نبيل سالم
الأمريكيون والأوكرانيون يتبادلون الاتهامات بشأن إخفاق القوات المسلحة الأوكرانية في ساحة المعركة في مواجهة الجيش الروسي، هذا ما كشفت عنه صحيفة «الواشنطن بوست» الأمريكية مؤخراً.
ففي مقال للصحفي الأمريكي ماكس بوت، كشف عن أن خلافاً يدور بين واشنطن وكييف، وأن «خلف الكواليس، غالباً ما يشير المسؤولون الأوكرانيون والأمريكيون بأصابع الاتهام إلى بعضهم بعضاً».
ويوضح الكاتب أن الأمريكيين يتذمرون سراً من أداء الأوكرانيين السيئ في شن هجوم مضاد، ما أدى إلى تفاقم التناقضات بين واشنطن وكييف، مشيراً إلى أن الأوكرانيين بدروهم يشتكون من أن الغرب لم يزودهم بالأسلحة الكافية لاختراق التحصينات الروسية، وأن العديد من الأسلحة التي حصلوا عليها باتت في حالة سيئة.
وتأتي هذه الأنباء المسربة عبر الصحافة الأمريكية، بعد تزايد المؤشرات الواضحة حول فشل الهجوم الأوكراني المضاد الذي تم الترويج له طويلاً، والذي بدأته القوات الأوكرانية منذ يونيو/حزيران الماضي، بعد أن حصلت على كميات كبيرة من مختلف الأسلحة من الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة، ناهيك عن مشاركة وحدات دربها الناتو وزودها بأسلحة ومعدات غربية، لكن على الرغم من كل ذلك فشلت قوات كييف في تحقيق أي من أهدافها وفي اختراق تحصينات القوات الروسية، وتكبدت خسائر فادحة.
وعلى الرغم من أن المساعدات الغربية عامة والأمريكية بشكل خاص لم تحدث النقلة النوعية التي توقعها الغرب في ساحة المعركة، وذلك كما هو ظاهر من مجريات المعارك على الأرض، إلا أن الكثير من المتابعين للحرب الأوكرانية يعزون الفشل العسكري إلى أسباب أخرى.
وفي هذا الشأن يرى بعض المحللين أن إدارة بايدن ومؤيدي السياسة الأمريكية الحالية فشلوا حتى الآن في تقديم مسوغات استراتيجية تبرر التكاليف الباهظة والمخاطر التي تتكبدها أمريكا في الحرب الروسية الأوكرانية.
ويرى هؤلاء أنه على الرغم من وضوح الرؤية حول الأهداف التي ستحققها أوكرانيا من الدعم الذي تقدمه واشنطن، فإن تحديد المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة والنقاش حول خدمة ذلك الدعم للأهداف والمصالح الوطنية الأمريكية ما زال غائباً، وأن المصالح الاستراتيجية الأمريكية في أوكرانيا اختزلت حتى الآن في الحديث عن مبادئ عامة لتبرير الدعم الهائل لكييف.
ومن أهم المسوغات أو الحجج التي تحاول الولايات المتحدة تسويقها لتبرير دعمها لكييف هي أنه لا يمكنها أن تتسامح مع ما تسميه «العدوان الروسي في أوكرانيا»، لأن ذلك من شأنه تشجيع موسكو على التوسع أكثر على نحو يهدد المصالح الأمريكية، وهو ما عبر عنه بوضوح ستيفن هادلي، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، بأن هناك اهتماماً أمريكياً راسخاً بردع الرئيس الروسي «حتى لا يفكر أن بإمكانه تكرار ما قام به في السنوات الخمس أو العشر القادمة». ومن تابع الأزمة الأوكرانية يلاحظ بسهولة أن الولايات المتحدة لم تكن راغبة في دعم أوكرانيا أو لا تستطيع دعمها بالشكل الذي يجعلها قادرة على تحقيق نصر ساحق، وإنما كانت تسعى إلى استنزاف روسيا، أو إغراقها في ما تعتقد بأنه المستنقع الأوكراني، وهو ما يبدو أنه غاب عن عقل صانع القرار الأوكراني الذي تحول إلى مجرد قطعة شطرنج في لعبة السياسة البراغماتية الأمريكية، ليس إلا.