حكومة «القرن التركي»

01:14 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

بعد ساعات من أدائه القسم الدستوري في البرلمان بصفته الرئيس الثاني عشر لتركيا، بمشاركة مسؤولين من 78 دولة، أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان أنه «خلال السنوات الخمس المقبلة سنواصل بكل عزيمة من أجل تنفيذ رؤية قرن تركيا». واعتبر أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي فاز بها «فتحت أمام شعبنا أبواب مرحلة جديدة».

 أردوغان يدرك أن تركيا تواجه سلسلة من الأزمات الاقتصادية والسياسية المعقدة، داخلياً وخارجياً. ومن أجل أن يحقق رؤية «القرن التركي» عليه أن يسلك سياسات غير تقليدية لا تشبه السياسات التي اتبعها منذ أكثرمن عقد وأدت إلى سلسلة أزمات في الداخل، حيث تجاوز التضخم نسبة ال 85 في المئة العام الماضي قبل أن يتراجع، وفقدت العملة التركية أكثر من 90 في المئة من قيمتها، إضافة إلى سياسات سلبية خارجية مع دول الجوار العربي، مثل التدخل العسكري المباشر في سوريا وليبيا والعراق، والقطيعة مع معظم الدول العربية على خلفية دعمه جماعات الإخوان المسلمين، ما أدى إلى فقدان بلاده استثمارات وتبادلاً تجارياً بمليارات الدولارات.

 الآن يحاول أردوغان تصحيح المسار باستعادة علاقاته مع الدول العربية الخليجية ومصر، لأنه يدرك مدى الضرر الذي لحق ببلاده نتيجة السياسات السابقة، لذلك تعهد بإخراج تركيا من أزماتها من خلال المضي في سياسة الانفتاح الإقليمية، واتباع سياسات اقتصادية غير تقليدية لمعالجة أزمة غلاء المعيشة وغيرها من التحديات الاقتصادية. 

 لعل أردوغان أدرك أن حكومته السابقة تتحمل مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية، وأنها لا تستطيع تنفيذ رؤيته ل«القرن التركي»، فعمد إلى تشكيل حكومة جديدة بالكامل، باستثناء الإبقاء على وزيري الصحة والسياحة في منصبيهما، أي أنه عمد إلى القيام بما يشبه الانتفاضة الحكومية، لتنفيذ رؤيته. وكان واضحاً أنه يسعى إلى تجاوز الأزمة الاقتصادية من خلال تعيين محمد شيمشك وزيراً للخزانة والمالية لمعالجتها. 

وقال محللون إن تعيين شيمشك الخبير الاقتصادي السابق لدى مؤسسة ميرل لينش قد يمهد الطريق لرفع أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة، وهو تحول ملحوظ في سياسة أردوغان طويلة الأمد لخفض أسعار الفائدة على الرغم من ارتفاع التضخم. إضافة إلى ذلك حظي شيمشك بتقدير كبير من قبل أسواق المال عندما شغل منصب وزير المالية ونائب رئيس الوزراء بين عامي 2009 و2018. وعودته إلى هذا المنصب تمثل عودة جزئية لسياسات السوق الحرة بعد سنوات من زيادة سيطرة الدولة على أسواق العملات الأجنبية والائتمان والديون. ومن المتوقع أن يتمتع شيمشك بتفويض من أردوغان لاتخاذ القرارات المناسبة لتجاوز الأزمة الاقتصادية.

 كما عين أردوغان قائد أركان الجيش يشار غولار وزيراً للدفاع خلفاً لخلوصي آكار، وعين رئيس جهاز الاستخبارات السابق هاكان فيدان وزيراً للخارجية خلفاً لمولود جاويش أوغلو.

 وتترقب الأوساط الدولية والعربية الخطوات التي ستتخذها الحكومة الجديدة في ما يتعلق بالسياسات الخارجية والعلاقات مع الدول العربية، خصوصاً المضي في مسار الانفتاح والتقارب مع دول الجوار، واستكمال مسيرة المباحثات مع سوريا التي تهدف دمشق من ورائها إلى تحقيق انسحاب القوات التركية من أراضيها كخطوة أساسية لتطبيع العلاقات بين البلدين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3752nex3

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"