد والآثار بالمنطقة، التي تؤكد تواجد الإنسان منذ آلاف السنين؛ حيث تتوفر المياه والتربة الصالحة للزراعة. وتضم القرية 13 منزلاً قديماً يعود تاريخها إلى نحو 100 عام، وكان يتخذها الأهالي في ذلك الوقت سكناً وملاذاً من جريان السيول، وتشير الدراسات الأثرية إلى العثور، في منطقة وادي «وشي»، على صخور منقوشة برسومات للإبل والخيول يُقدر عمرها ب2000 عام قبل الميلاد.

كما تتواجد فيها دلائل تاريخية على نزوح عدد من أهالي مدينة خورفكان إلى منطقة وادي «وشي» وبالأخص مستوطنة نجد المقصار، خلال العصور الوسطى، وقت الاستعمار البرتغالي للمنطقة للاحتماء بجبالها المنيعة.

الصورة
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/msdkhk72

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"