عادي

تجمل المرأة لزوجها.. مطلب شرعي

22:22 مساء
قراءة 4 دقائق

القاهرة: بسيوني الحلواني

بعض السيدات المتدينات يهملن أزواجهن ولا يتجملن لهم، ويعتقدن أن الانشغال بالعبادة أو مطالب البيت والأولاد أهم من مطالب الأزواج الشخصية، ولذلك تحدث مشكلات كثيرة مع أزواجهن قد تنتهي بالطلاق.. وقد شهد برنامج إفتائي على فضائية عربية شهيرة مؤخراً جدلاً واسعاً بين سيدة متدينة وأحد علماء الأزهر بسبب إصرارها على أن زوجها قد تجاوز حقوقه الشرعية عندما عاتبها على عدم التجمل له وقالت «فليذهب ويتزوج من أخرى ترقص له في غرفة النوم».

مشكلة إهمال الزوجة لحقوق زوجها داخل المنزل تفرض نفسها على كثير من البيوت، ما تحتاج إلى توضيح شرعي من العلماء حتى يعرف كل من الزوجين حقوقه وواجباته.

يؤكد الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر أن تزين الزوجة لزوجها من حقوقه الشرعية التي لا يجوز التفريط أو الإهمال فيها، ويقول: الشريعة الإسلامية اهتمت بزينة الزوجة وتجملها لزوجها، واعتبرته أحد الحقوق الزوجية التي يجب الوقوف عندها والانتباه لقيمتها، لما يترتب عليه من نجاح واستقرار للحياة الأسرية، ويضيف: المذهب المالكي ألزم الرجل بتوفير أدوات الزينة لزوجته، وجعلها جزءاً من النفقة الملزم بها بعد المأكل والمشرب والملبس والمسكن.

1
د. أحمد الطيب

ويوضح د. الطيب أن المقصود بتجمل المرأة لزوجها ليس استخدام مساحيق التجميل والزينة الصارخة، بل اعتناء المرأة بشكلها وقوامها وألفاظها الجميلة وتوددها لزوجها، لأن هذا هو أقرب طريق إلى قلب الزوج، ويقول: حق التزين والتجمل ليس قاصراً على الزوجة، بل على الزوج التزين والتجمل لزوجته، بأن يعتني بشكله ومظهره، وهو ما يحقق استقرار الأسرة وسعادتها.

ويؤكد أن الشريعة الإسلامية تستهدف دائماً مصلحة الأسرة وتنشد استقرارها، ولذلك تحمل من التعاليم ما يوجه كل أفراد الأسرة إلى كسب ود وثقة واحترام الآخرين، ومن هنا نناشد كل أفراد الأسرة إلى الاهتداء بهدى الإسلام والوقوف على تعاليم شريعتنا الغراء والاهتداء بآداب الإسلام في التعامل، والاعتراف بالحقوق الشرعية ففيها العلاج لكل ما نعانيه في واقعنا الأُسري الآن.

ويشير د. علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر ومفتي مصر السابق إلى أن تدين الزوجة والتزامها بآداب وتعاليم دينها أمر محمود ينبغي أن يسعد به الزوج ويعينها عليه، لكن ينبغي أن تعلم كل فتاة أو سيدة أن التدين الصحيح ليس عزلة عن الحياة كما تفعل بعض المتدينات، ولا يعني انشغال المرأة عن زوجها وعدم التجمل له، فالإسلام يحث الزوجة على التقرب لقلب زوجها بكل ما هو مشروع، بل يفرض عليها ذلك حرصاً على توثيق صلات المودة والمحبة والألفة بينهما.

1
د. علي جمعة

ويضيف: ليس من الدين أن تهمل المرأة نظافتها، لذلك ليس من الدين إهمال الزوجة لزوجها وانصرافها عنه، وهذا واضح في كثير من التشريعات والأحكام الدينية، فلا يجوز للمرأة أن تصوم تطوعاً من دون إذن زوجها، ولا يجوز لها أن تتفرغ للعبادة في وقت يريدها زوجها فيه، ولا يجوز لها السفر لأداء العمرة أو حج النافلة إلا إذا أذن لها زوجها، ولو رفض الزوج، فعليها أن تطيعه، وإذا خالفته تكون آثمة وعاصية وناشزاً، وتحتاج إلى تقويم.

ويوضح أن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كنَّ يتجملن له ولا ينشغلن عنه طوال الوقت، وكنَّ يغرن عليه من بعضهن بعضاً، والقصص الصحيحة في ذلك كثيرة ومتنوعة.. لذلك لا يصح أن تهمل زوجة زوجها بسبب انشغالها بأداء عبادات أو طاعات، ولا بسبب عملها خارج المنزل، فالزوجة وظيفتها الأولى إشباع رغبات زوجها حتى تعفه وتصونه ولا تدفعه إلى التفكير في أخرى، وللأسف بعض الزوجات يهملن حقوق أزواجهن ويدفعنهم إلى الارتباط بأخرى، وعندما يحدث ذلك يملأن الدنيا صراخاً، وهذا طبع في كثير من النساء.

ويقول: حقوق الأزواج أولا، وقد قدمها الله سبحانه وتعالى على عبادته وطاعته في أداء النوافل، فلا ينبغي لسيدة أن تدعى أنها تتقرب الى الله على حساب سعادة زوجها وتحقيق مطالبه النفسية.

ويوضح أن المطلوب من الزوجة أن تتزين لزوجها باعتدال، وأساس الزينة المحافظة على النظافة مع لمسات بسيطة تعرفها كل امرأة، ويجب أن تعلم كل زوجة أن تزينها لزوجها حق له وواجب عليها، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة، إذا نظر إليها سرته، وإذا غاب عنها حفظته، وإذا أمرها أطاعته». وقديماً قالت أُمامة بنت الحارث في وصيتها المشهورة لابنتها قبل زفافها: «التفقد لموضع أنفه، والتعهد لموضع عينه، فلا تقع عيناه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح، وإن الكحل أحسن الموجود، والماء أطيب الطيب المفقود».

وتؤكد د. عفاف النجار الأستاذة بكلية الدراسات العربية والإسلامية للبنات بجامعة الأزهر أن الحياة الزوجية تفاعل بين رجل وامرأة جمعهما الله على السكن والرحمة والمودة، وينبغي أن يحرص كل منهما على ما يحقق رضا شريك حياته عنه، ويكون دائماً محط أنظاره ومحل اهتمامه، لذلك دائماً ننصح الزوجين بالتزين، فيرى كل منهما من الآخر ما يشرح الصدر، والكلام الطيب الذي يجذبه إليه ولا ينفره منه، ولذلك دعا الإسلام الزوجة إلى ضرورة التزين لزوجها، بل أيضاً على الزوج أن يتجمل لزوجته أيضاً حتى لا تنفر منه.

1
د. عفاف النجار

وتضيف: كثير من الرجال يعتقدون أن التزين واجب على المرأة وحدها، وهذا اعتقاد خاطئ، ويخالف شرع الله الذي جعل للمرأة من الحقوق مثل الذي عليها من الواجبات حين قال تعالى: «ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف»، وهذا معناه أنه إذا كانت الزوجة تتزين لزوجها، فلها أن تراه في صورة حسنة وتشتم منه رائحة طيبة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p954jjw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"