عادي
حذّر من عواقب العجز المالي الهائل والمتأصل

بافيت يتهم منتقدي إعادة شراء الأسهم بالأميّين اقتصادياً

20:19 مساء
قراءة 4 دقائق
وارن بافيت خلال مقابلة في أوماها (أ.ب)

إعداد: هشام مدخنة

نشر وارن بافيت، الملياردير والرئيس التنفيذي لمجموعة «بيركشاير هاثاواي»، رسالته السنوية المرتقبة إلى المساهمين في جميع أنحاء العالم، في تقليد دأب عليه عراب «أوماها» طوال ستة عقود خلت.

وقدم بافيت، للقرّاء تاريخاً موجزاً لقصة «بيركشاير»، التي بدأت بالشراء المشؤوم لمصنع النسيج في عام 1965، ومن ثم تحولت إلى أداة استثمارية وصناعية عملاقة مستمرة حتى يومنا هذا، مع مجموعة من الأعمال التي حققت مليارات الدولارات من الأرباح التشغيلية في 2022. وتناولت الرسالة بعض موضوعات بافيت المفضلة كعمليات إعادة شراء الأسهم، والضرائب، ومحاسبة الشركات، وتفاؤله طويل المدى بشأن الاقتصاد الأمريكي.

إعادة شراء الأسهم

ودافع المستثمر الشهير عن عمليات إعادة شراء الأسهم ضد منتقديها الذين يعتقدون بأنها لا تفعل شيئاً يذكر لدعم الاقتصاد الأساسي، وبأنه «يجب على الشركات الأمريكية استخدام أموالها بطرق أخرى لتعزيز النمو على المدى الطويل مثل استحقاقات الموظفين والنفقات الرأسمالية»، مؤكداً أن «إعادة الشراء مفيدة لجميع المساهمين، لأنها توفر دفعة للقيمة الجوهرية للسهم».

وقال: «عندما يتم إخبارك أن جميع عمليات إعادة الشراء ضارة بالمساهمين أو بالبلد، أو أنها مفيدة بشكل خاص للمديرين التنفيذيين، فأنت تستمع إما إلى أمي اقتصادياً أو ديماغوجي يشوه الحقائق».

وكانت «بيركشاير»، قد بدأت برنامج إعادة الشراء في عام 2011، وركزت في السنوات الأخيرة على بيئة صفقات تنافسية وسوق للأسهم باهظة الثمن. وأنفق التكتل مبلغاً قياسياً بلغ 27 مليار دولار على عمليات إعادة الشراء في عام 2021، لكن الوتيرة تباطأت العام الماضي إلى نحو 8 مليارات دولار.

وأضاف بافيت: «في بيركشاير، زدنا من اهتمامك المباشر بمجموعتنا الفريدة من الأعمال من خلال إعادة شراء 1.2% من أسهم الشركة القائمة العام الماضي».

وسلّط الرجل البالغ من العمر 92 عاماً، الضوء على شركتي «أبل» و«أمريكان إكسبرس»، وهما اثنتان من أكبر حيازات بافيت للأسهم تمتلكان استراتيجيات مماثلة، وكيف أن عمليات إعادة الشراء منحت المجموعة العملاقة ملكية متزايدة لكل دولار من أرباح الشركتين دون أي كلفة إضافية.

الأرباح التشغيلية

وتابع الملياردير الأسطوري رسالته السنوية قائلاً: «كان 2022 عاماً جيداً بالنسبة لبيركشاير، التي سجلت رقماً قياسياً من الأرباح التشغيلية بـ 30.8 مليار دولار. أما التطور الإيجابي الثاني فكان استحواذنا على شركة التأمين أليغاني».

ويمثل هذا الاستحواذ مقابل 11.6 مليار دولار، قيمة خاصة لبافيت الذي عاد إلى عقد الصفقات التي ابتعد عنها في السنوات الأخيرة.

وأضاف: «بمساعدة أليغاني، ارتفع تعويم التأمين لدينا خلال عام 2022 من 147 مليار دولار إلى 164 ملياراً. ومن خلال الاكتتاب المنضبط، تتمتع هذه الصناديق بفرصة جيدة لتكون خالية من الكلفة بمرور الوقت».

وأشار بافيت كذلك إلى أنه «في عام 2021، كان هناك 128 شركة في مؤشر إس آند بي، حققت أرباحاً تزيد على 3 مليارات دولار، وبأن بيركشاير كانت أكبر مساهم في 8 من هذه الشركات وهي أمريكان إكسبرس، وبنك أوف أمريكا، وشيفرون، وكوكا كولا، وإتش بي، وموديز، وأوكسدنتال بيتروليوم، و باراماونت غلوبال».

الضرائب والدعم الأمريكي

في غضون ذلك، تطرق خطاب بافيت، المتابع على نطاق واسع أيضاً مع التقرير السنوي لـ «بيركشاير» والذي عادة ما يحدد النغمة قبل الاجتماع السنوي الكبير للتكتل في مايو/أيار في نبراسكا، إلى بعض الموضوعات الأخرى، بما فيها الثناء على شريكه القديم تشارلي مونغر ذو الـ 99 عاماً، وكيف كانت «بيركشاير» سعيدة بدفعها مبلغاً كبيراً من الضرائب الحكومية بسبب الفائدة التي تلقتها المجموعة على مر السنين من الدعم الأمريكي غير المحدود أو «الريح الخلفية الأمريكية»، بحسب وصفه.

وقال الملياردير الشهير: «لقد استثمرت فوق الـ 80 عاماً، أي أكثر من ثلث عمر بلادنا. ولم أشهد بعد الوقت الذي يكون فيه من المنطقي الرهان ضد أمريكا على المدى الطويل. وأشك كثيراً في أن أي قارئ لهذه الرسالة سيحظى بتجربة مختلفة في المستقبل».

ومن عام 2012 إلى عام 2021، أشار بافيت إلى «تسديد الشركة نحو 32 مليار دولار كضرائب فيدرالية، أي نحو 0.1% من جميع مدفوعات الضرائب التي جمعتها وزارة الخزانة خلال ذلك الوقت»، لافتاً إلى «أننا في بيركشاير نأمل ونتوقع دفع المزيد من الضرائب خلال العقد المقبل، ونحن مدينون للبلد بأكثر من ذلك. لقد أسهمت ديناميكية أمريكا كثيراً في كل النجاح الذي حققته شركتنا، وهي مساهمة نعتمد عليها وتحتاج إليها بيركشاير باستمرار. نعتمد على الرياح الخلفية الأمريكية، وعلى الرغم من هدوئها من وقت لآخر، فإن قوتها الدافعة تعود باستمرار».

ولفت بافيت أيضاً إلى بعض الاختلالات المالية الموجودة في البلاد، وبأنه «خلال تلك الفترة، وبينما حصّلت الحكومة الأمريكية نحو 32 تريليون دولار من عائدات الضرائب، أنفقت ما يقرب من 44 تريليوناً»، محذراً من «عواقب العجز المالي الهائل والمتأصل».

الكومة النقدية

وعاد بافيت من جديد ليؤكد أن «بيركشاير ستحتفظ دوماً بحمولة كبيرة من النقد وسندات الخزانة الأمريكية جنباً إلى جنب مع مجموعة واسعة من الشركات للمستقبل، وبأن الشركة ستتجنب السلوك الذي قد ينتج عنه أي احتياجات نقدية غير مناسبة في الأوقات غير المناسبة، بما في ذلك الذعر المالي وخسائر التأمين غير المسبوقة».

وأشار في الوقت ذاته إلى أن «الرؤساء التنفيذيين المستقبليين لبيركشاير، سيحصلون على جزء كبير من صافي ثروتهم في أسهم المجموعة التي يتم شراؤها بأموالهم الخاصة». يُذكر أنه في تقرير أرباحها الأخير، بلغت كومة السيولة النقدية لبيركشاير نحو 130 مليار دولار في نهاية عام 2022. وقال: «في بيركشاير، لا يوجد خط نهاية.. نعم، سيستمر مساهمونا في الادخار والازدهار من خلال الاحتفاظ بالأرباح».

الوصفة السرية

وفي حديثه هذا العام عن «الوصفة السرية» لنجاح «بيركشاير»، نوّه بافيت بمتغير بسيط، وهو «الوقت». وضرب مثالاً على ذلك استثمارات المجموعة منذ ثلاثين عاماً في شركتي «كوكا كولا» و«أمريكان إكسبرس»، بكلفة أولية بلغت آنذاك 1.3 مليار دولار لكل منهما، واليوم ولّدت هذه الاستثمارات أرباحاً لـ «بيركشاير» فاقت مليار دولار في عام 2022 وحده، مع قابلية أكثر للزيادة.

والدرس المستفاد للمستثمرين هنا بحسب بافيت، «تذبل الأعشاب الضارة مع تفتح الأزهار. وبمرور الوقت، سيكون هناك عدد قليل من الفائزين الذين يصنعون العجائب. نعم، من المفيد أن تبدأ الاستثمار مبكراً وتعيش لتتجاوز التسعين من العمر أيضاً».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4v7hkz5j

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"