شعرية العُماني الأنيق عبدالله حبيب

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

أحب حيوية الكاتب العُماني عبدالله حبيب على مستوى الكتابة، والصداقة، والحياة، وربما تعود هذه المحبة الأدبية الصافية إلى تقارب في العمر، أو إلى تقارب في قماشة الكتابة نفسها، وهي قماشة الشعر. وحين يكتب عبدالله حبيب في السينما، وهو ذوّاقة متخصص في هذا الحقل، ورفيع المستوى تماماً حين يشاهد فيلماً أو مادة سينمائية، أقول حين يكتب حبيب بهذه الغنائية والشفافية، فإنه يصدر في لغته وسياقاته الثقافية عن روح شاعر، لكنه لا يطرح نفسه شاعراً بالمعنى الإقحامي الذي يستخدمه بعض «الشعراء» مع أهمية وضع الشعراء بين قوسين.
قبل أيام، وصلتني هدية عزيزة من عبدالله حبيب ببريد الشحن التقليدي الجميل على قلوبنا، وكل ما يصل بالبريد الورقي أجمل مئة مرّة من بريد الإلكترون البارد العديم الرّوح. المهم هدية صديقي الكاتب العُماني الذي لا يتوقف مطلقاً عن الشغل على نفسه: قراءةً وكتابةً ومراجعة وبحثاً وسفراً في الكتب وفي الأرض، لأتلقى منه كتابين: الأول قراءات سينمائية بعنوان: «حيث الليل أكثر من غياب الشمس» إصدارات 2023، والكتاب الثاني له صادر في عام 2014 وهو نص شعري واحد طويل اختار له عنوان «فاطمة». وقد حرص على أن يكون «فَاطْمَة» بفتح الفاء وتسكين الطاء وفتح الميم وتسكين الهاء، ليعرف القارئ أن فاطمة هذه يُقرأ اسمها بالدّارجة العُمانية حسب التشكيل الذي وضعه الكاتب، وليس الفصحى «فاطِمَة»؛ حيث تُكْسر الطاء، وتفتح الميم.
إن أجمل أسماء النساء تلك التي تنطق باللهجات المحلية الدارجة، لأنها تبقى في هذه الحال على روحها الشعبية الأولية من دون مثاقفة ومن دون بلاغية ولغوية رسمية صارمة، لا بل يستدعي الاسم الشعبي في الحالة التي أكّدها عبدالله حبيب، أمومية دافئة تنطوي على أنوثة لا تفارق أبداً روحها الطبيعية والإنسانية.
قرأت الكتابين العزيزين القادمين من عبدالله حبيب بروح الصداقة هذه، وأحببت ما كتبه عن السينما، وشغفت بهذه الكتابة التي تكاد تكون تخصصية حرفية كأنما هو سينمائي أولاً وأخيراً، وليس شاعراً، وإن كان يخبّئ الشاعر فيه، ويلبسه دائماً معطف السينمائي «السينمائي الشاعر».
يشتغل عبدالله حبيب بهدوء وحذر وصمت من دون دعاية ومبالغات واستعراض، له إلى الآن أكثر من خمسة عشر كتاباً، وأنجز سبعة أفلام سينمائية قصيرة، وحين يأتي إلى الإمارات من سلطنة عُمان ويكون لنا لقاء، فهو لقاء صداقة الكتابة وروحها الشعرية دائماً، وهي طبائع وطبع أصدقائنا الكتّاب العُمانيين المعروف عنهم أصالة ثقافتهم التراثية والحداثية بتوازنات ذكية دائماً، وهم رائعون في أعمالهم الأدبية الموزونة، مرة ثانية، بالهدوء والأناقة، كما هي أناقة عبدالله حبيب.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yh8h27u8

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"