عادي
كيف نختار كتابنا؟

مسالك لا نهائية

22:25 مساء
قراءة 6 دقائق

القاهرة: وهيب الخطيب

كيف نختار الكتاب الذي نقرؤه؟ في الماضي كانت هناك الكثير من نوادي القراءة، وكانت هناك تجمعات يتم تداول الكتاب فيها، ومن ثم نشره على نطاق أوسع، فضلاً عن القراءات الجمالية والتحليلية التي كان يقوم بها النقد. الآن هناك مواقع التواصل وقوائم الأكثر مبيعاً، وبعض الصحف التي لا تزال تقدم تلك الخدمة، أي التعريف بالكتاب وعرضه، مسألة اختيار الكتب معقدة وعلى مستويات كافة، بالنسبة للقارئ المبتدئ، وحتى القارئ المتمرس، الأول هناك عادات وسلوكيات وتجارب لا بد أن يمر بها حتى يختار الكتاب الذي يحببه في القراءة، والثاني صعب المراس وخبراته علمته أن لا قوائم الأكثر مبيعاً أو عنوان الكتاب أو ما كتبه الناشر على غلافه بإمكانها أن تؤكد أن هذا الكتاب جيد أم لا.

لا يكف الإنسان عن البحث للعثور على الكتاب المثالي، سواء كان قارئاً نهماً، أو مجرد محب للاطلاع، أو باحثاً عن شيء يمرر به وقت البقاء في القطار، مثلًا، لكنّ هذه العملية البحثية مسألة ليست سهلة، واختيار كتاب جيد للقراءة يبدو مهمة شاقة، خاصة مع وجود عدد لا نهائي من الإصدارات للاختيار من بينها.

ويظل سؤال: ما الكتاب الذي يجب أن أقرأه؟ واحداً من الأسئلة الأكثر شيوعاً التي يجري طرحها على الكتّاب والصحفيين والمهتمين بالشأن الثقافي. وفي أغلب الأحيان، ينقسم الذين يوجهون هذا النوع من اﻷسئلة إلى فئتين، اﻷولى أولئك الذين يحبون القراءة ويرغبون في طلب نصيحة بشأن الكتب الجديدة؛ والثانية أولئك الذين لا يقرأون كثيراً، بالتالي لا يعرفون كيف يجدون كتاباً لأنفسهم.

وليس هناك من ينكر ما غيّرته التكنولوجيا في حياتنا، خاصة الطريقة التي نتعاطى بها مع وسائل المعرفة ووسائط التثقيف، فكما أن للصحف قنوات توزيع افتراضية، هناك نسخ افتراضية من الكتب. بالتالي حديثنا هنا ليس عن الكتاب الورقي أو الإلكتروني، إنما عن اختيار الكتاب أياً كان شكله، ورقياً أوإلكترونياً أو مسموعاً.

نصائح للمحترفين

بالنسبة ﻷولئك الذين يمارسون القراء دوماً، بالتالي يسعون لمعرفة الجديد، يقدم اﻷمريكي كيم جيلينجهام والمتخصص في المكتبات والمعلومات، على موقعwikihow، عدداً من النصائح، تشمل: اختيار كتاب من النوع أو الموضوع الذي يثير اهتمام القارئ. كذلك هناك نصائح بشأن سؤال الأصدقاء والعائلة وبائعي الكتب والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي عن توصياتهم بشأن الكتب والإصدارات الجديدة والمثيرة، فضلاً عن اللجوء إلى تطبيقات مثل Goodreads وBookRiot للعثور على قوائم الكتب لجميع التفضيلات.

وعلينا أن نلاحظ أنه في عصرنا الحالي، تلزمنا الكثير من مواد القراءة، إذ بات الفرد مستهلكاً للقراءة، سواء بمطالعة الكتب أو المطبوعات، أو منشورات الإنترنت، لكن يظل للكتاب بريقه الخاص، وقراءته تمثل متعة لا يعرف مذاقها إلا ممارسوها والمعتادون عليها.

وبحسب المتخصصة في الدراسات النفسية سودي هامال، فإن واحداً من الخيارات السهلة بالنسبة إلى لمحبي القراءة للعثور على كتابهم، هو البحث عن إصدارات وكتب المؤلفين المفضلين، أي حين يقرأ شخص ما لكاتب إصداراً أوإصدارين ويعجب بهما، فلماذا لا يكمل قراءة أعمال هذا المؤلف؟ ومن ثمّ يبدأ بالبحث عن القائمة الكاملة لمؤلفات هذا الكاتب. وإذا كان هناك أكثر من مُؤلِّف مفضل فيمكن البحث عن أفضل كتابات «قائمة المؤلفين المفضلين».

وتضيف هامال إلى ما سبق، استراتيجية يمكن استخدامها لاختيار كتاب من قائمة القراءة الخاصة بالقارئ، وهي التفكير في مدى ملاءمة الكتاب الذي يقرأه للفترة الزمنية الحالية من حياته، من خلال ملاحظة حالته المزاجية، ومستويات التوتر، ومستوى الانشغال، ومجالات الفضول والاهتمام الراهنة.

وعلى الرغم من أن اقتناء الكتب والإصدارات مسألة محببة لدى القراء، فإن هامال تحذّر من «الهوس بعدد الكتب»، فأحد عيوب إنشاء قوائم قراءة شاملة، الذي يمكن أن يثبط عزيمة القارئ، هو امتلاكه كماً هائلاً من الخيارات التي تنتظر قراءتها، ما يجعله يشعر بالإرهاق والعجز. بهذا المعنى، يمكن أن تبدو قراءة الكتاب كأنها مهمة يجب إكمالها على نحو روتيني.

أما الفئة الثانية، غير المهتمة بالقراءة كنشاط معتاد، أي أولئك اﻷشخاص الذين لا يحبون القراءة ومع ذلك يرغبون في البدء بها، من دون معرفة أين تكمن البداية، أو كيف يجد الواحد منهم كتاباً لنفسه، لذا يقدم موقع lilbutmightyenglish، ثماني نصائح للمساعدة في اختيار الكتب.

أولى هذه النصائح، طرح سؤال «ما الذي يجعلك سعيداً؟»، أي إذا كانت لديك هواية مفضلة، فابحث عن كتب عن هذا النشاط. هل أنت من عشاق الرياضة؟ هل أنت من متابعي أحد المشاهير؟ وهل لديك فيلم أو مسلسل تلفزيوني مفضل؟ هل هناك بعض الوظائف التي تهتم بها؟ النقطة المهمة هي أنه يمكنك العثور على كتب حول أي شيء تريده تقريباً، ومن المرجح أن تستمتع بقراءة كتاب إذا كنت مهتماً بالفعل بموضوعه.

النصيحة الثانية تشمل أن يسأل القارئ نفسه: هل أبحث عن كتب خيالية أم واقعية؟ أي هل يبحث عن الروايات والقصص والكتابات اﻷدبية، أم أنه يبحث عن الكتب التاريخية والسير الذاتية والNon-fiction؟

وعلى الرغم من أن القول المأثور يؤكد ألا نحكم على الكتاب من عنوانه، فإن النصائح تشمل ضرورة أن «تحكم على كتاب من غلافه»، فبالنسبة للقراء الجدد، عندما يتعلق الأمر باختيار الكتب واستكشافها لقراءتها، فإن الحكم من خلال الغلاف «أمر موصى به»، إذ إن قراءة كتاب جميل من الناحية الجمالية يضيف الكثير إلى تجربة القراء.

وبافتراض أنك وجدت كتاباً يبدو لطيفاً بالنسبة لك، فإن الشيء التالي الذي يجب عليك فعله هو إلقاء نظرة على الدعاية، أو الملخص، عبارة عن وصف قصير وملخص للكتاب، وغالباً ما يمكن العثور عليه في الجزء الخلفي من غلاف الكتاب. أو ما يعرف بالنبذة أو المختصر، وقراءتها بعناية هي النصيحة الرابعة.

تحلَّ بالصبر

وفي النصيحة الخامسة يقول التقرير «تحلّ بالصبر، امنح الكتب فرصة». فإذا كنت مهتماً بالغلاف والنّبذ فاقرأ الصفحات، أو الفصول القليلة الأولى من الكتاب لمعرفة ما إذا كنت ترغب في مواصلة القراءة. امنح كل كتاب اخترته فرصة، فقد تتطور بعض القصص بشكل أبطأ من غيرها، وقد تبدأ ببطء لكنها تسرع وتثير حماسك لاحقاً، لذلك لا تتخلّ عن كتاب من مجرد قراءة الأسطر أو الصفحات القليلة الأولى.

أما النصيحة السادسة فحملت عنوان «مقايضة الكتب»، وتعتبر المقايضات طريقة أخرى يمكن من خلالها العثور على كتاب للقراءة. ويقصد بها تبادل الإصدارات مع الأصدقاء، أو أفراد اﻷسرة، ومن الممتع دائماً رؤية ما يقرأه الآخرون، حتى لو لم يكونوا من المثقفين.

ويواصل التقرير نصائحه: قد يكون طلب المساعدة من خبير أمراً مفيداً أيضاً. وتُعد مكتبة مدرستك أو حيّك مكاناً رائعاً للعثور على الكتب التي ستعجبك، ولا يتعين عليك البحث بنفسك. أخبر أمين المكتبة عن اهتماماتك، مثل أفلام الإثارة والجريمة، أو الأحداث التاريخية، أو كل ما تريده، وأسماء بعض الكتب التي قد تعجبك بالفعل. إذ يمكن أن يساعدك الموظف المسؤول في العثور على كتب أخرى قد تعجبك أيضًا.

أخيراً، يمكن دائماً الاعتماد على الإنترنت في البحث. وهي النصيحة الثامنة، ولنتذكر أنه مع ظهور الإنترنت ومساعدة هواتفنا وأجهزة الكمبيوتر لدينا اليوم، أصبح بإمكاننا الوصول إلى مكتبات كاملة، حاول البحث عن مراجعات على هذا الكتاب عبر الإنترنت. لذلك لا تخَف من عدم معرفة الكتب الموجودة هناك؛ يمكن أن يكون العثور على كتاب لنفسك أسهل بكثير بمساعدة الإنترنت بمجرد بدء البحث.

وعلى قدر ما تحقق القراءة من متعة وإفادة، فهي مهمة تحتاج إلى التدريب، وهي مسألة يمكن غرسها منذ الصغر، وبالتالي يهتم اﻵباء والأمهات بتعليم أبنائهم القراءة، وإن واجهتهم أيضاً إشكاليات تخص كيفية اختيار كتب للأطفال، أو المراهقين، سواء حسب العمر، أو وفقاً لنوعية الإصدارات ذاتها

وعندما يواجه الفرد بحراً من الاحتمالات في اختيار كتب الأطفال، هناك بعض الأساسيات التي يجب وضعها في الاعتبار لمساعدته في تقييم جودة الكتاب ومدى ملاءمته، وهي معايير وضعتها تقارير تربوية منشورة في مواقع scholastic، وreadingeggs، وleapfrog، وتشمل نصائح بشأن اختيار القصص التي تحتوي على حبكة مثيرة للاهتمام. والموضوعات التي من شأنها أن تروق للطفل على وجه التحديد، بجانب اللغة الغنية والمثيرة للذكريات، مع مراعاة مستوى القراءة والمفردات المناسبة للعمر، من دون أن تهمل هذه الإصدارات الشخصيات المثيرة للاهتمام التي يمكن تصديقها.

ولا تغفل التقارير المشار إليها الكتب القائمة على الصور والرسوم التوضيحية، إذ تنصح الآباء بالبحث عن الرسوم التوضيحية التي تجذب انتباه اﻷطفال، فالصور الحية والواضحة أمر لا بد منه للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و8 سنوات، وتكون الصور أكثر فاعلية عندما تتوافق مع القصة. كما تعد الكتب الخالية من الكلمات أيضاً مصدراً رائعاً لتطوير اللغة، ما يتطلب من الطفل تفسير الرسوم.

أمر شخصي
في كل الأحوال، مسألة اختيار الكتاب الذي يقرأه الفرد ليست عملية عويصة، فالعثور على كتاب لنفسك يشبه العثور على فيلم، أو مسلسل تلفزيوني جديد لمشاهدته، أو التفكير في ما تأكله في الوجبة، إنه أمر شخصي، وهناك خيارات عدّة، وطرق كثيرة لمساعدتك على اتخاذ القرار.

اقرأ أيضاً:

القارئ في محنة

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2d75pn43

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"