التناغم بين التقدم البشري وحماية البيئة

22:56 مساء
قراءة 3 دقائق

باسكال غرانت *

تتأثر الموارد والأراضي بصورة متزايدة بالمشكلات البيئية التي يواجهها العالم، والمتمثلة في التغير المناخي واستنزاف الموارد وانتشار التلوث. وقد حان الوقت لإحداث تغييرات جذرية وجماعية في أسلوب الحياة وطريقة استهلاك الموارد واعتماد منهجية جديدة لمواجهة حالة الطوارئ البيئية التي يعيشها العالم.

ويتّسم وضع العالم اليوم بالخطر، ويرجع ذلك إلى حدّ كبير إلى أننا لم نتّحد وراء نظرة واقعية للمستقبل، ذلك أننا غير قادرين على إيجاد التوازن بين التقدم والتطور المستدام من جهة والنمو الاقتصادي وحماية البيئة من جهة أخرى.

إلا أنه ليس من الضروري أن يتعارض وجود وتحقيق هذه الأبعاد في وقت واحد، فكما أن البشر يعيشون على أرض واحدة مع الطبيعة، لا بدّ من إيجاد حل جماعي ومترابط ويسهم في تحقيق بيئة صحية تضمن ازدهار الجميع.

ونحتاج إلى اتخاذ إجراءات عاجلة تتعامل مع التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في وقت واحد، في حال أردنا منع حدوث جمود اجتماعي ناجم عن الدمار البيئي وضمان استمرار التنمية البشرية. وتتمثل طريقة تحقيق ذلك من خلال اتخاذ خيارات هيكلية حاسمة تتمحور حول تحقيق التحول البيئي.

ولا يكفي إجراء التغييرات اللازمة بصورة تدريجية لمواجهة حالة الطوارئ البيئية، سواءً كان ذلك من خلال التعامل مع الكوارث المناخية أو رعاية التنوع البيولوجي أو إزالة الكربون من العمليات الاقتصادية. وتبرز حاجة ماسّة إلى تسريع نشر الحلول الحالية على نطاق واسع، لا سيما مع الانتشار السريع للمخاوف البيئية وتداعياتها الفورية على المجتمعات.

وثمّة سُبُلٌ عديدة لإحداث تحول بيئي يمنع حدوث كارثة مناخية ويعزز التنمية الشاملة، بدءاً من السباق نحو خفض انبعاثات غازات الدفيئة واستعادة النظم البيئية الهشة، ووصولاً إلى استبدال البنية التحتية عالية الكربون والاستثمار في الطاقة المتجددة والحدّ من التلوث البلاستيكي.

لهذا السبب يجب أن نولي أهمية خاصة للبيئة في جميع عملياتنا وتقييماتنا، لأن التحول البيئي يعني إحداث تغيير جذري في أنماط الإنتاج والاستهلاك، وتوفير حلول مجدية للمشكلات الرئيسية. ويمكن أن تشمل هذه الحلول البيئية مجموعةً كبيرةً من القطاعات، بدءاً من تعزيز كفاءة الطاقة واستعادة قشور البرتقال لتحويلها إلى طاقة، ومروراً بتحويل النفايات الخطرة إلى موارد مفيدة، ووصولاً إلى معالجة مياه الصرف الصحي لتكون صالحة للاستخدام.

ويمثل إعلان دولة الإمارات 2023 عام الاستدامة والتحضير لاستضافة الجلسة 28 من مؤتمر الأطراف (كوب 28) في دبي خلال شهر نوفمبر المقبل فرصةً رائعة للتأكيد على الحاجة الماسّة لإحداث تحول بيئي حفاظاً على الطبيعة والتنوع البيولوجي الغني. ويمثّل اليوم الفرصة المناسبة لاتخاذ إجراءات حاسمة وجماعية لتحقيق التقدم البشري وحماية البيئة، من خلال تحدي نماذج التغير المناخي في القرن الماضي والتعامل مع المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بطريقة متكاملة والتوصل إلى وجهة نظر موحّدة لتحقيق الأهداف المنشودة.

ووجد استطلاع هو الأول من نوعه حول التحول البيئي، أجرته «فيوليا» بالتعاون مع شركة الأبحاث والاستشارات «إيلاب»، أن 79% من سكان الإمارات مقتنعون بأن التغير المناخي يحدث حالياً، فيما أبدى 55% من المشاركين شعورهم بأن الفرصة لا تزال موجودة وأن الاضطرابات المناخية والتلوث يمكن ضبطهما.

كما بيّن 70% من المشاركين في الاستطلاع، الذي يحمل اسم مقياس التحول البيئي، في دولة الإمارات شعورهم بأن تكلفة اضطراب المناخ والتلوث ستتجاوز في المستقبل المخاوف بشأن الاستثمارات اللازمة لحماية البيئة، في حين يعتقد 35% بأننا بحاجة إلى تغيير أساليب حياتنا والاستفادة من الحلول التقنية لتقليل المخاطر المناخية.

كما أظهر الاستطلاع أن 60% من الأشخاص مستعدين لقبول 95% من التغييرات التي تأتي مع الحلول الخضراء، شرط أن تسهم في أمن الغذاء والطاقة في الدولة.

* الرئيس التنفيذي ( فيوليا الشرق الأدنى والأوسط)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3hhhd3cm

عن الكاتب

الرئيس التنفيذي ( فيوليا الشرق الأدنى والأوسط)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"