عادي
«التربية» تعلن تأسيس منصة «AI Tutor»

يثير مخاوف المدرسين.. المعلم الافتراضي يصل إلى الميدان

01:23 صباحا
قراءة 6 دقائق

تحقيق: محمد إبراهيم

في خطوة جادة نحو دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في التعليم الوطني، أعلنت وزارة التربية والتعليم مؤخراً تأسيس منصة المعلّم الافتراضي (AI Tutor )، التي تفعل تجريبياً في ديسمبر 2023، في إعلان رسمي وصول المعلم الافتراضي إلى الميدان التربوي، ما أثار مخاوف شريحة من الكوادر التدريسية.

خبراء وتربويون أكدوا أن ظهور المعلم الافتراضي، يعد حافزاً يستنفر همم الكوادر التدريسية، لكنه يضع معلمي اليوم في مواجهة مع الوافد الجديد، ولا بدائل عن الإعداد الجيد للمعلم وتأهيله وتطوير أدائه وتنمية قدراته، لتمكينه من مواكبة تقنيات الذكاء الاصطناعي وسبل التعاطي معها باحترافية.

عبر عدد من المعلمين عن مخاوفهم من قدوم المعلم الافتراضي، معتبرين أن التطورات المتسارعة في تكنولوجيا التعليم تعد التحدي الأكبر لمعلمي اليوم، مؤكدين أنه يتوجب على الكادر التدريسي الاستنفار والابتعاد عن الروتين الذي بات لا يصلح للقيادة والتوجيه في المستقبل القريب؛ إذ إن أساليب المعلم التعليمية تنعكس على نوعية المخرجات وجودتها.

«الخليج» تناقش مع خبراء وقيادات تربوية ومعلمين، المخاوف التي تهدد مستقبل بقاء المعلمين في الميدان، وكيفية مواكبة المتغيرات الحاصلة في التعليم، والسمات الأساسية الواجب توفرها في معلم المستقبل، لاسيما بعد انخراط المعلم الافتراضي في مجتمع التعليم.

«الخليج» تقرأ المشهد

في قراءة ل«الخليج» لمشهد التطورات والمستجدات في قطاع التعليم، كشفت وزارة التربية والتعليم عن تفاصيل منصة المعلم الافتراضي التي تدخل حيز التجريب في ديسمبر المقبل، في إطار التزام الوزارة بتطوير النظام التعليمي في الدولة ليواكب احتياجات المستقبل وتأهيل الطلبة للتعاطي مع التحديات.

يعد انخراط المعلم الافتراضي في قطاع التعليم اتجاه لتوظيف الذكاء الاصطناعي التوليدي في العملية التعليمية، وترسيخ ثقافة الابتكار في المنظومة التعليمية، فضلاً عن توفير خيارات وموارد تعليمية رقمية تلبي احتياجات الطلبة كافة، لاسيما أنه يتم مواءمة المعلم الافتراضي مع المنهاج الدراسي في الدولة.

يحقق ظهور المعلم الافتراضي تكاملاً في الأدوار بين المعلم وتطبيقات الذكاء الاصطناعي؛ إذ إن المنصة الموحدة تجمع بين مساعد المعلم المدعوم بالذكاء الاصطناعي وقدرات «التربية» وتمكين ملايين الطلاب من التعليم، فضلاً عن إثراء تجربة التعلم المصممة لتناسب احتياجات التعلم الفريدة لكل طالب، كما يسهم محتوى المنصة في رسم ملامح جديدة للتعليم ووضع أفضل الفرص التعليمية في متناول مختلف الطلاب.

دوافع التطوير

انخراط المعلم الافتراضي في العملية التعليمية وقيامه ببعض أدوار المعلم، أبرز الدوافع التي تفرض على المعلمين التطوير المستدام، لمواكبة سرعته ودقته في العملية التعليمية، فقد أصبح منافساً قوياً للمعلمين في الميدان، هذا ما وصل إليه عدد من المعلمين والمعلمات «منى الأحمدي، وريبال غسان العطا، وسارة عبدالله، وإبراهيم القباني، ووفاء الباشا».

وأكدوا أهمية تطوير المعلمين لمواكبة المستجدات العالمية في طرائق التدريس واستراتيجياته؛ إذ إن أكبر تحديات المعلم في الوقت الراهن تكمن في كيفية المحافظة على تطوير مهاراته، في ظل تطورات التقنيات المتلاحقة، وحتمية مواكبة المتغيرات من أجل البقاء، لاسيما أن التكنولوجيا باتت منافساً قوياً لاستمرارية المعلمين في العملية التعليمية بعد نجاحها في أداء العديد من مهام المعلم.

قنوات التأهيل

وطالبوا بالمزيد من التدريب وقنوات التأهيل والارتقاء بالمهارات والقدرات، استناداً إلى التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، لتمكين المعلم من إدراك دوره في العملية التعليمية في المستقبل القريب، بحيث يكون قادراً على استخدام تكنولوجيا الواقع الافتراضي، وتقديم محتوى تعليمي مبتكر، لا يستند في مضمونه إلى المناهج فحسب؛ بل يدخل في نطاقه الطالب فكرياً وعلمياً، من خلال بيئة رقمية يتفاعل فيها المتعلم ليصبحوا جميعاً مؤثرين ومتأثرين في آن واحد.

تحدٍ جديد

ويرى عدد من التربويين «سلمى عيد ورانا عبد الإله وميسون حمد»، أن الآونة الأخيرة شهدت تطويراً في تقنيات الذكاء الاصطناعي لغرض التعليم؛ إذ يمكنها فعلياً أن تدرس مختلف المراحل العمرية، للاستفادة منها في المستقبل بدلاً من المعلم الحالي، بهدف تخفيف الضغوط على ميزانيات ونفقات التعليم، والدعوات إلى إيجاد نظام تدريس ذاتي، موضحين أن الروبوتات الحالية مؤهلة، لتكون جزءاً من البنية التحتية التعليمية، بحيث تقوم بتوفير الوقت للمعلم للتركيز على الجوانب التعليمية الأساسية مثل تقديم تجربة تعليمية شاملة ومثمرة.

وأفادوا بأن مواءمة المعلم الافتراضي مع المناهج التعليمية يمكن أن تشكل تحدياً لوجستياً كبيراً؛ بل وقد تنطوي على بعض المخاطر، حيث يمكن أن تؤدي إلى اعتماد الطلاب بشكل كبير على المعلم الافتراضي بدلاً من مجرد الاستعانة بخدماته عند مواجهة صعوبات تعليمية.

مواءمات وتحديثات

وحول ما وصلت إليه قدرات المعلم الافتراضي، ومدى كفاءاته ليحل محل المعلم، أثبتت دراسات حديثة، أن المعلمين الافتراضيون يمكنهم أن يضطلعوا بدور مهم في تعليم الصغار، لكنهم لا يستطيعون أن يحلوا مكان المعلم البشري بالكامل، إلا من خلال مواءمات وتحديثات مستمرة في أنظمة التشغيل، مشيرة إلى أن قدرة الروبوت الاجتماعي تمكنه من تدريس مجالات علمية متنوعة مثل المفردات اللغوية والأرقام، وبات للمعلم الافتراضي القدرة على الحديث والتفاعل الاجتماعي، لذا اقتربت كفاءته من مهام مساعد المعلم.

التوجه العالمي

من جانبه أكد الخبير الدكتور عطا عبد الرحيم رئيس التعليم المستمر بالجامعة القاسمية، أن العالم ينفق ما يقارب 1.3 تريليون دولار على التعليم المدرسي سنوياً؛ وسيرتفع هذا الرقم ليصل إلى نحو 3 تريليونات دولار بحلول عام 2030، في وقت يعاني نقص الكوادر التعليمية، والحاجة إلى ملايين المعلمين لسد هذا النقص، معتبراً أن التحدي الكبير يتمثل في تدريب المعلمين الحاليين وتأهيلهم. ويرى أن التوجه العالمي في التعليم، يأخذنا إلى الاعتماد على الذكاء الاصطناعي وتقنيات التكنولوجيا المتسارعة، لتوفير النفقات، وتحقيق الجودة ودقة الأداء التي يتمتع بها المعلم الافتراضي، لكن أكد أهمية توحيد الرؤى والبرامج التدريبية بوسائل جديدة ونظم مطورة، لاسيما التي تعنى بتأهيل المعلم وإعداده للمستقبل، وفق المتغيرات والتطورات المتسارعة التي يشهدها قطاع التعليم.

خمس ركائز

الخبير الدكتور وافي الحاج، يرى أن هناك خمس مرتكزات مهمة، تشكل مستقبل المعلم، تضم تأهيل المعلم وتدريبه وفق برامج هادفة تواكب في مضمونها المتغيرات والتطورات في مختلف المراحل، وتمكين جميع المعلمين من تكنولوجيا الواقع الافتراضي، وتطوير البيئة التعليمية وفق المتغيرات، وبناء جيل جديد من القيادة المدرسية القادرة على مساندة المعلم في مسيرة بناء الأجيال، فضلاً عن إيجاد استراتيجيات تعليمية متنوعة تحاكي مختلف فئات المتعلمين.

وأكد أن مستوى الذكاء الاصطناعي للروبوتات حالياً، يمكنها من إدراك أقوال الطلاب وأفعالهم بشكل كامل، وكيفية التعامل معهم، وما زالت عملية التطوير مستمرة ولن تتوقف، وهذا يعني أن التحدي مازال قائماً، ويفرض على المعلمين التطوير المستمر في الأداء المهني والتقني لمواكبة المعلم الافتراضي في مجال التعليم، مع التركيز على ماهية التدريب ومحتواه، وطرائق التأهيل ومرتكزات إعداد المعلمين في المرحلة المقبلة.

التغيير الإيجابي

من جانبها تركز وزارة التربية والتعليم على بناء معلم واثق ومؤهل، ينظر إلى التغيير بإيجابية؛ إذ إن المعلم يعد القدوة والمثل الأعلى للطالب، والأقدر على غرس القيم والأفكار الإيجابية والدافعية لدى الطالب، وتعول الوزارة على برامج تدريب تخصصية مستمرة، تسهم في تحقيق احتياجات النظام التعليمي وتوظيف المهارات، وتستهدف جميع الفئات في الميدان التربوي، وتمثل خطوة مهمة نحو توفير فرص منهجية للتعليم المستمر للكوادر التعليمية بمختلف التخصصات.

ولكن يبقى السؤال هل يستطيع المعلم الافتراضي أن يهيمن على ساحة العلم؟ وإلى أي مدى تصل قدرته إلى تطوير كفاءته ليصبح معلم المستقبل الوحيد؟ وما آثاره في مستقبل المعلمين في الميدان التربوي؟ أسئلة كثيرة تشغل بال الخبراء والتربويين والمعلمين في ميادين التعليم.

فرصة النجاح

أكد خبراء أن الفرصة كبيرة لنجاح المعلم الافتراضي في مجال التعليم؛ إذ يعد حلاَ فاعلاً لمعالجة إشكالية نقص المعلمين في ميادين التعليم على مستوى العالم، فضلاً عن أن استخدامه يسهم في تقليص النفقات الكبيرة للدول على التعليم، مع دقة أدائه وسرعته وقلة كلفته.

دور كبير

يعتقد مسؤولي تكنولوجيا التعليم بأنه في غضون سنوات قليلة، سيكون للمعلم الافتراضي دور كبير في جميع أنحاء العالم، دون أن يؤثر سلباً في المعلم «البشري» الحقيقي، وأهم فوائده تكمن في قدرته على تدريس التخصصات النادرة مثل اللغات اللاتينية واليونانية أو العلوم المتقدمة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2dxyujph

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"