عادي
البطلة أضافت للفيلم أكثر مما أضاف لها

«الأمّ».. المعنى العميق للتضحية

23:22 مساء
قراءة 4 دقائق
1

مارلين سلوم

يصعب عليك أن تتخيل جينيفر لوبيز بطلة غير فاتنة، ولا حسناء تلفت الأنظار وعاشقة، في دور رومانسي أو في كوميديا اجتماعية ظريفة، لذا تجدك متحمساً مقبلاً على مشاهدة فيلم أكشن وجريمة وقناصة وسلاح ومطاردات وقتل، بطلته الأولى والتي تحمل العمل بكامله على عاتقها هي جينيفر لوبيز، بل هي أيضاً العمود الفقري للقصة، وهي «الأم» التي تضحي بكل شيء من أجل ابنتها.

الصورة

هل فصّل بيتر كريج وميشا جرين وأندريا برلوف القصة على مقاس جينيفر لوبيز؟ حتى وإن فعلها هؤلاء الكتّاب، فالأمر لا يعيبهم ولا يعيبها، لأن هذه النجمة أضافت للفيلم أكثر مما أضاف لها، قدمت أداء شديد التميز، بل يمكن القول إنها منحت شخصية «الأمّ» شيئاً من جاذبيتها، أحبها الجمهور فساهمت في إنجاح العمل ربما أكثر مما لو قدمته ممثلة أخرى. يتعمد المؤلفون عدم منح البطلة اسماً، الكل يتحدث عنها بصيغة الضمير «هي» ولاحقاً ب «الأمّ»، الصفة تطغى، منذ البداية ينجذب الجمهور إلى فكرة واحدة، معنى الأمومة الحقيقي، والمعنى العميق للتضحية إلى أبعد حدود، والذي يطغى ويحرك امرأة كانت من القناصة المتميزين في الجيش الأمريكي وعادت من العراق وأفغانستان بذكريات مرّة وأسرار يسعى مكتب الأمن الفيدرالي إلى معرفتها؛ ومن هنا تبدأ القصة ونرى أول مشهد يتم التحقيق فيه مع امرأة لا نرى وجهها، يسألونها عن هيكتور ألفاريز (جاييل جارسيا برنال) وأدريان لوفيل (جوزيف فيين) اللذين عملت تحت إمرتهما في أفغانستان والمتهمين بقضايا كثيرة منها الخيانة والاتجار بالأسلحة السوفييتية. تحاول الإجابة وتبدو حريصة على تنبيههم بأن أدريان سيأتي في أي لحظة، لأنه بلا شك يعلم مكان وجودهم، لكنهم يحسبونها تتهرب من الإجابة إلى أن يقع ما توقعته، معركة لا يخرج منها حياً سواها والعميل ويليام كروز (أوماري هاردويك) الذي تنقذه هي بفعل خبرتها ومعرفتها لطريقة تفكير وتحرك أدريان.

الصورة

3 شروط

وصول أدريان يقلب حياتها رأساً على عقب، إذ يكتشف أنها حامل، فيطعنها بالسكين ليقتل الجنين، بينما تدافع عن نفسها بإعداد مادة حارقة تنفجر في الرجل وتحسبه قُتل. يتم نقلها إلى المستشفى فتلد طفلة سليمة، لكن المكتب الفيدرالي «أف بي أي» يتهمها بالمماطلة بالتحقيق حتى وصول أدريان فتسببت بمقتل العملاء، لذا يحرمونها من طفلتها ويجبرونها على التوقيع على أوراق «التخلي عن الأبوة» فتفرض عليهم في المقابل 3 شروط: إيجاد عائلة محترمة وجيدة لرعاية ابنتها، إرسال صور لها في كل عيد ميلاد لها، وإبلاغها إذا ما واجهت ابنتها أي مشكلة أو خطر. هنا طبيعي أن نتوقع حدوث الشروط الثلاثة، حيث تبتعد «الأم» كثيراً ولا تحاول الاتصال أو التواصل مع ابنتها، تذهب إلى ألاسكا، تعيش وحيدة في بيت معزول، تصطاد الغزلان وترفض قتل الذئاب رغم نصيحة صديقها القديم جونز (بول راسي) الذي كان معها في أفغانستان بأن الناس يدفعون مبالغ كبيرة لمن يصطاد الذئاب؛ امرأة حادة الطباع، قاسية، لا تظهر مشاعرها أبداً، كلامها مقتضب، لكن بعض المواقف تدل على أنها تخفي خلف قناع القسوة حناناً وطيبة ورأفة، فهي ترفض أن تقتل الذئاب بل تعالج ذئبة أم أصيبت وكادت أن تموت، تضحي بأمومتها من أجل حماية ابنتها ولتبعدها عن أي خطر، حتى عندما يستدعيها كروز لأن ابنتها قد تتعرض للاختطاف أو القتل، تسرع لحمايتها دون أن تتحدث معها أو تخبرها بأي شيء.

الصورة

مرحلة المناورة

عودة الأم تأتي بعد أن تتم ابنتها زوي (لوسي باييز) 12 عاماً، تعمل مع كروز على حمايتها، ورغم ذلك يتمكن أدريان من خطفها، لتبدأ مرحلة المناورة بين الطرفين، ويبدأ الفيلم مرحلة الصعود التدريجي وصولاً إلى الذروة؛ ومع كثرة التفاصيل التي لا يجوز التحدث عنها كي لا نحرق الأحداث لمن لم يشاهد الفيلم بعد، تمر الساعة و55 دقيقة سريعة دون أن يشعر الجمهور بملل أو بتكرار أحداث أو مشاهد. ليس منطقياً أن يبقى أدريان وهيكتور طليقين يصعب على «أف بي آي» معرفة مكانيهما والقبض عليهما، بينما تتمكن البطلة من الوصول إلى معقل أدريان وإنقاذ زوي، كما تواجهه وحدها بعدما نصب فخاً لها ولابنتها ومعهما كروز!.

طبيعي أن يشرد صناع أفلام الأكشن نحو اللامنطق أحياناً، مثل مشهد إعداد البطلة في بداية الفيلم قنبلة مولوتوف بلحظات، من الشامبو والشمعة وهي مختبئة في الحمام كي تنفجر في وجه أدريان فتتخلص منه قبل أن يقتلها، والغريب أن القنبلة تصيبه وتحرق المكان ما عدا البطلة التي لا تبعد عنه سوى خطوات! ربما لو تعمق المؤلفون في الكتابة وتم اختيار نجوم أقوياء للوقوف أمام لوبيز، لتمكن الفيلم من الارتفاع بالمستوى إلى ما هو أكثر من المتوسط. وكما قلنا، لوبيز قدمت أحد أجمل أدوارها، وربما لأول مرة لا نراها الحبيبة والمرأة الأنيقة والجميلة والجذابة، هي أم ومقاتلة شرسة بل امرأة حادة تكاد لا تبتسم سوى في مشهد يتيم. كذلك لعبت الشابة باييز دور زوي ببراعة، وهي ولوبيز تفوقتا على كل من شارك في الفيلم غيرهما، حيث بدا أداء فينيس وجارسيا برنال أقل من عادي.

استغلال الطبيعة ونقاط القوة

العمل كان يحتمل كتابة أكثر ثراء، المخرجة كيكي كارو (مخرجة فيلم مولان) لعبت كثيراً على المشاهد الخارجية، وأجادت استغلال الطبيعة القاسية في ألاسكا، حركة الكاميرا والمطاردات والمعارك أكثر منطقية من مطاردات أفلام الأكشن الأمريكية المشهورة وما أكثرها، تبدو كارو أكثر قرباً من مفهوم المعارك القتالية فطغت على المطاردات في الشوارع والسيارات والدراجات.. كما جعلت من مشاهد القتال على الثلوج والتدرب على القنص حماسية، تصل بالمشاهدين إلى قمة الترقب والتأثر.

لكن تبقى هناك نقاط قوة، حيث من أجمل أجزاء الفيلم تلك المشاهد التي تجمع الأم بابنتها خلال إقامتهما معاً في ألاسكا، ويبدو الثنائي جينيفر لوبيز ولوسي باييز مقنعاً ومتناغماً جداً، والعلاقة بينهما رغم ما يشوبها من قسوة وتوتر إلا أنها منطقية وواقعية تنسجم مع طبيعة الشخصيتين وظروف حياتهما.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/222v56ef

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"