عادي

أيام الشارقة التراثية تصل محطتها الأخيرة في النحوة

17:39 مساء
قراءة 8 دقائق
الفن الأوربي (الهنغاري)
أيام الشارقة التراثية في النحوة
الفن الأوروبي (الهنغاري)
الفن الأوروبي (الهنغاري)
أيام الشارقة التراثية في النحوة
أيام الشارقة التراثية في النحوة
أيام الشارقة التراثية في النحوة
أيام الشارقة التراثية في النحوة
توقيع كتاب (بيت السركال)
جلسة ثقافية (واقع التراث العربي في كتابات شمال مقدونيا)
جلسة ثقافية تستعرض التجربة الإبداعية لثلاث أديبات إماراتيات

بمزيج من المشاعر التي تحمل الفرح والبهجة بإقامة أيام الشارقة التراثية، افتتح الشيخ هيثم بن صقر القاسمي، نائب رئيس مكتب سمو الحاكم بكلباء، فعاليات أيام الشارقة التراثية في منطقة النحوة، التابعة لمدينة خورفكان، وسط حضور جماهيري غفير من مسؤولي وممثلي الدوائر الحكومية وأهالي منطقة النحوة.

تحلق عدد من المسؤولين بينهم عبدالله خلفان النقبي، والي منطقة النحوة، ود. راشد خميس النقبي، رئيس المجلس البلدي لمدينة خورفكان، وخالد الشحي، مدير فرع معهد الشارقة للتراث في خورفكان، للمشاركة في قطع كعكة الاحتفال بالفعاليات في ظل فرحة كبيرة من أبناء النحوة وهم يحتضنون بنجاح فعاليات الدورة 20 من أيام الشارقة التراثية في مدينتهم الكريمة الأصيلة.

وتوالت الفقرات الفنية الشعبية على مسرح منطقة الحارة القديمة في النحوة بين الفنون الشعبية من غناء ورقصات وفعاليات متنوعة، كما شهدت إلقاء مجموعة من كلمات الترحيب، وقصائد الشعراء، وتشكيلات فنية عدة لأطفال يمارسون ألعاباً ورقصات فنية شعبية بملابس تراثية، وآخرين يؤدون رقصة اليولة وسط إعجاب الحاضرين، وتفاعلهم وتشجيعهم.

شهدت الفعاليات إقامة معروضات فنية تراثية مختلفة، ومشاركة مجموعة من الحرفيات بالزي الشعبي وهن يصنعن ملبوسات وأطعمة تراثية مختلفة، ومعرضاً للحرف اليدوية، وآخر للمقتنيات التراثية القديمة، وتم في نهاية الفعاليات تكريم عدد من الشخصيات التي أسهمت في رفد التراث المحلي ودعمه وإظهاره في أجمل صورة.

«بيت السركال» كتاب يسبر العناصر المعمارية

شهدت أيام الشارقة التراثية، توقيع كتاب (بيت السركال.. تحليل العناصر المعمارية وعمليات التدخل) للمهندسة سارة فاروق محمد. ويقع الكتاب في 75 صفحة من القطع الصغير.

وقالت مؤلفة الكتاب: «بني بيت السركال عام 1840م، وتديره حالياً مؤسسة الشارقة للفنون، ويقع داخل حدود سور المدينة القديمة وتحديداً في حي الشويهيين بالقرب من خور الشارقة، وهو يعد من أهم البيوت في المنطقة لأنه كان شاهداً على العديد من الأحداث السياسية والاجتماعية فيها، ما أسهم في تشكيل تاريخ المنطقة».

وأضافت: «شُيّد هذا البيت لأول مرة كمقر للمعتمد البريطاني في الخليج، وقد انعكس ذلك في طريقة تصاميم النوافذ والأقواس مأخوذة من العمارة القوطية المستخدمة في بريطانيا، وقد مر بناؤه بتوسعات عديدة وتغيرات مستمرة على مر السنوات وفقاً لاستحداث استخدامات جديدة، كبيت لحاكم الإمارة ثم مستشفى لأمراض النساء والولادة (مستشفى سارة هوسمان)، ومن ثم معرض فني».

وأوضحت فاروق أن الكتاب يقدم تاريخاً موجزاً لهذا البيت الذي يعد من البيوت القليلة ذات 3 طوابق في ذلك الوقت، وقد سعى الكتاب لبيان وتحليل الاعتبارات التصميمية للبيت من حيث الأبعاد والمساحة في واجهاته الأربع، وكذلك الموضع والتوجيه بمحور مائل على خلاف البيوت المحيطة به، بالإضافة إلى المواد المستخدمة في بناء الجدران.

يحلل الكتاب الخصائص المعمارية لبيت السركال الذي يعكس الطراز التقليدي للبيوت التراثية في المنطقة والواجهات والنوافذ الزجاجية الملونة والأقواس والملاقف الهوائية الجدارية والفراغات والمساحات المعمارية وما حول البيت من أشجار وآبار، وكيفية تطبيق نظام الاستدامة بمفهومه البسيط في تلك الفترة.

وأشارت المؤلفة إلى أن بيت السركال يعد من البيوت القليلة التي لم تهجر، نظراً لتعدد استخداماته ما ساعد في حفظه من الدمار والتلف الجسيم، رغم وجود جوانب من التلف البسيط والشقوق بسبب الظروف الجوية وتقادم العمر في بعض الجدران والأسقف والأسطح والفناء الداخلي.

ويتطرق الكتاب إلى عمليات التدخل وإعادة التأهيل التي تمت للبيت في مراحل الحفظ والترميم الأول والثاني ثم إعادة الاستخدام، وبتوجيهات حكومة الشارقة خلال عامي 1991 و1992م وبإشراف ومتابعة من د.عبدالستار العزاوي، رحمه الله، ودور منظمة إيكروم في هذا الجانب.

كما يرصد الكتاب القيمة الاستثنائية لهذا البيت من الناحية المعمارية والاجتماعية والتاريخية والاقتصادية، تمهيداً لمحاولة تسجيله مستقبلاً في قائمة التراث الثقافي العالمي.

يذكر أن مؤلفة الكتاب سارة فاروق مهندسة وكاتبة وروائية من إمارة الشارقة، تحمل شهادة البكالوريوس في الهندسة المعمارية من جامعة الشارقة عام 2018، وشهادة الماجستير في إدارة وحفظ التراث الثقافي في تخصص إدارة المواقع التراثية من جامعة الشارقة عام 2022م، وصدر لها عدد من الروايات والبحوث والمقالات العلمية المتعلقة بالعمارة المحلية لدولة الإمارات، وتتطلع لدراسة عدد من البيوت التراثية القديمة التي لم يتم تناولها بالدراسة والتحليل إلى الآن في الإمارة.

(الهنغاري) تتألق على أرض قلب الشارقة

بعيون هنغارية جاءت بشغف الى الشارقة للمشاركة في فعاليات الدورة 20 من فعاليات أيام الشارقة التراثية، يحاكي معرض جوهرة الفن الأوروبي مايضمه التراث الأوروبي من مكونات مختلفة تعود لأكثر من 170 عاماً، ومصنوعة من قبل أمهر الفنانين الأوروبيين.

معرض تراثي منوع، اختار أن يقدم للجمهور جوانب عدة من التراث الفني الأوروبي بأقسام متعددة، قسم للأثاث يستعرض مجموعة من الخزفيات، أبرزها تشكيلات خزفية مفرغة، وأوانٍ خزفية بتقنيات صينية تبدو من الخارج على شكل الخشب لا الخزف، وقسم الملابس وتتم فيه طباعة بعض التشكيلات والزخارف والصور الفنية الموجودة اساساً على القطع الخزفية، وهي تشكيلات مفضلة لنخبة عريضة من الأوروبيين قديماً وحديثاً.

وقال أسامة منصور، مدير تطوير العمليات في جون لاين من (هنغاريا) المشرف على معرض «جوهرة الفن الأوروبي:» إن المشاركة في فعاليات أيام الشارقة التراثية فرصة مهمة ذات جانبين، الأولى، لعرض نماذج من التحف الفنية الأوروبية المختلفة برؤية هنغارية، والثانية التعرف إلى التراث المحلي الإماراتي وما فيه من قيم فنية وجمالية، وما يعكسه تألق وتميز يستمد جذوره من الموروث الشعبي الإماراتي.

ويضيف منصور: «لقد ألهمتنا بعض الرموز المحلية الإماراتية، وسنسعى لتنفيذها في المستقبل لا سيما البرجيل والمباخر الخيزران وعدد من الرموز الأخرى، حيث ستكون مكونات مهمة وحيوية وأ ساسية للمشاركة في معارضنا المقبلة، وانعكاساً لمفهوم التعاون وتبادل الثقافات بين الأمم والشعوب، ونعتقد أن المستقبل مليء بالمفاجآت التي ستعزز من حضور التراث الإماراتي الذي أخذ مكانته بقوة في المنظومة الثقافية التراثية العالمية».

وضم المعرض نموذجاً تشكيلياً فنياً لثور جامح، وهو من النماذج المتفردة التي تم تنفيذها بتقنية البورسلان المعدني، وهي تقنية عالمية متفردة، يختص بها أمهر الصناع في هنغاريا، وشاركت هذه التحفة في معرض جوهرة التراث الأوروبي لتعكس هذا التطور الأسلوبي الذي يمكن تطويعه لتخليد رموز فنية وتراثية محلية.

وتضمن المعرض قسماً لتصميم وصناعة المجوهرات، وقسماً لتصميم ديكورات الجدران، وقسماً مهماً آخر للترميم التاريخي، يستعرض فيه ما تم من جهود لتطوير وترميم سقوف أسطح القلاع والدوائر الحكومية القديمة في هنغاريا، حيث يمكن للزائر أن يأخذ فكرة عن هذا الدور الذي قد يستغرق في تنفيذه نحو أربع سنوات، لمكان واحد فقط.

تضمن المعرض أيضاً قسماً للصحون، وبيان أنواعها كصحون زينة، وصحون أطعمة، تحمل تشكيلات وزخارف فنية منوعة، وترقيم دولي خاص لكل قطعة، كما تضمن وجود نماذج متطابقة لتماثيل وتحف فنية لأعمال فنانين أوروبيين مشهورين، وبين المشرف على المعرض أن صناعة كل قطعة تتم بشكل منفرد أولاً، وتحمل حكاية معينة، على سبيل المثال تحفة الدمعة التي تمثل الوداع، وهي مستوحاة من وداع المرأة لزوجها.

كما يتضمن المعرض تصاميم متعلقة بالطبيعة، كتصميم الربيع، والفراشات، والطواويس التي تستغرق صناعة القطعة الواحدة منها أكثر من خمسة أشهر متواصلة، بأيادٍ ماهرة، وخبرات كبيرة.

التجربة الإبداعية لثلاث أديبات إماراتيات

ضمن فعاليات أيام الشارقة التراثية، عقد المقهى الثقافي جلستين فكريتين، الأولى جاءت بعنوان (الإبداع في الأدب الإماراتي المعاصر توظيف واستلهام) شاركت في محاورها ثلاث أديبات إماراتيات، وهن فاطمة المعمري وفاطمة المزروعي ونادية النجار، فيما خصصت الجلسة الثانية للحدث حول (واقع التراث العربي في كتابات شمال مقدونيا)، شارك فيها الباحث د.ماهر حسن، ود.إسماعيل أحمدي ود.محمد علي.

في ورقتها، أكدت فاطمة المعمري أن الإنسان ابن بيئته، والفرد الإماراتي نشأ مع الموروث وارتبط بالبحر والجبل والصحراء، فاستلهم منها وأبدع، ويأتي ضمن ذلك الأدب الذي تعلق بالتراث موجهاً ومرشداً ومستديماً، لافتة إلى وجود ثلاث مستويات لتوظيف الأدباء الإماراتيين للموروث في إنتاجاتهم، فهناك من عاصر نهايات حقبة ما قبل النفط وتعايش مع الأجداد واستمعوا لهم، ما جعلهم يحظون بتجربة حقيقية ولا سيما في الشعر الشعبي الذي رصد ووثق الموروث، وآخرون عاصروا من عايش التراث، فجاءت رواياتهم وإنتاجاتهم معبرة وصادقة تحمل الحزن على نهاية الجيل الأول، وأما النوع الثالث فهم الذين لم يعيشوا ذلك العصر ولم يحزنوا عليه ولكنهم حملوا الشعور بأهمية التراث فأدرجوه في رواياتهم وقصصهم وشعرهم.

أما فاطمة المزروعي، فأشارت إلى أن تجربتها الإبداعية في الرواية نبعت من تأثرها بجدتها والخراريف والقصص التي كانت تسمعها، وهو ما أسهم في انطلاقها في رحلة طويلة في استلهام التراث في المجال الأدبي، مؤكدة أن رسالة الكاتب تكمن في غرس القيم والهوية ومبادئ التراث من خلال سطور الأجناس الأدبية.

واستعرضت المزروعي الجانب الإبداعي في استلهام التراث في بعض أعمالها الروائية والمسرحية مثل مجموعة «ليلة العيد» و«وجه امرأة فاتنة» ومسرحية «الطين والزجاج»، ومسرحية «حصة» وغيرهما.

واختتمت الأديبة والقاصة نادية النجار الجلسة بورقة أوضحت فيها تأثر الأديب ببيئته وتراثه ومجتمعه وثقافته وتاريخه يختلف من كاتب وآخر وبين عمل وآخر، مشيرة إلى حضور الحكايات الشعبية والخراريف والأساطير والمعتقدات والأقوال والأمثال الشعبية ومفردات البيئة المحلية ووجود علاقة ملتبسة بين الغوص والنفط، في التراث الشعبي ولا سيما السرد الإماراتي كالقصة والرواية.

واستعرضت النجار نماذج من روايات الكتاب الإماراتيين مثل علي أبو الريش، ولولوة المنصوري، وصالحة عبيد وفاطمة المزروعي، بالإضافة إلى تجربة د.عبدالعزيز المسلم في توثيق التراث المحلي وحفظه، والراحل أحمد راشد ثاني، وعائشة الظاهري، ومريم فرج، مختتمة مداخلتها بالحديث عن تجربتها الأدبية الخاصة في الاهتمام بالحكايات الشعبية الإماراتية، ومن ذلك المشروع المشترك بين المجلس الإماراتي لكتب اليافعين، ومعهد جوتة الألماني، في إعادة كتابة قصص تراثية إماراتية من خلال كتاب «خريريفة مجيريفة» الذي تضمن قصتي بديحة، وسلامة وبناتها، حيث أعادت النجار كتابتهما بشكل عصري يناسب طفل اليوم، وأيضاً روايتها «ثلاثية الدال» حول غرق سفينة دارا في الخليج في بداية ستينات القرن الماضي، وقصة «النمر الأرقط» عن النمور العربية المهددة بالانقراض، وقصة عن أشجار الغاف عنوانها «غافتان».

وفي ثاني جلسات المقهى، تحدث د.ماهر حسن حول الأبجدية العربية وكتابات أكاديميي جمهورية مقدونيا الشمالية في الثقافة العربية، ومدى تأثر شعوب المنطقة بالدين الإسلامي واللغة العربية وإسهامهما في نمو المعرفة والثقافة عبر الكتابة بالأبجدية العربية فقط طوال قرون إلى بدايات القرن العشرين عندما تقرر استخدام الأبجدية اللاتينية بدلاً منها، إلاّ أن الأبجدية العربية حافظت على دورها المهم في العديد من الكتب التاريخية والشعرية والدينية والعلمية وما إلى ذلك، لأن ذلك كان يوحدهم روحياً ويميزهم عن ثقافة الغرب.

واستعرض د.إسماعيل أحمدي ملامح عن التراث العربي في شمال مقدونيا في الفترة ما بين القرنين الخامس عشر والثامن عشر من خلال ثلاثة محاور تمثل الأول في المنشآت التراثية المؤسسية الأولى التي ظهرت في البقان بهدف نشر الإسلام ونشر الكتابة العربية وتراثها، كالجوامع والتكايا وأسماء الأماكن، وأما المحور الثاني فكان حول دور المنشآت التعليمية والدينية والاجتماعية والخيرية والثقافية والاقتصادية في انتشار الثقافة والتراث العربي في تلك المنطقة، وتطور مهارات الإبداع والتأليف هناك، فيما جاء المحور الثالث مركزاً على مساهمة مؤلفي شمال مقدونيا في انتشار اللغة العربية وآدابها وتراثها، مستعرضاً أسماء عدد من أهم هؤلاء المؤلفين الذين كانوا ثمرة المدارس والجامعات العربية والإسلامية في تلك المنطقة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/tasn2puf

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"