عادي

طبول الحرب تقرع في أمريكا اللاتينية.. ماذا يحدث بين غويانا وفنزويلا؟

16:49 مساء
قراءة 4 دقائق

الخليج» - وكالات

على غرار أوروبا تدق طبول حرب جديدة في أمريكا اللاتينية، حيث أعطت الجمعية الوطنية الفنزويلية الضوء الأخضر لإجراء استفتاء وطني في 3 ديسمبر/كانون الأول 2023 من أجل الفصل في وضعية إقليم «إيسيكيبو» الغني بالنفط من حيث ضمه أو لا، وهو إقليم خاضع لسيطرة الجارة «غويانا» الحليفة الوثيقة للولايات المتحدة الأمريكية على عكس «كراكاس» المقربة من روسيا.

‌ويتحدث محللون سياسيون عقب الاستفتاء الذي أجاب خلاله بـ«نعم» أكثر من 95% من الناخبين الفنزويليين الأحد، للمطالبة بسيادة فنزويلا الإقليمية على ثلثي مساحة «غويانا»، عن بداية صراع مسلح على خلفية نشر فنزويلا جنودها في جميع أنحاء البلاد.

ما القصة؟

تعتبر المشكلة بين غويانا وفنزويلا أكثر تعقيداً وأقدم من كونها خلافاً أيديولوجياً بين جارتين، وتعود جذورها إلى أكثر من 200 عام، وتحديداً عام 1824، عندما طالبت فنزويلا بضم إقليم «إيسيكيبو» إليها، باعتباره جزءاً من أراضيها ولا ينتمي لدولة غويانا.

وحدثت مداولات ومباحثات في هذا الشأن لعشرات السنين، كما أخذ الأمر طريقه للمحاكم الدولية ووقعت اتفاقيات، وانتهى الأمر باستمرار إقليم «إيسيكيبو» في حوزة دولة غويانا.

ومع التقلبات السياسية واتجاهات الدولتين لم يستتب الأمر، وعاد الصراع يطل برأسه مرة أخرى، حيث قررت فنزويلا فجأة، وبعد 200 سنة، إجراء استفتاء شعبي على ضم إقليم «إيسيكيبو» لسيادتها، كجزء من أراضي فنزويلا، وجاءت نتيجة الاستفتاء، الاثنين، بموافقة الشعب في فنزويلا على ضم إيسيكيبو بأغلبية ساحقة بلغت 95%.

وتؤكد كراكاس بأن نهر إيسيكيبو الواقع شرق المنطقة يمثّل الحدود الطبيعية بين البلدين كما أُعلن عام 1777 في ظل الحكم الإسباني، وبأن المملكة المتحدة قسمت الأراضي الفنزويلية بشكل خاطئ في القرن التاسع عشر.

لكن غويانا تؤكد بأن الحدود أقيمت في حقبة الاستعمار البريطاني وثبتتها محكمة تحكيم عام 1899، وتقول إن محكمة العدل الدولية التي تعد أعلى هيئة قضائية أممية صادقت على هذا الاستنتاج.

طلبت غويانا من محكمة العدل حظر الاستفتاء الذي اعتبرت أنه يرقى إلى انتهاك للحقوق الدولية، لكن من دون جدوى.

ودعت محكمة العدل الدولية الجمعة كراكاس إلى عدم اتخاذ أي خطوة من شأنها إدخال تغييرات على الأراضي المتنازع عليها، لكنها تجنّبت الإشارة إلى الاستفتاء. تعهّدت كراكاس بدورها المضي قدماً بتنظيمه.

وقال رئيس غويانا عرفان علي تعليقاًَ على تصعيد فنزويلا «نعتقد أن القضاء، لا القوة، يجب أن يكون الحكم في النزاعات الدولية».

وندد الرئيس الفنزويلي الاشتراكي مادورو بدوره بـ«علي» الجمعة واصفاً إياه بأنه «متهور ووقح» ومشيراً إلى أنه يعمل لصالح شركات الطاقة الأمريكية.

أهمية الإقليم

ومطالبة فنزويلا بضم إقليم «إيسيكيبو» في هذه الآونة تحديداً لم يأت من فراغ حيث تساءل المحللون عن السبب الذي جعل الدولة اللاتينية تنتظر 200 عام للمطالبة بإقليم يعادل ثلثي مساحة «غويانا»، وأجابوا «فتش عن البترول».

وتم اكتشاف كميات ضخمة من البترول والغاز في إقليم «إيسيكيبو»، وبدأت غويانا تضخ الإنتاج منه في 2019، الأمر الذي دفع بفنزويلا للجنون، وبدأت بالفعل تتخذ إجراءها في ضم الإقليم إليها، وبدأت ذلك بالاستفتاء الشعبي، الذي أخذت الحكومة في فنزويلا من خلاله التفويض بالحرب لضم الإقليم.

‌العدل الدولية لا تستطيع منع الاستفتاء

ونقلت وسائل إعلام عن ديمتري لابين الأستاذ في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، أن محكمة العدل الدولية لا تملك سلطة منع إجراء الاستفتاء، ولا يمكنها تعديل الأسئلة المطروحة على بطاقات الاقتراع.

مع ذلك، في حال قرّرت المحكمة أن فنزويلا ليس لها الحق في أراضي إيسيكيبو، فإن أي عمل عسكري سيعتبر انتهاكاً للقانون الدولي.

‌وفي مواجهة العلاقات الصعبة مع كراكاس تبحث جورج تاون عن دعم خارجي، ونزولاً عند ذلك، أعلنت الولايات المتحدة عن ضرورة احترام فنزويلا السيادة الإقليمية لغويانا.

‌هل يمكن أن يتطور النزاع المسلح؟

يري المحللون السياسيون أن خطر التصعيد يظل قائماً ويرجع ذلك أساساً إلى رغبة غويانا في نشر جنود أجانب على أراضيها، وإمكانية اعتبار فنزويلا نية إرسال قوات أمريكية إلى غويانا على أساس دائم أو إنشاء قاعدة عسكرية على الأراضي المتنازع عليها، بمثابة استفزاز.

في وقت سابق، وصفت كراكاس المناقصة التي أعلنتها غويانا للحصول على مناطق نفطية في مياه منطقة الصراع «بالهجوم على أراضيها».

‌في المقابل، يثير هذا الوضع التساؤل حول ما إذا كانت فنزويلا ستخاطر باستخدام القوة ضد جارتها، التي تتلقى دعماً من طرف الولايات المتحدة.

ويقول الخبراء إنه في حالة حدوث اشتباك مباشر بين الجيش الفنزويلي وغويانا دون تدخل دول ثالثة، يمكن حل النزاع في غضون أيام قليلة، مع العلم أن قوام جيش غويانا يبلغ حوالي 3.5 ألف جندي وقوام الجيش الفنزويلي، الذي يعتبر من أقوى الجيوش في قارة أمريكا الجنوبية 123 ألف جندي.

كيف تنظر غويانا للاستفتاء؟

وترى غويانا في الاستفتاء حالة ضمٍ فعلية لأراضيها، لهذا طلبت من محكمة العدل الدولية تعطيل بعض أجزاء الاستفتاء في يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني.

وقد أثار الفصل الأخير من النزاع غضب بعض سكان المنطقة على حكومة غويانا، حيث يُعد غالبيتهم من السكان الأصليين.

إذ وصلتهم غالبية المعلومات بشأن الاستفتاء من خلال منشورات الشبكات الاجتماعية غير الدقيقة، ما أسفر عن خلق حالة ارتباك بين سكان غويانا، بحسب وكالة اسوشيتد برس الأمريكية.

وقال زعيم قرية أناي في إقليم إيسيكيبو مايكل ويليامز، أحد السكان الأصليين: «نشعر بالتجاهل باعتبارنا الشعب الذي يقطن هذه الأرض. ولم تفعل [الحكومة] شيئاً من أجلنا حتى الآن».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5xthmffs

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"