تخطي حاجز تمويل التقاط الهيدروجين والكربون في دول «التعاون»

21:56 مساء
قراءة 3 دقائق

د. إريك سويس*

يعتمد الوصول إلى صافي صفر انبعاثات على المستوى العالمي، اليوم، على التخلص من انبعاثات الكربون، عبر كافة القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك القطاعات الأكثر حيوية والتي يصعب الحد من الانبعاثات فيها، مثل صناعة الصلب والأسمنت والطيران والشحن. ويجب مراعاة حلّين حيويين في إدارة مسار التحول، هما الهيدروجين منخفض الكربون والتقاط الكربون واستخدامه وتخزينه رغم ارتفاع تكلفتهما.

وتشير التقديرات إلى أن تحقيق سيناريو الوكالة الدولية للطاقة «صافي صفر انبعاثات بحلول عام 2050»، يتطلب الاستثمار في القطاع الخاص بقيمة 13 تريليون دولار في مجالات الهيدروجين والتقاط الكربون وتخزينه، 15% منها في الشرق الأوسط. ورغم اهتمام المصارف التجارية بتمويل هذه المشاريع، لمساعدة عملائها على تحقيق أهداف الاستدامة، فإنها قلقة بشأن المخاطر التي تنطوي عليها. وتجدر الإشارة إلى أن 80% من مشاريع الهيدروجين المنخفض الكربون المعلنة في جميع أنحاء العالم، ما زالت في مرحلة التخطيط، في حين وصلت 7% فقط من مشاريع التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه إلى مرحلة قرار الاستثمار النهائي.

وتتوقع المصارف أن تلبي هذه المشاريع المعايير ذاتها، وتواجه نفس المخاطر التي لبتها وواجهتها مشاريع الطاقة الخضراء التي أصبحت في مراحل متقدمة في مسيرة تطورها. وتحتاج بعض المشاريع لموارد أكثر ووقت أطول قبل تحقيق النجاح.

تحتضن منطقة الشرق الأوسط بعض أكبر المشاريع وأكثرها تقدماً في مجال الهيدروجين والتقاط الكربون واستخدامه وتخزينه. ومن المتوقع أن تساعد هذه المبادرات على الحد من انبعاثات الكربون وتعزيز التنمية المستدامة في المنطقة. وتتوقع المصارف أن يزداد عدد المشاريع الجاذبة تجارياً، بسبب تنامي السياسات الملائمة لهذا التوجه، ومدى استعداد العملاء لدفع العلاوة الخضراء، ومستويات نضج التكنولوجيا. وسينتج مشروع نيوم للهيدروجين الأخضر 237 ألف طن سنوياً من الهيدروجين الأخضر، و1.2 مليون طن سنوياً من الأمونيا الخضراء لتصديرها. وقدّمت عملية المزاد التي تديرها سلطنة عمان 5 مشاريع واسعة النطاق في جولتها الأولى، بإجمالي استثمارات بقيمة 30 مليار دولار، بالإضافة إلى التحالف الاستراتيجي بين «مصدر» و«إنجي» لتعزيز إنتاج الهيدروجين الأخضر في الإمارات.

ستتمكن المصارف التي تعزز خبراتها ومعارفها بفضل إجراء الصفقات المبكرة، من اغتنام الفرص وإدارة المخاطر بشكل أفضل وتقديم أسعار أكثر تنافسية. ويمكن للضمانات المدعومة من الحكومة واتفاقيات أسعار الشراء تخفيف المخاطر على المستثمرين والمصارف. وينطبق ذلك بشكل خاص على المصارف العاملة على صعيد المنطقة، والتي تتميز بفهمها للسوق المحلية ومنظومة السياسات والتكنولوجيات، وتعمل على تعزيز العلاقات مع رعاة ومطوري الطاقة البديلة.

من المحتمل أن يرتكب المبادر الأول أخطاء فادحة وتعزيز القدرات التنافسية. وبحسب مزودي الأسهم في قطاع الطاقة المتجددة، سيتمكن المبادرون الأوائل من تحصيل عائدات استثنائية. على صعيد آخر، قد تساعد الضمانات المدعومة من الحكومة واتفاقيات أسعار الشراء في الحد من مستوى المخاطر.

يعد تطوير الخبرة والمعرفة الداخلية أمراً بالغ الأهمية لإدارة المخاطر وإبرام الصفقات على النحو الصحيح. وينبغي أن تمتلك الجهات الفاعلة في المنظومة معرفة بكيفية هيكلة الشراكات واستقطاب الشركاء. وتتمتّع المصارف بمكانة جيدة في هذه البيئة الجديدة.

لن يكون بمقدور المصارف خدمة جميع الأسواق الجديدة، ويجب أن تختار مواقعها. وتعدّ مشاريع الهيدروجين الأخضر التي تستبدل الهيدروجين الرمادي من الوقود الأحفوري، وتستهدف حالات الاستخدام الأكثر نضجاً، مثل إنتاج الأمونيا الخضراء، ذات مستويات قليلة الخطورة نسبياً.

على البنوك تعديل حوافزها. يجب في هذا الإطار ضمان استمرارية مكافآت المكاتب الأمامية للمشاريع الخضراء؛ حيث تكون العوائد الفورية منخفضة.

ويتطلب الواقع ضرورة تحرك المصارف الراغبة في ريادة السوق على نحو حيوي، لمواجهة التحديات القائمة وابتكار الحلول للتحديات المحتملة، والمساهمة على نحو واسع النطاق في تطوير وتعزيز الفرص المستقبلية والاستثمار فيها.

*مدير مفوض وشريك في مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب (BCG).. وشارك في كتابة المقال هافيير دوبلاس، شريك في مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب (BCG)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yrjcnsj4

عن الكاتب

مدير مفوض وشريك في مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب (BCG).. وشارك في كتابة المقال هافيير دوبلاس، شريك في مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب (BCG)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"