عادي

اتفاقيه الحبوب.. تباين المواقف وثقة أردوغان في بوتين

15:55 مساء
قراءة 4 دقائق
إتفاقية البحر الأسود

الخليج - وكالات

أبدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الإثنين ثقته برغبة نظيره الروسي فلاديمير بوتين في استمرار اتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية، بعيد إعلان الكرملين أن الاتفاق الذي تنقضي مهلته رسمياً مساء اليوم بات في حكم المنتهي.

وقال أردوغان «أعتقد أنه رغم تصريحات اليوم، صديقي بوتين يريد الاستمرار في الاتفاق» الذي يتيح تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، وتم التوصل إليه العام الماضي برعاية تركيا والأمم المتحدة.

أعلنت روسيا في وقت سابق من اليوم أن اتفاقية تصدير الحبوب باتت في حكم المنتهية، حتى قبل نهاية مهلتها الرسمية منتصف ليل الاثنين الثلاثاء بتوقيت اسطنبول.

وقال الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف «اتفاق البحر الأسود انتهى عملياً اليوم» الاثنين.

وأضاف «ما أن يلبى الجزء المتعلق بروسيا في الاتفاق ستعود روسيا فوراً إلى الاتفاق حول الحبوب».

وتهدف مبادرة حبوب البحر الأسود التي وقّعتها روسيا وأوكرانيا في يوليو 2022 برعاية تركيا والأمم المتحدة، للتخفيف من خطر المجاعة في العالم من خلال ضمان تصدير المنتجات الزراعية الأوكرانية رغم الحرب.

أتاح الاتفاق تصدير أكثر من 32 مليار طن من الحبوب. وفي وقت متأخر الأحد، أظهرت بيانات موقع «مارين ترافيك» أن آخر سفينة شحن وافق عليها أطراف الاتفاق كانت في طريقها عبر البحر الأسود من ميناء مدينة أوديسا الأوكرانية إلى إسطنبول.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أبدى الجمعة تفاؤله بشأن تمديد الاتفاق، مؤكداً أنه «متفق» على ذلك مع بوتين. لكن الكرملين عكس في اليوم التالي التباين بين موسكو وأنقرة.

وذكرت الرئاسة الروسية أن بوتين «أشار إلى أن التعهدات المنصوص عليها في مذكرة التفاهم بين روسيا والأمم المتحدة حول إزالة العقبات أمام تصدير المنتجات الغذائية والأسمدة الروسية لم يتم الوفاء بها بعد».

وأضافت «الهدف الرئيسي للاتفاق، وهو تسليم الحبوب إلى البلدان المحتاجة، ولا سيما في القارة الإفريقية، لم يتحقق».

  • تلويح بالانسحاب

وسبق لبوتين أن لوّح مراراً بالانسحاب من هذا الاتفاق على خلفية عدم الايفاء بالالتزامات المتعلقة بروسيا فيه.

ووفق بيانات مركز تنسيق الاتفاق، فتركيا والصين هما المستفيدتان الأساسيتان من شحنات الحبوب، إضافة الى بعض الدول النامية.

وأتاح الاتفاق لبرنامج الأغذية العالمي مساعدة دول تواجه نقصاً غذائياً حاداً مثل أفغانستان والسودان واليمن.

وبذل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس جهوداً لإنقاذ الاتفاق وتجديد مهلته الزمنية، وهو أعرب عن دعمه لإزالة العقبات أمام تصدير روسيا للأسمدة وبعث برسالة إلى بوتين الأسبوع الماضي بهذا الشأن.

  • مطالب روسية

منذ بداية المفاوضات حول السماح بتصدير الحبوب وضعت روسيا مطالبها، والتي تشتكي من أن واشنطن ودول في أوروبا تتجاهلها كلما تم تجديد الاتفاق.

والسماح لروسيا بتصدير الأسمدة مقابل السماح لأوكرانيا بتصدير القمح؛ من أهم مطالب موسكو لتجديد الاتفاق لأن روسيا هي الدولة الأكبر في العالم في تصدير الأسمدة الكيميائية بنسبة 13 في المئة وهي سلعة روسية تحتاجها الدول في إفريقيا لاعتدال أسعارها.

ويعتبر إعادة التعامل بنظام «السويفت الكود» في البنوك الروسية، ثاني مطالبها حيث أوقفه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ضمن العقوبات التي فرضت على موسكو بعد نشوب حرب أوكرانيا، وذلك حتى تستطيع الحصول على مستحقات صادراتها من الحبوب التي لا تحصل عليها نتيجة وقف التحويلات على بنوكها.

وتعتبر الأمم المتحدة قرار عودة ال«سويفت كود» للبنوك الروسية قراراً أوروبياً لا علاقة لها به، ولا تستطيع أيضاً إجبار الاتحاد على السماح بتصدير الأسمدة من روسيا.

  • أوكرانيا سلة غذاء أوروبا

رغم أن مبيعات الحبوب دعمت الاقتصاد الأوكراني بشكل كبير، فقد استفاد المستوردون أيضا،على سبيل المثال، بولندا، التي صدرت العام الماضي المزيد من المنتجات إلى دول أخرى أكثر من المعتاد، ففي عام 2022، نمت صادرات اللحوم ومنتجات الألبان بنسبة 37%. وكل هذا بفضل الحبوب من أوكرانيا، والتي عززت القدرة التنافسية للمنتجين البولنديين.

وحققت شركات الخدمات اللوجستية والتجار والموانئ أرباحا من تصدير الحبوب الأوكرانية. ونتيجة لذلك، حققت العديد من الشركات أرباحاً كبيرة ودفعت الضرائب إلى بلدانها الأصلية.

ليس من قبيل الصدفة أن يطلق على أوكرانيا اسم «سلة خبز أوروبا». ففي عام 2022، نشرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة بيانات تؤكد أن أوكرانيا كانت رائدة في سوق زيت عباد الشمس بحصة تبلغ حوالي 45% وأصبحت ثالث أكبر منتج للذرة والشعير وبذور اللفت.

  • عواقب وخيمة

وبسبب صادرات الحبوب الكبيرة في الماضي، أصبحت بعض البلدان تعتمد على الحبوب الأوكرانية، كما أفاد برنامج الغذاء العالمي، لبنان وجيبوتي وباكستان والصومال وموريتانيا وإريتريا تلبي أكثر من نصف احتياجاتها من القمح من أوكرانيا، بشكل عام، لا يمكن الاستغناء عن الحبوب من أوكرانيا بالنسبة لإفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا.

ومثل هذا الاعتماد القوي على الحبوب الأوكرانية يعني أن أي اضطراب في سلسلة التوريد قد يكون له عواقب وخيمة على هذه البلدان. فإذا لم يتم تصدير الحبوب من أوكرانيا، لن يكون هناك مكان للحصول عليها. على سبيل المثال، يعد شحن القمح من كندا إلى إفريقيا مكلفاً للغاية.

ومنذ من مارس 2022 إلى فبراير 2023، صدر المزارعون 55 ألفاً و880 طناً من الحبوب.

وفي الوقت نفسه، تذهب حصة كبيرة (أكثر من 65%) من تصدير القمح إلى البلدان النامية، وفقا للأمم المتحدة.

وقبل اندلاع الحرب، لم يكن الناس يفكرون في المكان الذي تذهب إليه الحبوب وكيف يعتمد الأمن الغذائي على بلدان معينة لكن تبين أن الحبوب الأوكرانية عنصر مهم للغاية في الحد من الجوع في البلدان النامية.

وبسبب الحرب، كان من الممكن أن يعاني ملايين الأشخاص الجوع، حيث تم حظر أكثر من 20 مليون طن من الحبوب في أوكرانيا في عام 2022. لكن رغم كل الصعوبات، تمكنت السلطات الأوكرانية من فتح الطرق اللوجستية وضمان الأمن الغذائي العالمي، وذلك في إطار اتفاق إسطنبول الأممي بوساطة تركية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/hkaxu99x

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"