استضافت العاصمة الإماراتية منتدى «ألف 2023»، بتنظيم من التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع «ألف» ودائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، وذلك يومي 6 و7 مارس/آذار الجاري في المجمّع الثقافي.
وشارك في فعاليات المنتدى أكثر من 200 متخصص مما يزيد على 30 دولة، ناقشوا على مدار اليومين الحاجة الملحة لتكثيف المبادرات الرامية إلى حماية التراث الثقافي في مناطق النزاع وما بعد النزاع، بالتزامن مع التصاعد المستمر في التحديات على الساحة الدولية، والكوارث الطبيعية التي تهدد التراث الثقافي العالمي مثل زلزال تركيا وسوريا.
افتتح المنتدى ممثلا الدولتين المُؤسِستين للتحالف: محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة -أبوظبي ونائب رئيس مجلس إدارة «ألف»، و باريزة خياري، نائب الرئيس وممثل فرنسا في المجلس.
واختتم سالم بن خالد القاسمي، وزير الثقافة والشباب، ود.توماس س. كابلان، رئيس مجلس إدارة «ألف»، فعاليات الحدث.
وركزت حوارات المنتدى على موضوعين رئيسيين، تناول الأول ضرورة مواصلة الجهود الساعية إلى حماية التراث الثقافي في مناطق النزاع وما بعده، في ظل التحديات الحاضرة في المشهد العالمي، كما ظهر مؤخراً في أوكرانيا والقوقاز. وتطرق الموضوع الثاني إلى الحاجة المتزايدة والمُلحة لاعتماد سبل أكثر كفاءة وفاعلية للتصدي لتأثيرات التغير المناخي والكوارث الطبيعية.
وأكدت النقاشات أيضاً حتمية تطوير مشاريع ملموسة تدعم التنمية المستدامة، والتدريب العملي الميداني، والمشاركة المجتمعية، واستخدام المواد والخبرات والمهارات التقليدية، والممارسات الصديقة للبيئة، واعتماد التدابير الوقائية (إنشاء قوائم جرد المجموعات ذات الأهمية التراثية، والأرشفة الرقمية ثلاثية الأبعاد، وما إلى ذلك) بالإضافة إلى تبني آليات الاستجابة السريعة أثناء الأزمات.
وتقرر تعزيز جميع هذه العناصر ضمن خارطة طريق «ألف» للسنوات المقبلة.
وقال المبارك: «يعكس التزامنا بحماية التراث الثقافي للإمارات وضمان استدامته للأجيال القادمة رؤيتنا الطموحة والنبيلة في الدائرة مع شركائنا من أصحاب المصلحة والمانحين واللاعبين الرئيسيين الذين يدعمون «ألف» وجهودها الحثيثة وعزيمتها القوية لضمان المرونة وسرعة الاستجابة للتهديدات الطارئة لمواقع التراث في مناطق النزاعات، وتحقيق المصالحة بعد الأزمة. وبعد مرور 6 سنوات على انطلاق مهمتنا من أبوظبي، نحن فخورون بدعوة جميع الشركاء في منتدى «ألف» الأول للوقوف على ما حققناه سابقاً ودعم الرحلة نحو التغيير الإيجابي والتطلع بثقة لمستقبل أفضل».
يُعد منتدى «ألف 2023» الأول المنبر الأمثل الذي يجمع الشركاء من حول العالم، ويؤكد تنوع الجهات المشاركة دليلاً واضحاً على عمق واتساع شبكة المتخصصين في مجال التراث والداعمين له الذين جمعتهم «ألف» تحت مظلتها في غضون 6 سنوات فقط، بما في ذلك متاحف ومكتبات ومؤسسات ثقافية من 5 قارات؛ ومنظمات دولية مثل «اليونيسكو»، والمركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية (إيكروم)، والمجلس العالمي للمعالم والمواقع (إيكوموس)، والمجلس الدولي للمتاحف (إيكوم)، واتحاد «يوروبا نوسترا»، ومنظمات غير حكومية مثل الصندوق العالمي للآثار والتراث، ومنظمة «تركواز ماونتن»، ومنظمة «أوفر دو أوريون»، ومؤسسة آغا خان؛ ومشغلون محليون يعملون في دول مثل أفغانستان ومالي والعراق والنيجر وأوكرانيا واليمن وغيرهم الكثير. واجتمعت في أبوظبي هذه المجموعة من القيمين والمهندسين المعماريين وعلماء الآثار ومديري المشاريع وغيرهم من الخبراء الساعين إلى تحقيق رسالة مشتركة قوامها حماية التراث الثقافي، وذلك لتبادل الخبرات وأفضل الممارسات وبحث سبل التصدي للتحديات المستجدة.
180 مشروعاً
أسست الإمارات وفرنسا عام 2017 تحالف «ألف»، ومقره جنيف، عقب «مؤتمر أبوظبي لحماية التراث الثقافي المعرض للخطر في مناطق النزاع» الذي أقيم عام 2016. ومنذ ذلك الحين، مولت المؤسسة حوالي 180 مشروعاً لحماية التراث الثقافي في مناطق النزاع وما بعده، بالإضافة إلى حوالي 100 مشروع إضافي لمساعدة المتخصصين في البلدان الأقل قدرة على التصدي لجائحة «كوفيد-19»خلال عامي 2020-2021، و160 مبادرة لصون وحماية التراث الثقافي في أوكرانيا خلال العام الماضي.
وقال د.توماس س. كابلان: «قامت مؤسسة «ألف» على الساحة الدولية عام 2017 لتقديم استجابة سريعة للدمار الذي لحق بالتراث الثقافي على مدار العقدين الماضيين. ومنذ ذلك الحين، مع الأسف، أصبحت حماية تراثنا الثقافي المشترك عملية أكثر إلحاحاً في ضوء تجدد النزاعات المقلقة حول العالم والزيادة الكبيرة في الكوارث الطبيعية التي تضرب المناطق المعرضة للخطر. واللافت في الأمر هنا، والذي أكده المنتدى بطريقة مميزة هو أن «ألف» لا تمتلك الوسائل فحسب، بل الأهم من ذلك، وجود جيش فعلي من الشركاء المخلصين الذين لديهم الشجاعة للمساعدة في حماية وصون التراث الثقافي في كل مكان».
