توسيع بؤر التوتر

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

تتعمد الولايات المتحدة خلق بؤر توتر جديدة بهدف محاصرة الدول المعادية لها، وخلق أجواء حرب، من أجل حمل هذه الدول على التراجع عن سياساتها، والإبقاء على هيمنتها الدولية، لعلها بذلك تستطيع تأجيل ظهور نظام دولي متعدد القطبية، أو وضع حد لطموحات تغييره.

تفعل ذلك مع روسيا من خلال حرب أوكرانيا، وتمارس الشيء نفسه مع الصين من خلال رفع منسوب الأزمة التايوانية، وممارسة أقسى أشكال العقوبات الاقتصادية والتجارية ضد البلدين، مع إقامة أحلاف عسكرية جديدة في المحيطين، الهندي والهادئ، على غرار اتفاقية «اوكوس»، وتجمّع «كواد»، وتعزيز الشراكات الأمنية الاستراتيجية مع اليابان وكوريا الجنوبية.

ويمثل «إعلان واشنطن» الذي تم توقيعه بين الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس كوريا الجنوبية يون سيوك يول، خلال شهر إبريل/ نيسان الماضي، والذي ينص على تشكيل «المجموعة الاستشارية النووية» لمنطقة آسيا والمحيط الهندي (الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان)، خطوة خطرة باتجاه تصعيد الموقف في المنطقة.

وإذا كان الإعلان يستهدف كوريا الشمالية، كما يتضح من مضمونه، إلا أن المقصود به، ضمناً، الصين التي وجهت تحذيراً إلى واشنطن، بدعوتها إلى «وقف الإثارة المتعمدة للتوترات والمواجهة والتهديدات».

أما كوريا الشمالية، فقد اتهمت جارتها الجنوبية والولايات المتحدة واليابان بتدشين «تحالف نووي» ضدها، مشيرة إلى أن اتفاق البلدان الثلاثة لإنشاء المجموعة الاستشارية النووية يمثل استنساخاً لحلف «ناتو» جديد بصبغة آسيوية، و«يعكس أرادة أكبر لعمل عدواني ضد كوريا الشمالية».

أما لماذا أثارت «المجموعة الاستشارية النووية» هذه المخاوف؟ لأن المجموعة تُعتبر منصة جديدة وآلية للتشاور المنتظم بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، بشأن الردع الموسع، والتخطيط الاستراتيجي، والتنفيذ العسكري المشترك في شبه الجزيرة الكورية، وتهدف إلى تعزيز جهود مواقف الطوارئ النووية ضد تهديدات كوريا الشمالية. وقد تم تصميم المجموعة على غرار هيئة تخطيط السياسات النووية لحلف الناتو.

وتنفيذاً لإعلان واشنطن الالتزام بالدفاع عن كوريا الجنوبية، فقد أعلنت القوات الجوية الأمريكية السابعة، يوم الأحد الماضي، عن إجراء تدريبات عسكرية على مقربة من حدود كوريا الشمالية، شملت عشرات الطائرات الحربية، منها مقاتلات من طراز «إف 16»، وطائرات الاستطلاع من ارتفاعات شاهقة من طراز «يو2». وتقول واشنطن وسيؤول إن هذه التدريبات «دفاعية»، فيما تعتبرها بيونغ يانغ إعداداً لغزو أراضيها وتغيير نظامها.

تأتي هذه التطورات بعد اتفاق بايدن ويون، على تعزيز قوات الردع في مواجهة كوريا الشمالية، من بينها إرسال غواصة أمريكية مسلحة نووياً إلى سواحل كوريا الجنوبية، في محاولة من واشنطن لإظهار جديتها في الدفاع عن حلفائها في المنطقة، والسعي لردع بيونغ يانغ من جهة، وترهيب الصين، من جهة أخرى.

لكن واشنطن تدرك أن العمل لرفع منسوب التوتر في المنطقة، وتسخين بؤر صراع جديدة فيها لا يجدي في ردع بكين وبيونغ يانغ، وبالتالي، فإن الخطوات الأمريكية لن تؤدي إلا إلى زيادة مخاطر تهديد الأمن والسلام العالميين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3r9yfjzb

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"