سحر «كامل العدد»

23:13 مساء
قراءة دقيقتين

مارلين سلوم

الجمهور صديق وفيّ للدراما، يحبها، ينتظرها، ينتقدها عند اللزوم ويصفق لها عند اللزوم أيضاً، لكن يصعب عليك أن تفهم مزاجه دائماً، ويصعب عليك أن تتوقع مسبقاً كيف سيتفاعل مع هذا المسلسل أو ذاك، بل قد يخيّب ظنك فيمشي عكس كل التوقعات والمنطق؛ خذ مثلاً مسلسل «كامل العدد» هل توقعت أن يأخذ كل تلك الحفاوة ويتحول إلى ترند منذ أول حلقة وحتى آخر مشهد؟.

«كامل العدد» الذي افتتح الموسم الدرامي الرمضاني قبل أن يحلّ رمضان بيوم واحد، دفعنا إلى مشاهدته الترند وحديث الناس عنه وخصوصاً الشباب، لذا تسرع لفهم سر أي عمل درامي عربي تمكن من جذب هذه الفئة المهمشة وشبه المنسية لدينا، لماذا أحبوه ولماذا يُقبل الجمهور من كل الفئات على الدراما العائلية الاجتماعية الرومانسية أكثر من إقباله على كل قضايا ومسلسلات الثأر والمال والسلطة والخيانة..؟.

جاء «كامل العدد» بعد انتهاء مسلسل آخر أحببناه بشدة وكان حديث الناس أيضاً، «وبينا ميعاد» تأليف وإخراج هاني كمال، كلاهما يعالج قصة اجتماعية متشابهة، تربية الأبناء وزواج الأم مجدداً بعد الطلاق، كذلك زواج الأرمل مجدداً رغم تحمله مسؤولية تربية أولاده.. الشبه بين الحكايتين كبير لكن التفاصيل تجعل لكل عمل جماله وسحره، وكلمة «سحر» مناسبة تماماً للحالة التي خلقتها بعض المسلسلات مثل «موضوع عائلي» و«أبو العروسة» و«الهرشة السابعة» و«مذكرات زوج» و«وبينا ميعاد» وطبعاً «كامل العدد».. فلماذا أحببناها ولماذا نعتبرها «مميزة» وسط الكم الهائل من الأعمال الدرامية التي يتم إنتاجها على مدار العام؟

يشتاق الجمهور إلى الرومانسية، إلى البساطة في تقديم صور من الحياة العائلية «السليمة» بحلوها ومرها بأفراحها ومشاكلها.. يشتاق الجمهور إلى حكايات تشبه أحلامه، فمن قال إننا لا نحلم بالعيش في بيت سعيد هادئ، وأن تعود العلاقات بين الناس طبيعية ودودة محترمة، سئمنا من تحويل البيوت وحوار العائلات كلها كأنها ساحات معارك وبلطجة وشتائم ومخدرات وخيانة.. لا عيب في تجميل الحياة على الشاشة كي نستعيد الجمال في الواقع، لا ضرر من صياغة الحوارات بقلم الحب والاحترام واللباقة، حتى الخلاف لا يخرج عن إطار الأدب وأخذ الحق بحكمة لا بضربة وفرد عضلات وسط الشارع وبالملابس الداخلية كما شاهدنا في أحد المسلسلات.

شكراً لكل من يصنع الجمال على الشاشة، شكراً لكل فريق «كامل العدد»، المخرج الرائع خالد الحلفاوي، والمؤلفتين يسر طاهر، ورنا أبو الريش؛ أداء كل الممثلين ساهم في نجاح هذا العمل، شريف سلامة الذي يثبت تطور موهبته وتميزه بهدوء وبلا صخب، دينا الشربيني، الرائع أحمد كمال، ألفت إمام، إسعاد يونس، الراحل مصطفى درويش، تميم عبده وكل الممثلين الشباب والصغار.. شكراً لاستعادة الدراما سحرها العائلي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8vzyjf

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"