التطوير والتغيير في عصر أكثر حداثة

01:03 صباحا
قراءة 3 دقائق

عبدالله السويجي

التغيير سنّة الحياة والتطوير غايتها، فليس كل تغيير تطويراً لكن كل تطوير يجب أن يحدث تغييراً، وقد تتغيرّ أمور كثيرة في حياتنا لكنها لا تحدث تطويراً. وفي الواقع يخضع الفعلان للدراسات، وتختلف الآراء بشأن التغيير، فيرى البعض أن التغيير، حتى لو كان للأسوأ أفضل من الثبات، ويعارضهم آخرون بأن الثبات قد لا يحمل خسارات بينما التغيير للأسوأ يحملها. بينما لا يختلف الناس على فعل التطوير، ويرونه حسناً مهما كان مستواه وأثره. 

 ومن هنا نسأل، منطلقين من الجدليتين، هل الإبقاء على المناهج التعليمية على ثباتها أفضل من تغييرها؟ مع احتمال أن يحمل التغيير أضراراً وليس تطوّراً، في الوقت الذي يحذر التربويون من المغامرة في الميدان التعليمي بشكل خاص، ويرون أن الثبات والمراوحة في واقع مقبول أفضل من المغامرة غير مأمونة العواقب، متجاهلين حقيقةً تقول إن الثبات على أمر يقود بالضرورة إلى السكون وعدم التطوير، بينما العالم يتحرك من حولنا، ولهذا تستحق بعض الأمور المجازفة مع الحرص على دراستها بشكل واف.

 وللخروج من هذا التنظير إلى الواقع، الذي يتغيّر باستمرار، ولا ينتظر أحداً، بل لا يستشير أحداً، لنسأل مرة أخرى: هل المناهج التعليمية، على عمومها، تستجيب للتغيير الحاصل في العالم؟ نقول التغيير، لأن ليس كل تطوير يحمل إيجابيات، التطوير في مكان، قد يعدّه آخرون في مكان آخر سلبياً، لا سيما في فضاءات السلوك الإنساني والقيم المستحدثة الناجمة عن إطلاق حرية الفرد بلا قيود، حتى هذا الأمر يجب النظر إليه ونحن نفكّر في تطوير الميدان التعليمي والتربوي في الحياة، وهذا يقودنا إلى معنى المسؤولية وحدودها، المسؤولية الفردية والأخرى الجماعية، وعلاقتها بالعادات والتقاليد والشخصية الوطنية. 

ونعود فنسأل، ونحن في عالم مفتوح على مصاريعه، حيث وسائل التواصل الاجتماعي، وثورة الاتصال والتواصل، وحيث انفجار المعلومات وتوفرها للجميع، والتي باتت تشكّل تحدياً لكل العادات والتقاليد في أي مجتمع، شرقي أو غربي: ماذا يجب أن نُعلّم، وماذا يجب أن نتعلّم، وكيف نقوم بالوظيفتين، مع الأخذ في الاعتبار، عملية التأثير والتأثر؟ يمكننا الانطلاق من هنا نحو التحديات التي تواجه أولي الأمر في زمن مفتوح بات بلا جهات ولا حدود، وتواجه أولياء الأمور كل يوم، وفي أدق تفاصيل الحياة، ونطرح مرة أخرى جمهور التغيير أو التطوير، هل هم الأجيال الصاعدة، بمعنى هل هم التلاميذ والطلاب، أو أولياء الأمور والأسرة بشكل عام، وهل يجب أن تكون هناك برامج موجهة لكل طرف، أم أنه بالإمكان تصميم برنامج واحد للطرفين؟

 تلك تساؤلات بسيطة ومشروعة لكل متأمّل في العملية التربوية، التي تواجه كل يوم تحديات جديدة، إن كان للفريق التربوي، المنهجي أو الإداري، أو المتلقّين من الجانبين. وتفرض هذه التساؤلات الواقع المتغيّر، بحمولاته الإيجابية والسلبية، وبنظمه القيمية والعلمية، حتى أن البعض يقف مذهولاً أمام تسارعه، وانتقاله من مرحلة إلى أخرى، حيث تحمل كل مرحلة جديداً.

 وأعود إلى العملية التعليمية والتربوية، هل تُثار هذه المحاور في الصروح التعليمية والتربوية؟ وهل يمكن مشاركة الطلبة بها ضمن مستوى من المستويات، لرصد أثر العصر الأكثر حداثة على أفكارهم وقيمهم وطموحاتهم، وعلاقاتهم بالآخر؟ أعتقد أنه لو فُتحت هذه المحاور مع الطلاب قد نحصل على إجابات مدهشة تعين المعنيين بالتغيير أو التطوير في تصميم المناهج، وسيدرك هؤلاء أن الليونة في المحتوى وعدم الجزم في الأمور، خاصة التربوية، ستكون عنصراً مهماً في نوعية المحتوى وكميته، وفي أساليب التعليم أيضاً، وسيدركون أيضاً أهمية مواصلة الاستماع للمتعلّمين، لأنهم، على حداثة سنّهم، سيشكلون المقياس والمعيار.. والحديث مفتوح.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4bswmhad

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"