2024 والخريف العالمي

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

لا تختلف الأمنيات المرفوعة على عتبة العام الميلادي الجديد 2024 عن سابقاتها في الأعوام الماضية، فهي مجرد تعبير عن مشاعر وآمال لا تقدّم أو تؤخر في ما يأتي من مصائب أو مسرات، لكنها مطلوبة لتعزيز نزعة الخير الإنسانية، وإعلاء نبرة التفاؤل لدى أغلبية البشر.

الأوضاع والأحداث والصراعات التي سيطرت على العالم في الأشهر الماضية، تستمر في العام الجديد، وبعضها مفتوح على مزيد من التأزم والتعقيد، فالحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين في قطاع غزة مستمرة في فظائعها وبشاعاتها، والمعاناة الإنسانية تتعمق. وتشير التوقعات إلى أن هذه الحرب لن تتوقف قريباً، وربما تندلع من شراراتها حروب أخرى يختلط فيها الحابل بالنابل، كما يحدث حالياً في جنوبَيْ لبنان والبحر الأحمر.

وبينما تتسارع العمليات العسكرية وتتضخم في الصراع الدائر في أوكرانيا استعداداً للحسم المحتمل، ما زالت الأوضاع في شرق أوروبا مفتوحة على المجهول، وتعرف ضبابية وغموضاً يشبه إلى حد بعيد نهايات الثلاثينات من القرن الماضي، عشية الحرب العالمية الثانية. كما يمتد وجه الشبه أيضاً إلى شرقي آسيا، حيث بدأ اليوم الأول من العام الجديد بتصعيد التوتر، سواء في الخطاب الصيني الموجه إلى تايوان، أو في التهديدات الصادرة عن كوريا الشمالية.

في رسالته بمناسبة العام الجديد، تمنى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الأمن والسلام للجميع، قبل أن يتدارك بقوله إن «الإنسانية تتوجع ألماً. وكوكبنا تتهدده الأخطار. وعام 2023 هو أكثر الأعوام المسجلة ارتفاعاً في درجات الحرارة. والناس تطحنهم رحى الفقر والجوع المتزايدين. والحروب تزداد عدداً وشراسة. والثقة نادرة الوجود»، وقد تكون الجملة الأخيرة خلاصة التعبير عن الحالة العالمية الراهنة، فانعدام الثقة يهدم أي أسس للتعايش والسلام، وهو المسؤول عن هذا التردي غير المسبوق في السياسة الدولية.

وبسبب فقدان الثقة، عجز مجلس الأمن الدولي عن وقف الإبادة الجماعية للفلسطينيين، وفشلت الأمم المتحدة في أن تكون موئل الفقراء والمضطهدين والشعوب المقهورة، وبعض القوى الكبرى لم تعد تتصرف بما يفرضه وزنها ومقدراتها، وباتت أول من ينتهك القانون الدولي واستبدلت بالتزاماتها سياسات البطش القروسطية.

ولا شك أن هذا التدهور هو أخطر ما وصلت إليه الأوضاع العالمية منذ عقود طويلة، ويمثل عتبة لمرحلة مفتوحة على أكثر من مجهول.

الفطرة السليمة تميل إلى أن يكون المستقبل أفضل وأرحم، لكن ما يصدر من نذر ومؤشرات يكاد ينسف ما بقي من تفاؤل يحاول الصمود في وجه هذا الخريف العالمي الذي تتساقط فيه قيم ومبادئ ظنتها الأجيال السابقة أبدية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/59mw9rt7

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"