الجرح السوداني المفتوح

00:17 صباحا
قراءة 3 دقائق

على الرغم من أن الأحداث الساخنة في مناطق أخرى قد دفعت بالأزمة السودانية إلى الظل قليلاً، حيث تراجع الخبر السوداني في قائمة الأخبار اليومية، وبات مروره في نشرات الأخبار عابراً، ومقتضباً أحياناً، إلا أن من يتابع الشأن السوداني يرى بوضوح أن الجرح السوداني لا يزال نازفاً، وبشدة، وأن استمرار الصراع الدموي ينذر بمزيد من المآسي للشعب السوداني، وبالمزيد من الخسائر للوطن والشعب السودانيين، حيث لا يزال الموت والتدمير للبنية التحتية ومقدرات الشعب السوداني العنوان الأبرز في الأزمة السودانية، ما دعا منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، كلیمنتاین نكویتا سلامي، إلى الإعراب عن بالغ القلق إزاء استمرار ورود تقارير عن تعرض البنية التحتية المدنية للهجمات، مع تواصل القتال الوحشي في جميع أنحاء البلاد.

وأوضحت المسؤولة الدولية في بيان بهذا الشان، أنه في شهر أكتوبر/ تشرين الأول، وحده، كانت هناك حوادث عدة، بما فيها قصف مستشفى النَّو بقذائف، وهو آخر المستشفيات العاملة في أم درمان، ما أدى إلى مقتل شخصين، وإصابة خمسة آخرين، في وقت كان العاملون في المجال الطبي يعالجون المرضى.

كما أبدت المسؤولة الأممية قلقها إزاء ذلك، نظراً لاستمرار تفشي وباء الكوليرا في ولاية الخرطوم، وأجزاء أخرى من البلاد.

وكانت المسؤولة الدولية، دعت مراراً، على مدى الأشهر الستة الماضية، القوات السودانية وقوات الدعم السريع، وجميع أطراف النزاع في السودان، إلى حماية البنية التحتية المدنية، مضيفة أن النزاع في السودان تسبب بمعاناة لا توصف، وعلى نطاق لم يسبق له مثيل.

إن السودان على وشك الانزلاق إلى «حرب أهلية شاملة» قد تزعزع الاستقرار في المنطقة بأكملها، فيما القتال الدائر في السودان أدى إلى نزوح أكثر من 5 ملايين نسمة، وسط تردي الأوضاع الصحية ونقص المساعدات الإنسانية، أضف إلى ذلك أن نحو مليوني طفل تركوا منازلهم، وفقدوا فرصهم في التعليم منذ اندلاع النزاع في السودان، إذ تقدر منظمات دولية أن نحو 700 طفل ينزحون في كل ساعة في السودان، فيما تعاني الجهود الإنسانية نقصاً كبيراً في التمويل، إذ لا تغطي المساعدات سوى 31%، داعية المانحين لزيادة تمويل المنظمات المحلية والدولية.

يأتي ذلك في وقت أكملت فيه الحرب في هذا البلد العربي شهرها السادس، من دون ظهور أفق للحل، ووسط إحباط كبير في أوساط السودانيين، مع ارتفاع عدد القتلى إلى نحو 10 آلاف، والمشردين إلى نحو 6 ملايين، والخسائر المادية إلى أكثر من 60 مليار دولار، فضلاً عن الآثار الاقتصادية المأساوية، حيث توقع البنك الدولي انكماش الاقتصاد السوداني بمقدار 12 في المئة في العام الجاري.

وأمام هذا الواقع المؤسف الذي يعيشه السودان، يبدو أن إنهاء الحرب الدائرة في السودان بات أمراً ملحّاً، خاصة أن تداعيات الأزمة السودانية لن تبقى محصورة في السودان فقط، وإنما قد تطال مناطق أخرى أيضاً، ما يستدعي تدخلاً عربياً أوسع، لتخليص السودان من براثن هذه الأزمة التي باتت تهدد مستقبله بشكل خطر، وتهدد الأمن والسلام في المنطقة كلها، فهل يستطيع العرب تضميد جراح السودان، قبل أن يستفحل وباء الصراع الدموي في هذا البلد ؟ إنه سؤال يبدو أن قادم الأيام فقط هو ما سيجيب عنه.

ولعل استئناف المفاوضات في جدة بين الطرفين المتناحرين يفتح الطريق أمام تسوية ممكنة تؤدي إلى وقف إطلاق النار وإخراج السودان من جحيم الحرب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ybwtf3t7

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"