المارد القادم

00:18 صباحا
قراءة دقيقتين

انقضت أعمال القمة العالمية للحكومات في نسختها ال11، في الأمس القريب، إذ ناقشت قضايا مهمة كثيرة في مختلف المجالات، كما هو معتاد، ووقفت بشفافية على جوهر التحديات على الساحة العالمية، وطرحت حلولاً ومعالجات ترسم ملامح انطلاقة جديدة نحو المستقبل القريب.

بعيداً عن تعدد القضايا وتنوعها في المجالات كافة، خلال أعمال القمة، فقد وجدنا بين أروقتها ملفات غاية في الأهمية، جعلتنا نرى المستقبل القادم، وهو يلوّح للحكومات بمتطلبات واحتياجات ومسؤوليات جديدة لمواصلة المسيرة، وكان الذكاء الاصطناعي أبرز معطيات القمة، إذ جاء كالمارد الذي يكشف من جديد عن قدراته التي لا تضاهى، وقوة حضوره التي رافقت جميع أيام القمة.

الذكاء الاصطناعي ليس مجرد مجموعة أدوات نستخدمها لإنجاز أعمال، أو تنفيذ عدد من المهام، ولكن ما رأيناه خلال قمة 2024، يؤكد أنه المستقبل القادم الذي يخاطب تفاصيل دقيقة في مناحي حياتنا، لقدرته على ابتكار معالجات أكثر دقة وتأثيراً في مختلف المجالات، وهنا ينبغي أن نتوقف قليلاً مع الإنسان.

على الرغم من قدرات ومهارات أدوات الذكاء الاصطناعي، إلا أنها في النهاية من صناعة الإنسان، وتشكّل أحد مظاهر التقدم والتطور في عمل الحكومات والمجتمعات، والمطلب الحقيقي من كل إنسان في الوقت الراهن، يكمن في ضرورة العودة إلى مقاعد التعلم مجدداً، للتعرف عن كثب إلى قوة المارد القادم، وكيفية التعاطي معه، والاستفادة من ممكناته.

التعليم هنا لا يستثني أحداً، ولا يهتم بالأعمار، ولا يعرف المناصب، ولا يخاطب الأدوار والمهام، إذ إن أدوات الذكاء الاصطناعي تتداخل مع كل شيء، حتى البسيط في حياتنا، وتطوراتها سريعة متوالية لا تتوقف، وإذا ركزنا معها سنجد أن التطور يُعد السمة الأساسية في مكوّنات القوة لهذا المارد.

حقاً نحن نعيش عصر التحولات والتطورات التكنولوجية، والذكاء الاصطناعي أصبح ضرورة لابد منها، فعلينا جميعاً أن نتعلم، استعداداً للمستقبل القادم، وينبغي ألا تقتصر تطبيقاته على الطلاب في قاعات الدراسة، بل يجب أن تمتد لمواقع العمل، للارتقاء بالكوادر في مختلف التخصصات، لماذا لا ننشئ برامج متخصصة وفق الاحتياجات؟ ولماذا لا نصنف كمّ التطبيقات الهائل وتوظيفه بحسب ممكناته في المجالات كافة؟ لاسيما وأن الحلول المدعمة بالذكاء الاصطناعي ترصد ببساطة التحديات، وتقدم المعالجات بدقة متناهية.

مخاوف كثيرة تجوب في خواطر الكثيرين، بسبب الحديث عن الوظائف التي سترحل، والأخرى التي تستحدث، كأحد مؤثرات الذكاء الاصطناعي، ولكن نعتقد أنه لا مجال لتلك المخاوف، لأن التغيّر سنّة الحياة، ودوام الحال من المحال، فمهما كان التغيّر والتطوير، علينا بتعليم أنفسنا، وتمكينها من أية أدوات جديدة تواكب المتغيرات، والتعايش معها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/24ysp6k3

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"