عادي

لماذا جعل الإسلام الطلاق بيد الرجل وحده؟

15:13 مساء
قراءة 4 دقائق
الطلاق في الإسلام
لماذا جعل الإسلام الطلاق بيد الرجل وحده؟.. سؤال مهم يقود إلى بيان رحمة التعاليم الإسلامية بالأسرة عامة، والمرأة خاصة، إذا طرحه منصف باحث عن الحقيقة.
المؤسف أن هذا السؤال تردد كثيراً على ألسنة المغرضين من المستشرقين وأدعياء حماية حقوق المرأة الذين لا تعنيهم الحقيقة، وإنما يستهدفون الإساءة إلى الإسلام، والتشكيك في تعاليمه السمحة، والنيل من مكانته في نفوس الناس، وصرفهم عنه، بعد تصويره، كذباً وزيفاً، بأنه يعادي المرأة، وينتقص من مكانتها، ويضع الرجل في مرتبة أعلى منها. 
يقول الباحث في الدراسات العربية والإسلامية يسري عبدالغني في دراسة قيمة بعنوان «الطلاق في التشريع الإسلامي للأسرة»: «إن الاحتمالات العقلية المتصلة بموضوع «الطلاق» لا تخرج عن خمسة احتمالات»، هي:
- أن يجعل الإسلام الطلاق بيد الرجل وحده.
- أن يجعل الإسلام الطلاق بيد المرأة وحدها.
- أن يجعل الإسلام الطلاق مشاركة بينهما، أي بيد الرجل والمرأة معاً.
- أن يكون الطلاق عن طريق المحكمة.
- أن يكون الطلاق بيد الرجل، وتعطى المرأة فرصاً للطلاق إذا أساء الرجل استعمال حقه.
 
أمر طبيعي

ويشدد الباحث على أن جعل الطلاق بيد الرجل وحده، هو الأمر الطبيعي المنسجم مع واجباته المادية نحو الزوجة والبيت.
فمادام الزوج يدفع المهر، ونفقات الزوجية، كان من حقه أن ينهي الحياة الزوجية، إذا رضي بتحمل الخسارة المادية والمعنوية، وهو لا يقدم على ذلك إلا إذا قاس الأمور، ووجد أن الخسارة المادية والمعنوية أهون من الطلاق.
والرجل في الأعم الأغلب أضبط أعصاباً، وأكثر تقديراً للنتائج في ساعات الغضب والثورة، وهو لا يقدم على الطلاق إلا بعد يأس شديد من إمكان سعادته الزوجية مع زوجته، وفي الوقت نفسه الذي يعي ويدرك ما يجره الطلاق عليه من خسائر، وما يقتضيه الزواج الجديد من نفقات.
ويلفت الباحث إلى أن الله- سبحانه وتعالى- هو الذي خلق الخلق جميعاً، ويعلم ما يضرهم وما ينفعهم، وهو لا يريد إلا الخير والصلاح لعباده، فاختار أن يكون الطلاق في يد الرجل، لأنه هو الذي خلقه، ويعلم أنه أقدر على تحمله من المرأة، وأن بمقدوره استعماله الاستعمال الحسن. 
ويرى الباحث أنه لا سبيل لإعطاء المرأة وحدها حق الطلاق؛ لأن فيه خسارة مادية تقع على عاتق الرجل، والمرأة لا تخسر مادياً بالطلاق؛ بل تربح مهراً جديداً، وبيتاً جديداً.
كما أن المرأة شديدة العاطفة، سريعة الغضب، ولا تبالي كثيراً بالنتائج وهي في ثورتها وغضبها، فلو أعطيت حق الطلاق لوجدنا بعض النساء يطلقن نفسهن لأتفه الأسباب، وهذا يخالف المنطق السليم، ويؤدي إلى كوارث اجتماعية شديدة الخطورة.

شبه مستحيل

ويلفت الباحث إلى أن جعل الطلاق بيد الرجل والمرأة معاً، أمر يكاد يكون من المستحيل اتفاقهما عليه. ويقول: «إن الإسلام لا يمنع أن يتفاهم الرجل والمرأة على الطلاق بالتي هي أحسن؛ بل إن عملية التفاهم والحوار نفسها قد تكون طاقة أمل لعودة الصفاء والود بينهما، ولكن الإسلام لا يعلق صحة الطلاق على اتفاقهما معاً».
وحين يكون الطلاق بيد الرجل فهذا هو المنطقي، وهذا ما أمر به الإسلام، وقد شرحنا ذلك، والإسلام أعطى المرأة حق أن تطلب هي الطلاق؛ لرفع ضرر وقع عليها، فلقد أباح لها الطلاق من زوج تكرهه، أو ترى أن العشرة مستحيلة معه، أو زوج يتعمد إهانتها وإيذاءها مادياً ومعنوياً مع سبق الإصرار والترصد، وبذلك يحول الإسلام دون استبداد الزوج بحق الطلاق استبداداً يتنافى مع الخُلق الإسلامي الذي جوهره المودة والرحمة.
ويشير الباحث إلى أن الوازع الديني ضعف عند البعض، وأصبحت نظرة الناس إلى الأمور والأشياء نظرة مادية نفعية بحتة، الأمر الذي يؤكد ضرورة أن نعود إلى مبادئ الإسلام في تشريعات الأسرة؛ لأنها طوق النجاة مما يواجهنا من تيارات هدامة متطرفة لا تبغي لنا إلا الخراب أو الدمار.

رجال مستهترون

إن الإسلام عالج الحياة الأسرية أعظم علاج، ولم يرض أن تكون عذاباً وشقاءً للزوجين أو الأولاد الذين لا ذنب لهم. ولذلك يأتي الطلاق عندما تستحيل الحياة الزوجية، والله جل شأنه يقول في محكم آياته: «وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا»... (النساء: 130).
وهكذا يظهر جلياً لكل ذي عينين فضل الشريعة الإسلامية الغراء، وأنه من دون أدنى مبالغة أو تعصب لا توجد شريعة على وجه الأرض تساويها، وتبين للجميع أيضاً أن الإسلام بشريعته السمحاء هو دين اليسر والخيرية، وهو الدين الحق الذي لا يكلف نفساً إلا وسعها.
ويحذر الباحث من أن كثيراً من الرجال يتعاملون باستهتار شديد مع أبغض الحلال، فتارة يجريه البعض قَسَماً على ألسنتهم في أوقات المزاح أو المشاجرة، وتارة يستخدمه سوط تهديد لزجر زوجته، والنتيجة هي الوقوع في المحظور للعبث بألفاظ الطلاق، حتى لو قال البعض: إن الله لا يحاسبنا على اللغو في أيماننا، وبالطبع هذا رد ينقصه المنطق والفهم العميق الصحيح لأحكام الإسلام.
فالإسلام لا يجيز للزوج أن يحلف بالطلاق، لأن الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم- نهانا عن الحلف بغير الله- تعالى- مطلقاً، فمن كان حالفاً فليحلف بالله- تعالى- أو ليصمت.
ومع اتفاق الفقهاء على عدم جواز الحلف بالطلاق، إلا أنهم اختلفوا حول وقوع الطلاق بهذا الحلف، فذهب بعضهم إلى أنه يؤدي للطلاق، بينما ذهب البعض الآخر إلى عكس ذلك، وكان رأي كثيرين أنه يعتبر يميناً توجب كفارة اليمين.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n8dmc6v

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"