خاطبوا أولادكم بلغتهم الأم

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

آمنة المازمي*

عند الحديث عن حقوق الأطفال بشكل عام، والأطفال اللاجئين أو الذين يعيشون مع ذويهم في بلدان أجنبية بشكل خاص، يذهب العقل تلقائياً إلى مساحة الحقوق الجسدية والنفسية والعاطفية، إلى جانب الحق باللعب والتعليم والرعاية الصحية، وعلى الرغم من أهمية هذه الحقوق، هناك حق أساسي تفرضه حالة اغتراب الطفل، وهو حقه في امتلاك مهارات لغته الأم وثقافته الأصيلة بكل ما فيها من قيم ومبادئ.

إن حق الطفل المغترب عن وطنه في اللغة يوازي حقه بالانتماء الاجتماعي والوطني، ففي هذه الحال، تصبح الثقافة المشتركة بما فيها من لغة ومفاهيم، جسراً يربط اللاجئ والنازح بوطنه، وحاضنة وجدانية لا غنى عنها للنشأة السليمة وتنمية الهوية الثقافية الجماعية التي قال عنها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة «إنها آخر حصن يحمي الإنسان من فوضى جامحة ليس لها حدود» ما يؤكد أن الهوية الثقافية في زمن اللجوء والنزوح، وزمن الانفتاح والتواصل بدون حدود أو قيود أصبحت ضرورة وليست مجرد خيار.

إلا أنه في حقيقة الأمر، تواجه الثقافات الأصلية في العالم، ومن بينها الثقافة واللغة العربية، مرحلة حرجة جداً، خاصة في ظل المرحلة الراهنة التي تشهد زيادة مطردة في أعداد الأطفال اللاجئين والنازحين، حيث تفيد بيانات الأمم المتحدة أن عددهم وصل إلى نحو 43,3 مليون طفل بنهاية العام 2022، وهو رقم قياسي جديد لأعداد الأطفال اللاجئين والنازحين قسراً، جزء كبير منهم أطفال عرب نزحوا أو لجأوا إلى بلدان أجنبية.

بالنسبة لهؤلاء الأطفال، فإن معالجة الفجوة بينهم وبين لغتهم وثقافتهم مسؤولية مركبة، يلعب الأهل الدور الأكبر فيها، فعلى عاتقهم مسؤولية تشجيع الطفل على الحوار بلغته من خلال تبنيها داخل العائلة والحديث عنها وعن أهميتها وترسيخ محبة الطفل لها، صحيح أن هناك ضرورة للاندماج بالمجتمعات المضيفة من خلال فهم ثقافتها وعاداتها وإتقان لغتها، لكن هذا لا يعني انسلاخ الطفل عن لغته وثقافته، بل يفترض التوازن الواعي بين الضرورات التي يفرضها الواقع والواجبات تجاه الهوية المشتركة والتراث الوطني، من جانب آخر هناك دور على المؤسسات الثقافية وبشكل خاص عبر تنظيم الفعاليات التي تستهدف الأطفال في المهجر، وتقدم لهم اللغة والثقافة في قالب محبب إلى قلوبهم.

لهذا كله، خاطبوا أولادكم باللغة العربية في بيوتكم، علموهم قراءة الأدب والشعر والتاريخ العربي. علموهم التقرب من علمائنا ومفكرينا وفلاسفتنا العرب، ذكروهم دوماً بمساهمات ثقافتنا في الحضارة الإنسانية.

* مدير مؤسسة كلمات

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/z5zwrwjz

عن الكاتب

مدير مؤسسة كلمات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"