محاصرة روسيا في مجالها الحيوي

01:08 صباحا
قراءة دقيقتين
كلمة الخليج

تستخدم الولايات المتحدة كل أسلحتها السياسية والاقتصادية والعسكرية في حربها بالوكالة في أوكرانيا، بهدف محاصرة روسيا وإضعافها ومن ثم محاولة هزيمتها، وهي لم تعد تخفي هذه الأهداف، بل تعمل لتحقيقها كي تحول دون أن يشاركها أحد في النظام الدولي الذي تعتلي عرشه منذ انهيار الاتحاد السوفييتي في مطلع تسعينات القرن الماضي وباتت تعتبره ملكية خاصة لا شريك لأحد فيه.

وتمثل جولة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين إلى خمس دول في آسيا الوسطى، وهي أوزبكستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وكازاخستان محاولة أمريكية واضحة لتعزيز الوجود الأمريكي في هذه الدول، والسعي إلى إبعادها عن روسيا التي ترتبط معها بعلاقات تاريخية منذ أن كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي السابق، وتعتبر مجالاً حيوياً لروسيا، ونظراً للروابط الاقتصادية والأمنية الواسعة التي تربطها مع موسكو.

والأهداف الأمريكية من الزيارة لا تقتصر على روسيا فحسب، فالدول الخمس تربطها علاقات اقتصادية وسياسية مميزة مع الصين المجاورة، لذلك فإن بلينكين يحاول اصطياد عصفورين بحجر واحد، لعله يتمكن من إقناع هذه الدول بأن الولايات المتحدة هي «شريك يمكن الاعتماد عليه»، كما أبلغ ذلك وزراء خارجية الدول الخمس الذين اجتمع بهم دفعة واحدة في ألماآتا عاصمة كازاخستان.

لكن الوزير الأمريكي يدرك تماماً أن هذه الدول، وإن كانت تسعى إلى إقامة علاقات جيدة مع بلاده، إلا أنها لا تستطيع الخروج من حيزّها الجغرافي وعلاقاتها التاريخية مع كل من روسيا والصين، ولن تغامر في وضع المصالح الأمريكية فوق مصالح الجارتين الكبريين، بسبب الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية التي تربطها معهما، وبالتالي فإن تعزيز المصالح الأمريكي في هذه الدول لن يكون على حساب الصين وروسيا.

يذكر، أن الدول الخمس امتنعت عن التصويت مؤخراً على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يدعو إلى «انسحاب فوري» للقوات الروسية من أوكرانيا، إضافة إلى أن هناك زيارات متبادلة بين قادة هذه الدول والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكانت آخرها في نوفمبر /تشرين الثاني الماضي، حيث قام رئيس كازاخستان قاسم جومارت بزيارة إلى موسكو، وأعاد فيها تأكيد «الشراكة مع موسكو». كما أن الرئيس الصيني شي جينبينغ اختار العام الماضي التوجه إلى كازاخستان وأوزبكستان في أول رحلة خارجية له بعد جائحة كورونا.

وتتشارك كازاخستان مع روسيا حدوداً بطول 7500 كيلو متر، بينما تبعد الولايات عنها آلاف الكيلومترات، لذلك فإن تفكير واشنطن في دق إسفين في العلاقات بين روسيا ودول آسيا الوسطى، هو من قبيل التمني لا أكثر، وكذلك الوضع بالنسبة لعلاقة هذه الدول مع الصين.

استفاقت الولايات المتحدة مؤخراً على أهمية هذه الدول التي كانت تعتبر «منطقة نائية»، بعد أن وجدت في الحرب الأوكرانية مناسبة للاستثمار في مواجهة روسيا والصين، من خلال السعي إلى إغرائها بمزايا العلاقات معها، وعزلها عن الجارتين، وبالتالي استخدامها في لعبة الصراع على النظام الدولي.

مهمة بلينكين صعبة إن لم تكن مستحيلة، وتأتي في الوقت الضائع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/c4rsj8xp

عن الكاتب

كلمة الخليج

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"