الإمارات واكتشاف الفضاء

00:11 صباحا
قراءة 3 دقائق

تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة في المجال الدولي على إقامة علاقات متكافئة مع القوى الكبرى، فقد ارتبطت معها بشبكة من المصالح التي يمكن وصفها بأنها جاءت انعكاساً لدورها المحوري المتنامي في العالم العربي والعالمي، والذي سعت من خلاله إلى توسيع دائرة التحرك الإماراتي على صعيد المجتمع الدولي، بحيث تتفاعل مع مراكز الثقل والتأثير السياسي العلمي، من أجل تجسيد المكانة المتميزة التي تحظى بها في كافة المجالات، ومنها مشاريع استكشاف الفضاء، والذي يمثل أهمية كبيرة للبشرية جمعاء. ففي ذلك الحيز اللامتناهي تكمن الإجابات عن مختلف أسئلة المصير.

لقد أصبح استكشاف الفضاء، في عصر الانفجار العلمي والمعرفي والتكنولوجي، حقيقة واقعة من خلال إرسال المركبات الفضائية الحديثة إلى هناك، وكان القمر من أكثر الكواكب التي تم استهدافها برحلات فضائية؛ بسبب قربه من الأرض حيث يبعد عنها، بشكل تقريبي، حوالي ثلاثمئة وأربعة وثمانين ألف كيلومتر، وقد كانت أول رحلة إلى هذا الكوكب من قبل السوفييت أواخر الخمسينات من القرن الماضي، عندما هبطت المركبة الفضائية «لونا 2»على سطحه بسرعة كبيرة، ثم لم تلبث الولايات المتحدة، في سباقها مع الاتحاد السوفييتي للهيمنة على الأرض والفضاء، أن أرسلت المركبة الفضائية «رينجر 4» التي هبطت بسلام على سطحه أيضاً، ثم توالت الرحلات إلى الفضاء، في سباق حميم لاستكشافه، ومعرفة أسراره، وفهم غوامضه، والإجابة عن الأسئلة المسكونة في الضمير منذ آلاف السنين، كيف نشأ الكون؟ وما حدوده؟

وفي إطار هذا السباق أعلنت الولايات المتحدة عن رحلة «أبولو 11» المأهولة إلى القمر، وهي الرحلة التي شكلت نقلة نوعية في تاريخ الاستكشاف، والتي عادت إلى الأرض بالكثير من الأسرار، وكانت المنطلق لفهم الكواكب الأخرى بشكل أعمق. ولم تلبث دول أخرى أن انضمت إلى مهام استكشاف القمر، وعلى رأسها اليابان، والاتحاد الأوروبي، والهند، والصين. وقد تمكنت الصين والهند من الوصول إلى سطح القمر، بينما تعثرت مهام اليابان والاتحاد الأوروبي ولم تكتمل هذه المهام حتى اليوم.

غير أن الولايات المتحدة التي غابت عن استكشاف القمر لفترة طويلة، قد عادت قبل بضع سنين، وأعلنت وكالتها الفضائية «ناسا» عن مشروع لتأسيس وجود بشري دائم أو شبه دائم على سطح القمر، وقررت القيام بمهمة مأهولة إلى القمر خلال العام الجاري، يتبعها وجود ثابت على سطح القمر بحلول عام 2028، وقد انضمت كل من اليابان وكندا والاتحاد الأوروبي إلى المشروع، كما أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة انضمامها إليه أيضاً، إضافة إلى إعلانها إرسال أول رائد فضاء إماراتي وعربي إلى مدار القمر. وقد أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أن «مشاركة دولة الإمارات في هذا المشروع العالمي، الذي يضم نخبة الدول المتخصصة في مجال استكشاف الفضاء، تجسد حرصها على تعزيز الشراكة مع العالم لخدمة العلم والبشرية وضمان تحقيق التقدم والازدهار للجميع». وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله: «لدينا مسيرة طويلة في قطاع الفضاء، ولدينا كوادر مؤهلة لقيادة أصعب المهمات العلمية، ولدينا طموح لا سماء له عندما يتعلق الأمر بمشروعاتنا المستقبلية الإماراتية». إن انضمام دولة الإمارات العربية المتحدة لهذا المشروع سوف يزيد من حضورها في الفضاء، لما اكتسبته من خبرات، خاصة بعد أن حققت نجاحاً كبيراً من خلال إرسال مسبار الأمل إلى كوكب المريخ، كما أرسلت رائد فضاء إلى محطة الفضاء الدولية. ولا شك أن محطة الفضاء القمرية سوف تكون أول بناء بشري على كوكب في الفضاء. وسوف يتم اتخاذ القمر كمركز من أجل البدء بالاستكشاف الحقيقي لمختلف الكواكب، ولاسيما كوكب المريخ الذي تُعقد عليه آمال كبيرة في إيجاد شكل من أشكال الحياة خارج الأرض.

حفظ الله الإمارات عزيزة الكيان رفيعة المستوى، جمة الرخاء، في ظل القيادة الرشيدة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/5xpwd2ux

عن الكاتب

إعلامي وكاتب إماراتي، يشغل منصب المستشار الإعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات. نشر عدداً من المؤلفات في القصة والرواية والتاريخ. وكان عضو اللجنة الدائمة للإعلام العربي في جامعة الدول العربية، وعضو المجموعة العربية والشرق أوسطية لعلوم الفضاء في الولايات المتحدة الأمريكية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"