عادي
المصائب لا تأتي فُرادى

«كريدي سويس» متهم بإخفاء ثروات الأمريكيين عن أعين الضرائب

23:11 مساء
قراءة 4 دقائق

إعداد: هشام مدخنة

اتهم تقرير جديد صادر عن اللجنة المالية بمجلس الشيوخ بنك «كريدي سويس» بانتهاك شروط اتفاق يعود لعام 2014 بين البنك ومصلحة الضرائب الأمريكية، يتم بموجبه مقاضاة الأثرياء الأمريكيين المتهربين من دفع الضرائب وتُتخذ إجراءات صارمة بحقهم.

وأورد التقرير، الذي صدر يوم الأربعاء، تفاصيل نتائج تحقيق اللجنة الذي استمر لمدة عامين، واتّسم بأهمية أكبر لاحقاً، بالنظر إلى الأزمة المصرفية الأخيرة التي ضربت القطاع. مما قد يفاقم المشاكل التنظيمية والقانونية للمالك الجديد بنك «يو بي إس» الذي استحوذ على كريدي سويس في خطة تم ترتيبها على عجالة مع المركزي السويسري، الذي ضخ بدوره أكثر من 100 مليار دولار من السيولة في وقت سابق من هذا الشهر.

ومن غير الواضح بعد مقدار المسؤولية المحتملة التي سيتعرض لها «يو بي إس» نتيجة التقرير، إلا أن المحامين يجادلون بأن البنك يجب أن يدفع ما يصل إلى 1.3 مليار دولار.

إخفاء الأصول

ووفقاً لمصرفيين سابقين في «كريدي سويس»، تحدثا بشكل حصري مع «سي إن بي سي»، لطالما اعتُبر البنك السويسري ملاذاً آمناً للعملاء الأمريكيين الأثرياء الذين يرغبون بإخفاء أصولهم عن مصلحة الضرائب، وهو مستمر بذلك على الرغم من اكتشاف المنظمين الأمريكيين الخروق السابقة ومقاضاته لذات الأمر منذ أكثر من عقد.

في غضون ذلك، كشف تحقيق اللجنة المالية بمجلس الشيوخ أن «كريدي سويس» مكّن ما يصل إلى 25 عائلة أمريكية من إخفاء ثروات بأكثر من 700 مليون دولار في أروقة البنك خلال السنوات التي أعقبت اتفاق الإقرار بالذنب.

وكان المقرض السويسري «اعترف بذنبه» في عام 2014، حين وُجهت له تهم جنائية بمساعدة آلاف العملاء الأمريكيين «عن قصد ومعرفة» في إخفاء أصولهم الخارجية ودخلهم عن مصلحة الضرائب، وبأنه استخدم في ذلك الوقت كيانات وهمية، ودمر سجلات الحسابات، وسلّم الأموال باليد للعملاء الأمريكيين.

وعلى الرغم من كشف البنك للعديد من الحسابات الأمريكية المعنية وإغلاقها بعد اتفاق 2014، فإن بعض المصرفيين، وبحسب إفادة المبلغين عن المخالفات، نسّقوا مع عملاء أمريكيين من أصحاب الثروات العالية على إبقائهم في البنك، من خلال تغيير جنسياتهم المدرجة في حساباتهم. وفي حالات أخرى، مساعدة عملاء آخرين على نقل الأموال إلى بنوك ثانية من دون إبلاغ السلطات الأمريكية بهذه التحويلات.

وبعد التحقيقات والأدلة الدامغة في ذلك الوقت، وكجزء من صفقة الإقرار بالذنب، وافق كريدي سويس على اتخاذ إجراءات صارمة بحق المتهربين من دفع الضرائب في الولايات المتحدة، كما وافق أيضاً على مجموعة من الإصلاحات، بما في ذلك الكشف عن أنشطته عبر الحدود، والتعاون مع السلطات عند طلب أي معلومات، من بين أمور أخرى.

استمرار الخروق

يثير التقرير الجديد، بحسب محققين في مجلس الشيوخ، تساؤلات حول حجم الأموال الأمريكية المتبقية والمخبأة داخل خزائن أحد أكبر البنوك التي هز فشلها أسس النظام المصرفي العالمي.

وكشف رون وايدن، رئيس اللجنة المالية في المجلس، تلقي اللجنة معلومات جديدة من كريدي سويس قبل أيام حول حسابات أمريكية إضافية غير معلنة احتفظ بها البنك بعد اتفاق عام 2014.

وقال وايدن: «لا يزال الخرق مستمراً حتى اليومين الماضيين فقط، لقد تم اكتشاف المزيد من الأموال المخبأة، وقد حان الوقت لمقاضاة المسؤولين عن ذلك والتأكد من إنزال أقصى العقوبات بحقهم».

وأوضح أحد مساعدي اللجنة المالية، أن موظفي كريدي سويس ساعدوا وحرضوا على مخطط تهرب ضريبي جنائي كبير. دون أي عواقب رادعة بحقهم من حكومة الولايات المتحدة حتى الآن.

استرداد

ولفت المدعي العام السابق بوزارة العدل جيفري نيمان، بأن الاحتيال لا يزال مستمراً ويجب على الوزارة استرداد 2.6 مليار دولار كغرامات وافق البنك على دفعها في عام 2014، لكنه في النهاية لم يفعل، ليفرض القاضي الفيدرالي غرامة قدرها 1.3 مليار دولار فقط في ذلك الوقت.

وأضاف نيمان: «أعتقد أن بنك كريدي سويس على دراية بالأمريكيين الذين ما زالوا يخفون أموالهم حتى اليوم. وهو يفعل كل ما في وسعه لاحتواء هذا الضرر مهما كان».

وأشار محقق آخر: «لقد ظنوا أن بمقدورهم الإفلات من العقاب، وفعلوا ذلك إلى حد كبير. والمسألة الآن ليست ما إذا كانت البنوك السويسرية تواصل تلك الخروق؛ بل من هي البنوك التي لا تزال تفعل ذلك؟».

نفي وتعاون

وأوضح أول مُبلغ عن المخالفات، بأن السرية تقود الصناعة المصرفية السويسرية بأكملها. مثيراً أسئلة مهمة أمام اللجنة المالية مفادها: «لماذا البنوك السويسرية أغلى بكثير من غيرها؟ ولماذا تدفع أكثر مقابل عائد ضعيف على الأصول المودعة، في حين أن بإمكانك اختيار أي مكان في العالم؟» ليجيب: «إذا كان العميل لا يُخفي أصولاً في سويسرا، فلا يوجد سبب آخر لوجوده هناك».

لكن متحدثة باسم كريدي سويس نفت ذلك، أشارت في بيان إلى «سي إن بي سي»، بأن البنك لا يتسامح مع التهرب الضريبي، وبأن فريق قيادة البنك الجديد يتعاون مع اللجنة. وقالت: «قدّم كريدي سويس الدعم اللازم لجهود السيناتور وايدن، بما في ذلك ما يتعلق بالحلول السياسية المقترحة للمساعدة في تعزيز قدرة الصناعة المالية على اكتشاف الأشخاص الأمريكيين من أصحاب الثروات غير المعلن عنهم». مضيفة أن سياسة البنك تتطلب منه إغلاق الحسابات غير المصرح بها عندما يتم التعرف إليها، ومعاقبة الموظفين المسؤولين عن ذلك.

زيادة الضغط

في حين أنه من القانوني للأمريكيين الاحتفاظ بأموالهم في حسابات بنكية أجنبية، إلا أنه يجب عليهم تقديم وثيقة إفصاح إلى مصلحة الضرائب، تسمى «تقرير الحسابات المصرفية والمالية الأجنبية»، لتوضيح الأصول ودفع الضرائب على أي مكاسب ذات صلة.

وفي حالة كريدي سويس، لا ترى اللجنة المالية بمجلس الشيوخ أن المدعين الأمريكيين قطعوا شوطاً كافياً في محاسبة البنك السويسري المتعثر، وبأنه يجب على وزارة العدل تعديل طريقة إشرافها المتساهلة عليه ومحاسبته عن أي انتهاكات لاتفاق الإقرار بالذنب لعام 2014. التقرير هو جزء من حملة لزيادة الضغط على الوزارة لاتخاذ إجراءات صارمة ضد البنك، خصوصاً بعد الاستحواذ الأخير عليه من قبل مواطنه «يو بي إس».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/wmjtyeut

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"