عادي
يوهان زوفاني فنان ألماني تخصص في رسم العائلات

«اللورد ويلوبي» توثق تقاليد طبقة النبلاء الإنجليزية

15:07 مساء
قراءة 4 دقائق
لوحة «اللورد ويلوبي وعائلته»
يوهان زوفاني


الشارقة: عثمان حسن

يوهان جوزيف زوفاني (13 مارس 1733 - 11 نوفمبر 1810) هو رسام ألماني المولد محسوب على المدرسة الكلاسيكية الجديدة، نشط كفنان ذي شعبية هائلة في كل من إنجلترا وإيطاليا والهند. تظهر أعماله في العديد من المجموعات البريطانية البارزة، مثل: المعرض الوطني ومعرض تيت والمجموعة الملكية، إضافة إلى مؤسسات أخرى في أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا.

زوفاني من أصل مجري، ولد بالقرب من فرانكفورت، وكان ابن صانع خزائن ومهندس معماري في بلاط ألكسندر فرديناند، تلقى في صغره دراسة أولية في ورشة للنحت بمدينة إلفانجن الألمانية خلال أربعينات القرن الثامن عشر، ولاحقاً في مدينة ريغنسبورغ مع الفنان مارتن سبير.

في عام 1750، سافر إلى روما، ودخل استوديو أغوستينو ماسوتشي. في خريف عام 1760، وصل إلى إنجلترا، وهنا، عمل مع صانع ساعات، حيث قام برسم تصميمات زخرفية لساعاته.

بحلول عام 1764، كان زوفاني يتمتع برعاية الملك جورج الثالث ملك إنجلترا (1738 – 1820) وزوجته الملكة شارلوت، حيث قام برسم مشاهد غير رسمية للملكة داخل منزلها في باكنغهام. تمتع كذلك بشعبية واسعة لدى العائلة الإمبراطورية النمساوية، وعُيّن باروناً للإمبراطورية الرومانية المقدسة في عام 1776.

كان زوفاني أحد الأعضاء المؤسسين للأكاديمية الملكية الجديدة في عام 1768، وكان يتمتع بشعبية كبيرة في مجتمعه، بسبب ما أنتجه من رسومات حيوية، رسم العديد من الممثلين والممثلات البارزين، ولا سيما ديفيد جاريك، الممثل الأكثر شهرة في عصره، وهو المعروف بتقديمه لشخصيتي هاملت والملك لير من أعمال شكسبير.

برع زوفاني في رسم ما يطلق عليه «قطعة المحادثة المسرحية»، وهي مجموعة فرعية من «قطعة المحادثة» التي نشأت مع الطبقات الوسطى في القرن الثامن عشر. وهي عبارة عن صورة جماعية غير رسمية، صغيرة نسبياً، وغالباً ما تكون لمجموعة عائلية أو من دائرة الأصدقاء. وقد تطور هذا النوع في هولندا وفرنسا، وأصبح شائعاً في بريطانيا نحو 1720. وقد وصف أحد النقاد زوفاني بأنه «المبدع الحقيقي وسيد هذا النوع من الرسومات».

ومن أعماله المهمة في هذا الإطار لوحات: «عائلة كوبر جور، عائلة شارب، عائلة مورس وكاتور، عائلة السير ويليام يونغ»، وأيضاً صورة عازف التشيلو والملحن الثمانيني المحترف جياكومو سيرفيتو.

من أهم أعماله لوحة (اللورد ويلوبي دي بروك الرابع عشر وعائلته)، وهي من اللوحات التي تمتاز بسحر خاص بما فيها من تصوير لحركة الشخصيات وكأنها صورة ناطقة مفعمة بالتعابير والتفاصيل الدقيقة. شخصيات العمل البارزة في اللوحة هي: (جون فيرني، الملقب بالبارون الرابع عشر ويلوبي دي بروك (5 أغسطس 1738 - 15 فبراير 1816) وهو أحد أفراد طبقة النبلاء في إنجلترا، الزوجة أو السيدة لويزا نورث، أطفالها الثلاثة: الصغيرة لويزا، الابن الأصغر جورج، الابن الأكبر) واللوحة تصور لحظات التحول بين الطفولة والصبا، من جهة الأولاد، فتبرز تلك المرحلة التي يبدؤون خلالها في ارتداء السراويل بدلاً من الفساتين كما هو عادة العائلات الأرستقراطية في أوروبا بالقرن الثامن عشر.

تجلس السيدة لويزا على طاولة معدة لتناول الشاي، تحمل ابنتها الصغيرة «لويزا»، فيما يظهر الابن الأصغر جورج وهو يلتقط قطعة من الخبز بالزبدة من المنزل، وفي الأثناء نلمح الوالد وهو يقوم بتوبيخه في إشارة، وهناك الابن الأكبر الذي يظهر جهة اليمين وهو يسحب لعبة حصان حمراء زاهية.

تندرج اللوحة في سياق الرسومات الشهيرة لزوفاني، خاصة تلك التي توثق لحياة النبلاء، وفي اللوحة تظهر السيدة لويزا بثوب أزرق فاتح ومتلألئ، وقد حرص الرسام على إبراز تفاصيل من البيئة الطبيعية، ولأن اللوحة تصور لحظة استعداد العائلة لتناول الشاي، تبرز على المنضدة أطباق فيها أنواع من الخبز والفطائر، وثمة إناء خزفي فاخر مخصص لشرب الشاي، واللوحة تظهر تفاصيل انعكاسات الضوء على قطعة الخزف المصقولة، في خلفية اللوحة ثمة ستارة صفراء اللون تنسجم مع تدرج لوني يميل إلى الزيتوني، كما يظهر في الجدار الخلفي للغرفة التي تزين أرضيتها سجادة مزخرفة وثمينة باللون الأحمر.

اللوحة بحسب خبراء الفن، وكأنها تدلي ببيان حول الوضع الاجتماعي للعائلة النبيلة، وهي عائلة قديمة من الطبقة الحاكمة في بريطانيا، التي ظهرت في اللوحة كعائلة ثرية كما هو واضح في الأزياء العصرية لكل أفراد الأسرة.

  • * نقد

نظر النقاد إلى يوهان زوفاني، بوصفه مصوراً ماهراً، برع في تصوير شخصيات حية متفاعلة، وقد اعتبرت اللوحة بمثابة تحفة توثيقية جماعية وغير رسمية تم تقديمها كنوع جديد من الرسم بإنجلترا في القرن الثامن عشر، وتظهر بوضوح صورة من العادات الاجتماعية التي كانت سائدة في ذلك الزمن.

يقول دافيد جاسباروتو، أمين اللوحات في متحف «جيه بول جيتي»: «إن تصوير زوفاني للورد ويلوبي دي بروك وعائلته هو من أكثر الصور العائلية روعة، وذلك بسبب «جودتها التصويرية»، وذلك ما نلحظه في انعكاسات جرة الشاي الفضية، وبسبب «طابعها غير الرسمي».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3e99zw8k

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"