جمهور الشعر النبطي

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

لاحظ المتابعون لأمسيات مهرجان الشارقة للشعر النبطي المُقامة حالياً في قصر الثقافة، وفي أماكن عدة من إمارة الشارقة، إقبالاً كثيفاً من الجمهور على الأمسيات التي يقرأ خلالها شعراء وشاعرات من أعمار واتجاهات فنية شعرية مختلفة، وعلى الرغم من هذه الاختلافات في اللغة والأساليب والموضوعات يذهب الجمهور إلى الشعر من أجل الشعر، وليس من أجل الاختلاف على الشعر أو في الشعر، وهي بالإجمال تربية ثقافية طويلة طبعت جمهور الشعر النبطي في الإمارات وفي المنطقة الخليجية بطابع الأصالة، والنقدية، والثقافة الشعرية النبطية بشكل خاص. إنه جمهور ذوّاقة أيضاً، وربما نجد بين هذا الجمهور ذاته شعراء وشاعرات يقولون أو يكتبون النبطي، ولهذا الغرض، جاؤوا إلى الأمسيات محّملين مرة ثانية بثقافة النبطي.. الشعر الأصيل، شعر المكان وشعر الناس، وشعر الوجدان أيضاً، وهو ديوان آخر للعرب له أوزانه، وبحوره، وموسيقاه النابعة من لغته، وصوره، وتراكيبه البلاغية.

الشعر الفصيح، وفي الدورة السابقة لمهرجان الشارقة للشعر العربي كان له جمهوره وكثافة هذا الجمهور، غير أن الإقبال الشعبي أو لنقل الجماهيري على أمسيات النبطي إنما يعود إلى ذاكرة الناس في المنطقة العربية الخليجية، فالشعر النبطي يُقال أكثر من الشعر الفصيح، وهو فن مرتبط بالقول (أي المشافهة) قبل فن الكتابة، ولذلك، نلاحظ على سبيل المثال أن مطالع أو الكثير من مطالع قصائد الماجدي بن ظاهر تبدأ بهذه العبارة.. «..يقول الماجدي..» وعادة ما يستقبل متلقي الشعر النبطي قصيدة الشاعر بقوله، مخاطباً الشاعر.. «..صحّ لسانك..».

إن اللسان، أو إن (القولية) أو (المشافهة) في الشعر النبطي قيمة أساسية في هذا الفن، وهي عادة (قولية) ارتجالية، ويستطيع شاعر نبطي مُجيد أن يرتجل أمامك قصيدة طويلة خالية تماماً من الكسر أو من أية هفوات فنية، وهو بذلك، أي بالارتجال، لا يتحدى ولا يرتجل، بل هذه هي حقيقة النبطي، إنه شاعر الفطرة والبديهة وسرعة التأليف.

الناس أيضاً، يتقبّلون ما يُقال عادةً بلهجتهم وبلسانهم، وخاصة أهل البادية، والبادية فضاء للبلاغة، وهي أيضاً فضاء آخر للفروسية، لا بل إن فروسية رجل البادية أو ابن البادية لا تكتمل نفسياً وبطولياً إلاّ بالشعر، إن الفارس شاعر بالضرورة. ابن بلاغة وفصاحة وسرعة بديهة.

ما ينطبق على مرجعيات وذاكرات الشعر النبطي، ينطبق أيضاً على الشعر العربي الفصيح، شعر اللغة المكتملة ببلاغتها التاريخية ومجازاتها وكناياتها وتشبيهاتها ورمزياتها المتعدّدة.. وكل هذا وغيره من عناصر. لابدّ له من الكتابة والخط والتدوين، وليس القول والمشافهة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mrxvw7tt

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"