عادي

غرام القرن الـ 21.. «ومن الحب ما قتل»

18:48 مساء
قراءة 4 دقائق

ومن الحب ما قتل،«سمعنا أطعنا ثم متنا، فبلغوا سلامي إلى من كان للوصل يمنع»، مقولة قديمة تنطبق على جرائم العشق في العصر الحدث، إنه الغرام الجديد خلال القرن ال 21،إذ لا تزال حوادث القتل باسم الحب تتكرر عربياً وعالمياً، بل ازدادت وتيرتها بكثافة خلال الشهر الماضي، وهو ما رصدته وسائل الإعلام في دول مختلفة، حيث فقد العديد من الفتيات حياتهن تحت مسمى «الحب» بمجرد رفضهن الزواج من شباب رغبوا في ذلك.

وآخر تلك الوقائع الجريمة التي هزت الرأي العام اللبناني بمقتل فتاة تدعي ماريا حتّي، أمام أنظار والديها أمام مطعم في مدينة زحلة، بإطلاق الرصاص عليها من قبل شاب رفضت الارتباط به، رغم زواجه من أخرى، قبل أن يُقدم على الانتحار في نفس اللحظة والمكان.

وفي الهند توفيت طالبة جامعية على يد ابن عمها الذي كانت تجمعها به علاقة حب، فقد رفضت أسرتها طلبه بالزواج منها نظراً لكونه عاطلاً عن العمل، فابتعدت الفتاة عنه، وقررت قطع علاقتها به.

وفي يوم الجريمة، تواصل معها في محاولة لإعادة إحياء علاقتهما، وعندما أكدت رفضها لاقتراحه بالعودة، انهال عليها ضرباً بقطعة حديدية حتى قتلها في حديقة بمالفيا ناغار بجنوب دلهي.

  • نيرة أشرف.. البداية!

ربما الجريمة الأكثر وضوحاً لهذا النوع القاتل من الحب في الآونة الأخيرة، هي الطالبة المصرية نيرة أشرف، التي كانت البوابة التي لفتت الانتباه لهذا النوع من الجرائم في العالم العربي، حيث نحرها زميلها أمام أبواب الجامعة في العام الماضي بسبب رفضها الزواج منه، لتكون نهايته الإعدام شنقاً، ويدفن قبل نحو شهر من الآن في مقابر الصدقة، بعد أن نبذه المجتمع والأهل.

ومن مصر للأردن، قُتلت الطالبة العشرينية إيمان إرشيد داخل جامعتها، شمال العاصمة عمّان، بعد أيام من حادث نيرة في مصر، حيث هاجمها شاب وأطلق عليها ست رصاصات؛ استقرت طلقة منها في الرأس، فلقيت مصرعها في الحال. وما كان منه إلا أن لاذ بالفرار، ثم مات بعد إطلاقه النار على نفسه عقب محاصرته من قبل قوات الأمن.

وبعد الحادث الأليم، ظهرت صورة متداولة لرسالة تخص الجاني يهدد فيها الفتاة الضحية بالقتل قبل يوم من الجريمة، وملاقاة نفس مصير الطالبة المصرية نيرة أشرف، بقوله «بكرة راح آجي أحكي معك وإذا ما قبلتي رح أقتلك مثل ما المصري قتل البنت».

وقبل أيام انتهت القضية للأبد بعقد صلح بين عائلتي الشاب والفتاة، حيث وافقت عائلة الضحية على الصفح عن عائلة قاتل ابنتهم، ورفض والدها قبول الدية.

  • الأسباب النفسية للجريمة

وقال الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، في حديثه ل«الخليج»، إن القتل باسم الحب يقوم به بعض الشخصيات المضطربة، وليس كل الشخصيات، وتحديداً «الشخصية السيكوباتية» التي يؤمن صاحبها بأنه إن «لو لم تكوني لي سأقتلك».

وأضاف:«تتصف تلك الشخصية بالسلبية، واللامبالاة، وحب التملك، وعدم الاهتمام بنتيجة التصرف، وكذلك الشخصية الحدية، والتي تتميز بالسلبية واللامبالاة، والتغير المزاجي الحاد، فمن حب شديد إلى كراهية شديدة وقتل»

وأشار إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في التربية، فبعض العوامل الوراثية ونقص الخبرات الحياتية، تؤثر بالتأكيد في هذه الشخصيات، لكن تظل التربية والعلاقة مع الأب تحديداً هي السبب الرئيس لمثل تلك الاضطرابات.

وقال الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، إن كثير من الجرائم التي هزت وجدان الإنسانية كان الحب هو الدافع فيها، وتقول الإحصائيات إن 40% من ضحايا القتل من الإناث مقابل 6% فقط من الذكور، كما أن معظم جرائم القتل تكون من الحبيب، سواء حبيب سابق أو حال أو من خلال الزوج.

وأوضح الدكتور وليد هندي أن هناك أسباباً نفسية كثيرة تجعل الحبيب يقدم على قتل من يحب، أهمها الإصابة بمرض «عطيل»، وهو الغيرة المرضية التي تؤدى إلى قتل الحبيب، وفقاً ل المصري اليوم.

وأضاف أنه أحيانا يكون من ضمن أسباب القتل الإصابة بمرض الفصام، وهو مرض عقلى، حيث تسيطر فكرة بعينها على ذهن الشخص وينفصل بها عن الواقع، مثل أن يتخيل أن الحبيب يقوم بخيانته أو يبتعد عنه.. وهكذا.

أيضاً الاكتئاب الحاد في بعض الأحيان مثل حالات الانتحار الممتد، وهى أن يقتل الشخص الحبيب ثم يقوم بقتل نفسه، والتوحد مع الحبيب وعدم تصور الحياة بدونه، والجرح والشعور بالإهانة والرفض، وهو ما حدث في الجرائم الأخيرة التي راح ضحيتها عدد من الفتيات.

  • غرام قديم

«هنيئاً لأرباب النعيم نعيمهم وللعاشق المسكين ما يتجرع» بهذه الكلمات أنهى شاب حياته في العصر العباسي، بعد أن كتب حكايته على الصخر قبل أن ينتحر، لكن في غرام القرن ال 21، لا يتجرع العاشق وحده مرارة الهجر والحرمان، وإنما ينهي تماماً حياة الطرف الآخر، ويترك لأسرة محبوبته الأحزان التي تتشح بها قلوبهم عقب فقد الابنة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mrc4jn3w

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"