عادي

المسرح المضاد يراوح بين الحلم والواقع

19:40 مساء
قراءة دقيقتين
غلاف الكتاب

القاهرة: الخليج

أصدر الدكتور أسامة أبو طالب كتابه «المسرح الألماني المضاد» عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، ويضمّ ترجمة أربع مسرحيات للكاتب المسرحي راينر فيرنر فاسبندر الذي رحل عن 36 عاماً، مخلفاً وراءه ما بين أربعين فيلماً سينمائياً وأكثر من ستة عشر نصاً مسرحياً، وأعمالاً إذاعية ودرامية وضع فيها عصارة فنه ورحيق تمرده ومرارة إحساسه المرهف بتناقضات الأشياء والبشر، ووعيه الحاد بمفارقات الوجود والكون، ومعاناته من خذلان الرؤى وخسارة التوقعات وجنون الصدمة، فاستسلم بإرادته مقرراً أنه لم يعد لديه طاقة للاحتمال، وليستسلم الجسد المرهق، ويكف القلب الذي أنهكه الخفقان، مثلما يأخذ العقل الذي أنهكه التساؤل المقيم فرصته الأبدية كي يستريح، مات ذلك الرجل الذي جافى النوم متحدياً، وعندما سألوه لماذا؟ أجاب: سأنام فقط عندما أموت.

كان عام 1968– كما يقول أبو طالب– بزخمه السياسي والفكري الذي عاشته أوروبا هو عام التحول الذي مارسه فاسبندر عن مسرح الواقع الذي انتمت إليه بداياته، ومارس في إطاره تجاربه، واقترن ذلك التحول بتأسيس حركة مسرحية جديدة أطلق عليها اسم «المسرح المضاد»، فقد رأى فاسبندر أن المسرح الأصيل إنما يقع في ذلك اللقاء بين الحلم والواقع، كما ينتمي بشكل أو آخر إلى منطق المسرح الحي وأفكاره، باعتماده وظيفة التحريض أو الاستفزاز في مواجهة صراع محتوم ضد المسرح السائد والمنتشر، والذي طال تسيده وتمكن استقراره.

كان السبب وراء ذلك التحول التزامن الذي عاشه العقل الأوروبي الشاب مع أحداث ووقائع الحركة الطلابية العالمية أو «ثورة الطلبة»، ما أدى إلى تسييس الحركة الوليدة للمسرح المضاد، وتحولها مع عدد من المسارح التقليدية الأخرى في ذلك الوقت إلى حركة سياسية واعية مضادة للقهر والطغيان اللذين صبغا مجريات الأحداث ووقائع الحياة في القرن العشرين، وضمنها نزعة إنسانية فياضة لا يصعب اكتشافها في أعمال المسرح المضاد، رغم الكثير من الاتهامات بسبب المنافسة أو بسبب عدم الفهم أو كراهية التجديد المعتادة، والتي وصفت فاسبندر وأصحابه ومنهجهم بالعدمية تارة وتارة أخرى بالدعوة إلى الانحراف.

يرى أبو طالب أن أقرب وصف للممثل في تصور فاسبندر هو ما عبّر عنه المسرحي الشهير مايرهولد حينما سأل عما يميز الممثلين الذين يعملون معه، فأجاب أولاً أنهم لا يفكرون، وثانياً أنهم لا يفكرون بأسلوب مثالي بل مادي؛ حيث يخرج الممثل في عرف هذا المسرح عن كل ما اتفق عليه من تسميات اصطلاحية تعترف به «لاعباً» أو «مؤدياً» أو «عارضاً» على الرغم من بقاء اسمه ممثلاً عند فاسبندر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yfae7c66

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"