لأول مرة في التاريخ الأمريكي يمثُل رئيس سابق أمام محكمة جنائية في قضية شراء صمت ممثلة أفلام إباحية أثناء موسم الانتخابات الرئاسية عام 2016. إنه الرئيس السابق دونالد ترامب المرشح الجمهوري الذي يخوض السباق نحو البيت الأبيض في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل ضد الرئيس الديمقراطي الحالي جو بايدن.
المحاكمة بدأت في نيويورك يوم الاثنين الماضي، وقد يصدر الحكم بشأنها خلال الأشهر القليلة المقبلة، وفي حال إدانته قد ينتهي به في السجن، وهو ما ستكون له تداعيات كبيرة على الانتخابات الرئاسية.
حاول محامو ترامب تأجيل المحاكمة قدر الإمكان إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية، لكن القاضي خوان ميرشان رفض التأجيل قائلاً: «إن طلب التأجيل جاء في غير وقته»، كما رفض النظر في ما إذا كان مبدأ الحصانة الرئاسية يحول دون تقديم المدعين الأدلة على أعمال رئاسية رسمية في المحاكمة.
واتهم ترامب في القضية بتزوير سجلات تجارية تتعلق بدفع أموال (130 ألف دولار) مقابل صمت النجمة الإباحية ستورمي دانيلز قبل وقت قصير من الانتخابات الرئاسية عام 2016. وكان على محامي ترامب تقديم طلب تأجيل المحاكمة قبل 45 يوماً من بدء المحاكمة «لكنهم فشلوا في تفسير سبب التأخير لفترة طويلة» حسب القاضي ميرشان.
ترامب قرر حضور المحاكمة نهاراً ومواصلة حملته الانتخابية ليلاً، وفي الجلسة الأولى أمام محكمة نيويورك دخل القاعة ملوحاً لمناصريه، وقال في تصريح للصحفيين أمام المحكمة بعد انتهاء الجلسة الأولى، «إن لديه مشكلة حقيقية» مع القاضي الناظر في القضية، وأضاف: «لن نُمنح محاكمة عادلة». وكان القاضي طالبه بعدم عرقلة الجلسة والمقاطعة و«إلا تعرض للتوقيف».
ترامب يواجه العديد من التهم، التي تصل إلى 88 تهمة، من بينها الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير/ كانون الثاني 2021، وإخفاء وثائق سرية، والضغط على السلطات المحلية في عدة ولايات أجريت فيها الانتخابات لإبطال النتائج الرسمية، وكلها يعتبرها «اتهامات سياسية وزائفة» لمنعه من الترشح لمنصب الرئاسة من جديد.
وكان ترامب قد دفع قبل ذلك سندات بقيمة 175 مليون دولار في قضية الاحتيال المدني في نيويورك، وتجنب بذلك مصادرة أصوله من قبل سلطات الولاية. وقد دِين ترامب في 16 فبراير/ شباط الماضي بتهمة الاحتيال في تضخيم صافي ثروته بمليارات الدولارات لتأمين شروط قرض وتأمين أفضل. وكان الحكم طالب ترامب في الأساس بدفع 454 مليون دولار، لكن محكمة الاستئناف خفضت المبلغ.
يعيش ترامب من الآن وحتى موعد الانتخابات الرئاسية دوامة من المشاكل القضائية، لكن القضية الحالية المرفوعة أمام محكمة نيويورك قد يصدر الحكم فيها قبل موعد الانتخابات، وهناك احتمال بصدور حكم باعتقاله وسجنه، وفي هذه الحال، هل يتم تنفيذ الحكم ويخرج ترامب من سباق الرئاسة؟
ثمة محاولة لمنع ترامب من خوض انتخابات الرئاسة، استناداً إلى نص نادر في الدستور الأمريكي، المادة 3 من التعديل الرابع عشر، وتتعلق المادة بحرمان من «شاركوا في عصيان أو تمرد» من تولي مناصب فيدرالية، لكنّ هناك رأياً آخر يستند إلى نص دستوري يشترط على المرشح للرئاسة أن يكون مواطناً أمريكياً منذ مولده، وأن يكون مقيماً في الولايات المتحدة لمدة 14 عاماً على الأقل، وأن يعيش فيها بشكل دائم، وألا يقل عمره عن 35 عاماً، ولا تتضمن الشروط الإدانة الجنائية أو حتى الحبس. أي بإمكان ترامب أن يكون رئيساً حتى ولو دِين!
