عادي

بعد عقد من تسريبات سنودن.. قوانين أكثر لحماية الخصوصية

22:10 مساء
قراءة 4 دقائق

واشنطن - أ ف ب

في العام 2013، أذهل إدوارد سنودن العالم، حين سرّب بيانات سرية كشفت الطريقة التي كانت تجمع فيها وكالات استخبارات أمريكية بيانات شخصية لمستخدمين حول العالم، بدءاً بمنشورات بسيطة على الإنترنت، وصولاً إلى اتصالات المستشارة الألمانية حينها أنغيلا ميركل.

عشرة أعوام مضت واستخبارات واشنطن ما زالت تجمع كميات كبيرة من البيانات، لكن خطوة سنودن دفعت دولاً عدّة إلى تعزيز حماية الخصوصية. وكشف سنودن أن لا أحد في مأمن من تطفل وكالة الأمن القومي على بياناته، خاصة الأمريكيين الذين كان يُفترض أن الدستور يصون اتصالاتهم الخاصة.

ويعيش سنودن اليوم في موسكو، فيما لا تزال الاستخبارات الأمريكية تجمع كميات كبيرة من البيانات الخاصة المخزّنة والمرسلة إلكترونياً. لكن ما كشف عنه له تأثير دائم، بحيث عززت دول أوروبية وأمريكية حماية الخصوصية، وسرّعت استخدام التشفير.

بعد تسريبات سنودن، «بدأ، في كل ديمقراطية غربية تقريباً، نقاش تاريخي حول علاقة المواطنين ببرامج المراقبة الجماعية، وحول ما إذا كان الإشراف على هذه البرامج يحصل بطريقة مناسبة»، بحسب محامي سنودن بين ويزنر.

  • برامج سرية ولا تلتزم بحدود

في العام 2013، كان سنودن يعمل في إدارة أنظمة وكالة الأمن القومي ويبلغ 29 عاماً. وقام بتنزيل آلاف الوثائق من وكالة الأمن القومي ووكالة الاستخبارات «سي آي إيه» تُظهر مدى شبكة جمع البيانات العالمية التي بدأت، بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001.

وكشفت وثائق سربها سنودن سرّاً لصحفيين باجتماعات في هونج كونج كيف كانت الاستخبارات الأمريكية تعمل مع نظيرتها البريطانية ووكالات أخرى لبناء ملفات عن مليارات الأشخاص.

وأظهرت الوثائق أيضاً أن الولايات المتحدة كانت قادرة على التنصت على هواتف قادة دول حليفة، وأن وكالة الأمن القومي كانت تستخدم برنامجاً اسمه «بريزم» لجمع بيانات المستخدمين من عمالقة الإنترنت - مثل جوجل وفيسبوك - بموافقتهم أو بدون موافقتهم.

وكانت وكالة الأمن القومي تجمع بيانات الاتصالات من شركة «فيرايزون» الأمريكية وقامت بشكل روتيني بالبحث عن بيانات في شركات عامة ومستشفيات وجامعات. وكشف سنودن أيضاً أن الاستخبارات البريطانية تمكّنت، بمساعدة وكالة الأمن القومي الأمريكية، من امتصاص كل الحركة في كابلات الاتصالات العالمية الرئيسية تحت سطح البحر.

والتقطت الاستخبارات البريطانية أيضاً خلسة ملايين الصور من كاميرات الحواسيب الشخصية لأشخاص خلال محادثات أجروها عبر موقع «ياهو».

واعتبر سنودن، أن المشكلة ليست تبرير التنصت بمكافحة الإرهاب، بل إن برامج التنصت هذه كانت سرية، ولا تلتزم بحدود.

وقال: «على الجمهور أن يقرر ما إذا كانت هذه الأنواع من البرامج والسياسات صحيحة أم خاطئة».

  • غضب من كل الاتجاهات

وأثارت التسريبات غضباً عاماً، إضافة إلى غضب الاستخبارات الأمريكية التي اتهمت سنودن بتدمير برامج مكافحة الإرهاب ومساعدة أعداء واشنطن. لكن الوكالات الاستخباراتية الأمريكية رفضت التحدّث عن مدى الأضرار، مكتفية بالقول إن المراقبة والتنصت منعا حصول عشرات الهجمات.

وفي العام 2016، تحدث مدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر عن الضرر الرئيسي، وهو أن سنودن جعل عمل وكالة الأمن القومي أصعب، إذ دفع شركات الإنترنت والخليوي ومطوري التطبيقات إلى تشفير خدماتهم.

ويرى ويزنر أن التسريبات عززت الحريات المدنية حتى لو أن عدد الشركات الإلكترونية التي تجمع بيانات المستخدمين يزداد.

وأرغم سنودن بتسريباته البيت الأبيض والكونغرس والقضاء على عكس مسار أنشطة التجسس التي وافقت عليها سراً، ومراجعة أنشطة وكالة الأمن القومي وإلغاء بعض البرامج.

وقال ويزنر: «أصدر الكونغرس، للمرة الأولى منذ السبعينات، تشريعات لتقليص سلطات المراقبة بدلاً من زيادتها».

وفي العام 2018، دخلت «اللائحة العامة لحماية البيانات» حيز التنفيذ، مستهدفة قدرة شركات أمريكية مثل «غوغل» و«فيسبوك» على جمع بيانات المستخدمين. وكتب مدير قسم «التكنولوجيا المسؤولة» في شبكة «أوميديار» غاس روسي «أثّر كشف سنودن عن المراقبة العالمية في نقاش الخصوصية على الإنترنت في أوروبا بشكل ملموس».

وبموجب «اللائحة العامة لحماية البيانات»، فرضت إيرلندا على مجموعة «ميتا» غرامة ب 1.3 مليار دولار الشهر الماضي لانتهاكها قوانين أوروبية لحماية البيانات، لأن البيانات التي تجمعها الشركة حول المستخدمين الأوروبيين، والتي ترسلها إلى الولايات المتحدة لم تكن محمية من وكالة الأمن القومي والاستخبارات المركزية الأمريكية.

  • منفي في موسكو

ولا يزال سنودن اليوم (39 عاماً) يدعو إلى مزيد من حماية الخصوصية. يعيش في موسكو مع زوجته الأمريكية وولديهما اللذين ولدا في روسيا، ويجني مالاً من إلقاء محاضرات واستشارات مدفوعة.

ولا يمكنه مغادرة روسيا حالياً لعدم وجود ملاذ آمن آخر، وهو مطلوب من واشنطن بتهم جنائية بموجب قانون التجسس.

وقال ويزنر: «يفضّل سنودن أن يكون في مكان آخر. وكنّا نتمنّى أن يكون هناك خيار آخر غير زنزانة شديدة الحراسة، والعيش في روسيا». لكن الصحفية المستقلة مارسي ويلر المتخصصة في العلاقات بين الاستخبارات والقانون تشكك في المكاسب التي تحققت من تسريبات سنودن. وقالت إن وكالة الأمن القومي التي تُحسن التأقلم يمكنها إنجاز ما تريد «عبر وسائل أخرى».

وتضيف: «إن أكبر مراقبة تستهدف الأمريكيين يقوم بها مكتب التحقيقات الفيدرالي وولايات وبلدات حتى مع إشراف أقل».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2b458ckt

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"