الخليج- متابعات
بعد سنوات من التوتر والقطيعة منذ عام 2013 اجتمع الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، لأول مرة، مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على هامش مشاركة الرئيسين في قمة العشرين، بالعاصمة الهندية، نيودلهي، كما عقد الرئيسان مباحثات بحضور وزراء الخارجية والمخابرات من البلدين، لبحث تعزيز العلاقات بينهما. وقال أردوغان عن اللقاء إنه إيجابي، وإنه سيضاعف حجم التجارة مع القاهرة، وسيتم تنشيط مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين.
وكان هذا أول اجتماع جمع الرئيسين بعد أن تصافحا، لأول مرة، بحضور أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، على هامش حضورهما حفل افتتاح كأس العالم لكرة القدم في قطر.
وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية المصرية، المستشار أحمد فهمي، في بيان نشره على صفحته على فيسبوك، الأحد، إن «الرئيسين أكدا خلال اجتماعهما على هامش قمة العشرين في الهند أهمية العمل من أجل دفع مسار العلاقات بين البلدين، والبناء على التقدم الملموس في سبيل استئناف مختلف آليات التعاون الثنائي».
وأضاف أن السيسي وأردوغان «أعربا عن الحرص على تعزيز التعاون الإقليمي، كنهج استراتيجي راسخ، في إطار من الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة والنوايا الصادقة، وبما يسهم في صون الأمن والاستقرار في منطقة شرق المتوسط».
وأشار إلى أن «اللقاء تناول تبادل الرؤى بشأن تطورات الأوضاع الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، فضلاً عن سبل تكثيف التشاور والتنسيق بين البلدين لتعزيز مجمل جوانب العلاقات الثنائية، بما يصب في مصلحة الدولتين والشعبين».
لقاء إيجابي
من جهته وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لقاءه نظيره المصري على هامش قمة العشرين في نيودلهي، بأنه كان «إيجابياً».
وأضاف أردوغان، في تصريحات للصحفيين خلال رحلة عودته من الهند: «ناقشنا خططاً لإعادة مجلس تعاون رفيع المستوى»، وفقاً لما نقلته وكالة «رويترز».
وذكر، كما نقلت وسائل إعلام تركية: «علاقاتنا مع مصر أفضل من ذي قبل، وتمكّنا من تحقيق نتائج إيجابية بشأن كثير من المشكلات الإقليمية».
وأضاف: «تلقينا دعوة لزيارة مصر، وبدورنا قلنا نحن ننتظركم في تركيا، والوزراء المعنيون ورؤساء الاستخبارات سيعملون على تنظيم موعد الزيارة»، مشيراً إلى أن تركيا ستعمل على مضاعفة حجم التجارة مع مصر، إضافة إلى تنشيط مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين.
وكانت مصر وتركيا عقدتا عدة جولات رسمية لأجل استئناف العلاقات بشكل طبيعي، بعد سنوات من التوتر.
تبادل السفراء
في نهاية مايو/ أيار 2023 وبعد وقت قصير جداً من فوز الرئيس التركي أردوغان بولاية رئاسية جديدة، تم الإعلان، بعد اتصال هاتفي بينه وبين مهنئه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عن رفع مستوى العلاقات مرة أخرى بين البلدين إلى مستوى تبادل السفراء.
واستمرت المفاوضات بين البلدين لأكثر من عامين لعودة العلاقات إلى طبيعتها، ومثلت زيارة وزير الخارجية التركي السابق مولود جاويش أوغلو، لمصر فرصة للإعلان عن قرب عودة العلاقات لمستواها الطبيعي.
ويرى البعض أن المنطقة تشهد إعادة تشكيل على أساس برغماتي بين دول المنطقة، ما قد يسهم في ظهور تحالفات جديدة تبحث بها هذه الدول عن حل للأزمات العميقة التي تعاني منها، خاصة الأزمات الاقتصادية، خصوصا تلك التي أعقبت الحرب في أوكرانيا.
وفي يوليو/ تموز الماضي أعلنت تركيا ومصر، في بيان مشترك صادر عن وزارتي خارجية البلدين، رفع علاقاتهما الدبلوماسية إلى مستوى السفراء. ورشحت أنقرة صالح موطلو شن ليكون سفيراً لها لدى القاهرة، فيما رشحت مصر عمرو الحمامي ليكون سفيراً لها في أنقرة.
وقال البيان المشترك إن «رفع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، جاء تماشياً مع قرار اتخذه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي، وإن الخطوة، تهدف إلى تأسيس علاقات طبيعية بين البلدين من جديد، كما تعكس عزمهما المشترك على العمل نحو تعزيز علاقاتهما الثنائية لمصلحة الشعبين، المصري والتركي».
علاقات ودية ومتوترة
ترتبط مصر وتركيا بعلاقات دينية وثقافية وتاريخية قوية، وقد تراوحت طبيعة العلاقات الدبلوماسية بينهما من ودية للغاية في بعض الأحيان، إلى متوترة للغاية في أحيان أخرى. وبقيت مصر جزءاً من الإمبراطورية العثمانية، التي كانت عاصمتها القسطنطينية في تركيا الحديثة، لمدة ثلاثة قرون، رغم شنّ حاكم مصر، محمد علي، حرباً ضد السلطان العثماني، محمود الثاني، في عام 1831.
وأقامت تركيا علاقات دبلوماسية مع مصر في عام 1925 على مستوى القائم بالأعمال، ورفعت مهمتها في القاهرة إلى مستوى السفراء في عام 1948.
وتوترت العلاقات بين البلدين بشكل كبير في مناسبات عدة في تاريخهما، بما في ذلك فترة حكم جمال عبد الناصر لمصر، في خمسينات القرن العشرين وستيناته، وتدهورت بشدة في الفترة التي أعقبت عزل محمد مرسي في 3 يوليو/ تموز عام 2013 بعد الاحتجاجات الشعبية ضده والتي وقعت بين 30 يونيو/ حزيران، و3 يوليو/ تموز من ذلك العام.