قواعد الميثان الأوروبي

21:31 مساء
قراءة 3 دقائق

غافين ماغواير*

بوصفها أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال لأوروبا، كانت الولايات المتحدة المستفيد الرئيسي من استبدال مرافق وأنابيب إمدادات الغاز الروسي المنخفضة أساساً بواردات من مصادر أخرى على شكل غاز طبيعي مسال.

ولكن بعد اتفاق الاتحاد الأوروبي على وضع حدود لغاز الميثان على واردات النفط والغاز الأوروبية اعتباراً من عام 2030، سينتاب شركات شحن الغاز الطبيعي المسال الأمريكية قلق عارم من أن سوقها الأوروبية الأكثر ربحية عرضة للخطر بسبب المستويات العالية المستمرة من انبعاثات غاز الميثان في جميع أنحاء سلسلة الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة.

ويعتبر الميثان المُكوّن الأساسي للغاز الطبيعي، ومن مصادر الغازات الدفيئة الأقوى كثيراً من ثاني أكسيد الكربون من حيث احتمالية تسببه في الاحتباس الحراري العالمي على المدى القريب. وقد أظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أنه في عام 2022 باع المُصدرون الأمريكيون ما قيمته 33 مليار دولار من الغاز الطبيعي المسال إلى المشترين الأوروبيين، أي أكثر من ثلاثة أضعاف القيمة المبيعة إلى أوروبا في عام 2021، قبل أن تؤدي الحرب الروسية الأوكرانية إلى قطع تدفقات خطوط الأنابيب إلى أوروبا العام الماضي.

وظلت صادرات الولايات المتحدة من السلعة الحيوية إلى أوروبا قوية في عام 2023، مع قيمة بلغت نحو 14 مليار دولار حتى أغسطس/ آب، حيث تمثل أوروبا ثلثي إجمالي الصادرات الأمريكية من الغاز الطبيعي المسال.

ومع ذلك، كجزء من الجهود المبذولة للحد من الانبعاثات الإجمالية وقياس التلوث من موردي الطاقة الخاصة بهم، وافقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على فرض قيم الحد الأقصى لكثافة غاز الميثان على جميع المنتجين الذين يشحنون الوقود إلى أوروبا.

وهذا يعني أن موردي الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة سيكونون معرضين لخطر خسارة المبيعات إلى أوروبا إذا فشلت كثافة غاز الميثان الموجود في شحناتهم في تلبية المعايير التي سيضعها الاتحاد الأوروبي.

وفي السياق ذاته، تُعد صناعة النفط والغاز في الولايات المتحدة أكبر منتج للميثان في البلاد، مع 12297 كيلو طن من الانبعاثات في عام 2021، لتحتل بذلك المرتبة الثانية بعد روسيا التي أطلقت 14866 كيلو طن، وذلك بحسب مؤشر تتبع الميثان الخاص بوكالة الطاقة الدولية.

لكن في المقابل، إذا ما وضعنا كثافة غاز الميثان في الاعتبار، أو قسنا الكمية المنبعثة من صناعة النفط والغاز فسنجد أن الولايات المتحدة تحتل المرتبة العاشرة، مع انبعاثات بنحو 8.18 طن من الميثان لكل كيلو طن من مكافئ الطاقة النفطية. وهي مقارنة إيجابية للغاية مع 53.35 طناً في فنزويلا لكل كيلو طن من المكافئ النفطي، و14 طناً من معدل الميثان في روسيا.

ومع ذلك، لا تزال القراءة الأمريكية أقل جودة مقارنة بكندا (5.17 طن من الميثان/ كيلو طن مكافئ نفطي) والمملكة العربية السعودية (4.9 طن)، ما يعني أن قطاع النفط والغاز الأمريكي لديه المجال لتحسين انبعاثاته بين منتجي النفط والغاز الرئيسيين عالمياً.

علاوة على ذلك، ليس من الواضح أين سيرسم المشرعون في الاتحاد الأوروبي الخط الفاصل فيما يتعلق بمستويات كثافة غاز الميثان المقبولة، وما إذا كانوا يخططون لتعديل العتبات بمرور الوقت.

ولكن نظراً لأهمية الصناعات التي تعمل بالغاز في جميع أنحاء أوروبا، فمن غير المرجح أن يفرض صناع السياسات مثل هذه المعايير القاسية التي قد تحد من الكميات من الموردين الرئيسيين، وربما تؤثر على أسواق الطاقة المحلية.

ونظراً للوتيرة السريعة لتوسعات قدرات الطاقة المتجددة في عموم القارة، والتزام المنطقة بالتخلص التدريجي من معظم استخدام الوقود الأحفوري تماماً بحلول منتصف القرن، فمن الممكن أن تنخفض احتياجات أوروبا الإجمالية من الغاز بشكل كبير بحلول موعد بدء تطبيق المعايير الجديدة.

وهذا بدوره يعني أن لصناع السياسات الحق والسلطة بوضع معايير عالية فيما يتعلق بملف انبعاثات الوقود القابل للاستيراد، خاصة بالنسبة للمنتجات ذات المصادر المحتملة المتعددة لتسرب الانبعاثات مثل خطوط أنابيب الغاز، وصهاريج التخزين، ومحطات التسييل، وناقلات الغاز الطبيعي المسال، ووحدات إعادة التحويل.

إضافة إلى ذلك، وبغض النظر عن القرار النهائي للاتحاد الأوروبي، فمن مصلحة جميع منتجي النفط والغاز في الولايات المتحدة أن يخفضوا بشكل كبير الانبعاثات المرتبطة بعملياتهم، حيث يطالب المستهلكون المحليون بشكل متزايد بمصادر طاقة نظيفة.

بالتالي، إذا أراد المسؤولون عن الغاز الطبيعي أن تظل السلعة عنصراً رئيسياً في مزيج توليد الكهرباء محلياً، وشكلاً مهماً من أشكال التصدير عالمياً فإن سلسلة التوريد بأكملها للغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة يجب أن تصبح أكثر نظافة وسرعة وكفاءة.

*كاتب متخصص في أسواق السلع والطاقة الآسيوية (رويترز)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/26dh8ayv

عن الكاتب

كاتب متخصص بأسواق السلع وانتقال الطاقة العالمية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"