عادي
ملتقى الشارقة للإعلام الأسري يختتم أعماله

الشيخة جواهر: زيادة المخاطر المحيطة بالأسرة تهدد استقرارها

20:37 مساء
قراءة 7 دقائق
1

الشارقة: «الخليج»

قالت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، في الشارقة، في ختام ملتقى الشارقة للإعلام الأسري الثالث:

 «يأتي ملتقى الشارقة للإعلام الأسري في وقت تزداد فيه المخاطر المحيطة بالأسرة، والمهدِّدة لاستقرارها لأسباب عدة، أهمها ما نتلقاه عبر وسائل الإعلام المختلفة من تحدّيات صعبة تجعل الأجيال في مواجهة تحديات قيمية، بين ثقافة ذات هوية دينية واجتماعية ووطنية يُراد أن ينشأوا عليها، وثقافة أخرى تتصف بجاذبية يراد بها لفت الأنظار إليها، والتعايش معها، والاستغراق في مفهوماتها وتطبيقاتها.

أضافت سمو الشيخة جواهر: ومع تطور هذه الثقافة، يبدأ الذكاء الاصطناعي بملاحقة مشاريع التنمية التي تضع الإنسان في مقدمة الاهتمام والرعاية.. الاهتمام بفكره وثقافته، بصحته وعافيته، الاهتمام بحاضره ومستقبله.. وقد يأتي هذا الذكاء موفّراً مزيداً من الراحة والرفاهية للمجتمعات، وأساليب أكثر سهولة، في التعليم والطب واستخدام مرافق المنازل والمكاتب، التي ترافق الإنسان فيه مساعدة افتراضية، وفي غير ذلك من مرافق الحياة الأخرى.. ولكن ماذا عمَّ سيحمله للسلوك السّوي، والفكر المتزن، والإنسان المعافى من العقد النفسية والذهنية؟

 ما زلنا في الحديث عن الإعلام الرقمي، وأثره في أمان الأسرة وقيمها، وهو أمر واقعي، ومهم أن نطرح فيه الآراء والأفكار لنحمي هذا الكيان من الانهيارات المستمرة.. ولقد علمت من الملتقى أن إحصائية تقول إن هناك 64% من الطلاق المبكر للمتزوجين لمن هم أقل من 25 عاماً في الشارقة وحدها، حسب ما ذكرته الدراسة، هل نعتقد أن الذكاء الاصطناعي سيجلب لنا حلاً لهذا الوضع المتردي، ليس في الشارقة وحدها، ولا في دولة الإمارات، بل في العالم العربي كله؟ نحن إزاء مخاطر تتفاقم، وتأتي في صورة ذكاء لا نعلم إلى أي مستقبل سيأخذنا، فالظاهر أنه سيأخذنا إلى تطورات مهولة، وقد بدأت بوادره، وهي تطورات إن كانت لمصلحة الإنسان والأسر والمجتمعات البشرية فمرحباً بها، ولكن هل سيهمّه أن يحافظ على القيم الأخلاقية؟ هل سيبقى شأن لبِرّ الوالدين، واحترام المُسن، والاعتناء بالطفل، وإعطاء اليافع حاجته من الاهتمام، وتطوّر التعليم، وتعزيز السلوكات الصحية، والانتماء، ونشر المحبة والتعارف الإنساني القائم على الاحترام مهما كان الاختلاف؟ هل سيعمل على ذلك؟

إن القلق يمتد إلى وضع الحالة الاقتصادية للأسرة إذا حلّت الشخوص الافتراضية للذكاء الاصطناعي مكان الإنسان في الوظيفة، والتحدي الذي سيواجهه ربّ الأسرة وهو يسعى لتوفير سبل العيش الكريم لعياله.

 إنها أسئلة المستقبل الذي ننتظره، ففي مجتمعنا قيم ما زلنا نستظل بجمالها، ونسعى جاهدين لتربية الأبناء عليها، وسيبقى هذا السعي مستمراً مواجهاً لكل التحديات التي تواجهنا، وتواجه مسؤوليات الأسرة خاصة، من هنا يأتي الدور غير العادي للإعلام بكل وسائله (الرقمية والتقليدية)، في إحاطة الأفراد والأسَر والمجتمع بكل جديد، والاستعانة بالخبراء في التوجيه إلى أفضل السبل للتعامل مع الذكاء الاصطناعي، حتى يكون سبباً في الاستقرار، وتحقيق المزيد من الأمان النفسي والاجتماعي والاقتصادي، ونعوِّل على المؤثرين الإعلاميين الجادين في هذه التوعية، واستثمار حضورهم الإعلامي، وثرائهم الثقافي في التعليم والتدريب والتوجيه، تدعمهم قرارات مهمة تُتخذ في هذا الجانب».

على صعيد متصل، واصل ملتقى الشارقة للإعلام الأسري الثالث الذي نظمه المكتب الثقافي والإعلامي في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة، جلسات وورش الملتقى في يومه الثاني، والأخير.

 وكانت أولى الجلسات ضمن المنصة الإثرائية، وضمت أوراق عمل عدة، وهي: استثمار وتأهيل الكادر البشري الملائم لرسالة الإعلام الأسري، وقدمها الدكتور سالم السالم خبير الموارد البشرية، وقدم الدكتور هشام عباس عميد كلية الاتصال بالجامعة القاسمية ورقة عنوانها «تأهيل طالب الإعلام لمراعاة قيم الأسرة في عمله المهني«»، فيما تحدث من مصر عبر الأون لاين المذيع أحمد رافت، الملقب بمذيع الشارع، عن تجربته في برامجه التي قدمها على مواقع التواصل الاجتماعي والمحطات التلفزيونية، وأدارت الجلسة الإعلامية عائشة عثمان.

 وتحدث د. السالم عن مملكة بوتان كنموذج للقيم والمبادئ الأسرية، ووصفها بالمنسيّة على جغرافية المكان، وتمارس عزلتها في هدوء وقناعة، على جبال الهملايا بين الهند والصين، مشيراً إلى أن شعبها هو من أسعد شعوب العالم، وأكثرها طمأنينة، لأنه أخذ بأسباب التطور وثوراته المعرفية والمعلوماتية، لكنه يستثمر في قيمه وأخلاقه، ويحوّلها إلى طاقة يومية خلاقة.

 بدوره، أشار د. عباس في ورقته إلى توضيح واقع مساهمة مناهج كليات وأقسام الاتصال والإعلام في الجامعات الإماراتية في دمج مفاهيم الإعلام الأسري في البرامج والخطط الدراسية، إضافة إلى تعمقها في مفهوم الإعلام الأسري، وفك الارتباط بينه وبين التربية الإعلامية والإعلام التربوي.

 وأكد أن الإعلام الأسري، لأهميته، يمكن أن يكون فرعاً كاملاً من الإعلام المتخصص، جازماً بأنه يواجه تحديات في ممارسته العلمية وفي استثمار الفرص، وأكد ضرورة إنشاء كليات منفصلة للإعلام الأسري.

 وتحدث أحمد رأفت عن تجربته في برامجه الإنسانية التي يقدمها، ومنها برنامج مذيع الشارع، وجبر الخواطر عبر قناته على «يوتيوب»، مؤكداً أن برنامج مذيع الشارع، أحدث دوياً إنسانياً كبيراً في الشارع، لما يحمله من معان وقيم ورسائل إنسانية بسيطة من العفة والرضا والقناعة.

 وقدمت منصة الخبرات جلسة حوارية «بين الإعلام والأسرة»، شارك فيها فهد هيكل، د.أميمة أبو الخير، د.نوال عسكر، بدر الشمري. وأدار الجلسة د. عبد السلام الحمادي، وطرحت الجلسة محاور عدة، منها: التحديات والفرص في الممارسة العملية، وعلاقة متخصص وممارس العلوم الأسرية بالإعلام.

 وتحدثت د. أبو الخير عن أبرز التحديات التي تواجه المتخصصين في مجال العلوم الأسرية وكيفية التعامل معها، حيث قالت: «لا يمكننا، كباحثين وأكاديميين، تجاهل المشكلات والتحديات التي تواجهنا، ونحاول أن نبذل جهداً كبيراً لمواجهتها، خاصة مع تطور الاتصالات والتكنولوجيا اليوم، وانفتاحنا على العالم الخارجي، لذا علينا أن نستثمر كل المقومات المتاحة، ونبذل جهوداً أكبر لتشكيل وعي مجتمعي وأسري قادر على التمييز بين الصواب والخطأ».

 وتحدث هيكل عن الفرصة غير المستثمرة حتى الآن من الممارسين في مجال صناعة الوعي وتعزيز القيم الأسرية، حيث قال: «ما نحتاجه هو القيم والأخلاق لنرتقي بالمحتوى الإعلامي المقدم مهما اختلفت الوسائل، وهذه القيم تنبع من التلقائية التي تغرس فينا من الأسرة، وتحديداً من الأم، ومن ثم الأب، فهي تفاصيل مهمة لكن لا يمكننا تعلّمها لا من المدارس ولا الجامعات ولا الأسرة».

 وأضاف، نحتاج لإعلام هادف موجه قادر على صناعة الوعي. واليوم، ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت صناعة الوعي في يد الأفراد، ولنتحكم في الأمر ونتخلص من أي محتوى تافه، علينا أن نعلّم أبناءنا كيفية صناعة محتوى أخلاقي هادف.

أما د.نوال عسكر فتحدثت من واقع تجربتها كعضو في هيئة التدريس في كلية الإعلام، عمّا يمكن تقديمه للطلبة حتى يقتربون من تناول القيم الأسرية في مجالهم المهني ورسالتهم الموجهة للأسرة، قائلة: «يجب أن تكون الرسالة واضحة ومؤثرة كي تصل للمتلقي، عدم الوضوح سيسبب خللاً، ولن تصل الرسالة، الوسيلة مهمة جداً، وعلى الأسر عوضاً عن تجاهل أو رفض وسائل التواصل الجديدة أن تستفيد منها لتحقيق تواصل أكبر مع الأبناء».

 فيما تحدث بدر الشمري عن دور الأسرة المهم في التوجيه والدعم، وأشار إلى رفض أسرته في البداية لأن يكون له حساب خاص، وبعد نجاح الشمري، وتأكدت أسرته من أن محتواه جيد ومؤثر، بدأت بتشجيعه ودعمه.

  من ثم قدمت المنصة التفاعلية جلسة بعنوان «الشبكات الإخبارية والإعلام الأسري»، شارك فيها عدد من ممثلي الشبكات الإعلامية، منها الشارقة للأخبار الإعلامي يمثلها فيصل الحمادي مدير إدارة الإعلام الرقمي في هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، ومن صحيفة رؤية الإمارات المستشار الإعلامي عبدالله الشحي، ومن خلال المنصة الافتراضية شاركت الإعلامية سارة درويش من مؤسسة اليوم السابع، وأدار الجلسة الإعلامي أحمد لوتاه.

وقدم المشاركون نبذة عن المؤسسات التي ينتمون لها، وآخر منجزاتها، وكذلك سياسة النشر المنفذة في عمل الشبكة، خصوصاً ما يرتبط بالأسرة والطفل، وأيضا ًتوصيات ومقترحات بشأن زيادة الوعي الأسري من خلال تغطيات ومخرجات الشبكة، وأبرز التحديات والفرص في الممارسة المهنية لأعضاء الشبكة، وكيفية مناقشة قضايا الطفل الإماراتي والطفل العربي بعيون الشبكات الإخبارية.

 بدوره أعلن الشحي عن إنشاء منصة متخصصة بشأن الطفل تعد الأولى من نوعها على مستوى الدولة، بالتعاون مع الجهات المعنية بدولة الإمارات العربية المتحدة.

 كما قدمت المنصة التأهيلية ورشتي عمل، الأولى صناعة التأثير النفسي في برامج الإعلام الأسري، وقدمها الإعلامي د.سعيد العمودي، ودارت حول تأثير الألوان وحركة الجسد، والثانية بعنوان كيفية إدارة المؤسسات الإعلامية والإنتاج البرامجي، وقدمها الإعلامي محمد غانم، وكانت حول أهم الأسس التي تتبعها المؤسسات الإعلامية لتحقيق النجاح.

ضرورة بناء منهج للتربية الإعلامية

 اختتم الملتقى بجملة من التوصيات، هي توجيه رسالة شكر من المشاركين لقرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، على رعايتها للأسرة واهتمامها ببرامج توعيتها، وأسباب استقرارها، ودعمها لأداء رسالتها وقيم تماسكها، وضرورة بناء منهج للتربية الإعلامية، تبدأ من رياض الأطفال، وحتى التخرج في الثانوية العامة، بأسلوب جاذب مبنيّ على القيم بطريقة غير مباشرة، وتطوير المهارات الرقمية لدى طلاب الجامعة من خلال تعليمهم مهارات الإعلام الأسَري، والتطبيقات الرقمية لإنتاج المحتوى الإعلامي المراعي لقيم الأسرة، وبناء برامج توعية للأسرة بعدم استغلال الأطفال في مواقع التواصل الاجتماعي بأسلوب لا يتناسب مع الخصائص النفسية والنمائية للطفل، وبناء هيئة رقابية تعمل كدرع واقية من الإعلام السلبي (الرقمي وغيره)، الموجّه للأسرة والطفل.

كما أوصى بأن على الأسرة أن تقوم بواجباتها ومسؤولياتها الكبيرة في حماية أبنائها من هجمات إعلامية مغرضة، وأن تعيش قيم التماسك الأسرية، وتحافظ على العلاقات الودية بينها وبين الأبناء، وأخيراً السيطرة من قبل هيئة الاتصالات على مواقع مضرّة بالأسرة، خاصة الأطفال واليافعين، والحد منها، ومنعها من بث موضوعات تؤثر سلباً في قيم الأسرة والأفراد فيها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mvyznn96

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"