عادي
الأزهر يحل مشكلات 30 ألف أسرة بـ «لم الشمل»

العلماء شركاء في جهود مواجهة مشكلة الطلاق

23:06 مساء
قراءة 4 دقائق

القاهرة: بسيوني الحلواني

ارتفعت حدة مشكلة الطلاق في العديد من الدول العربية، وكشفت الإحصاءات والدراسات الأسرية الارتفاع المطرد في أعداد المطلقات خلال السنوات الأخيرة بشكل مزعج يتطلب مواجهة شاملة للمشكلة من أجل الحفاظ على استقرار الأسرة العربية، وتوفير البيئة الأسرية والنفسية المناسبة لتربية الأولاد تربية سوية.

نظراً لتعدد وتنوع مشكلات الأسرة في مصر، مثلاً، وتهديدها الأمن الاجتماعي، تحرك الأزهر الشريف وأنشأ وحدة متخصصة لمواجهة المشكلات الزوجية وحلها، أطلق عليها «وحدة لم الشمل» حتى لا يلجأ الزوجان إلى الطلاق إلا إذا وصلت علاقتهما إلى طريق مسدود. وخلال عامين ونصف العام استطاع علماء ودعاة الأزهر بمعاونة بعض الأخصائيين النفسانيين حل مشكلات أكثر من 30 ألف أسرة من خلال «مكاتب لم الشمل» المنتشرة في المحافظات المصرية.

تجربة الأزهر تطرح سؤالاً مهماً عن الدور الفاعل الذي ينبغي أن تقوم به المؤسسات الدينية من خلال علمائها وباحثيها للحد من مشكلة الطلاق وإعادة الدفء للأسرة العربية.

وضعنا السؤال المهم أمام نخبة من كبار علماء الأزهر.. وفي ما يلي أهم ما قالوه ونصحوا به:

1

د. محمد الضويني، أستاذ الشريعة الإسلامية ووكيل الأزهر، يؤكد ضرورة أن تنفتح المؤسسات الدينية على مشكلات المجتمعات التي تتواجد فيها. ويقول: واجب المؤسسة الدينية، سواء أكانت دعوية أو إفتائية، أن تنفتح على المجتمع، وتتعامل مع مشكلاته بفاعلية، وأن يتعاطى العلماء والدعاة مع المشكلات الحياتية بواقعية، ولأن العلماء والدعاة لديهم مصداقية لدى الجماهير فسوف تكلل جهودهم بالنجاح.

ويضيف: نجاح تجربة الأزهر على الأرض ينبغي أن يشجع المؤسسات الإسلامية في العالم العربي على استنساخها للمساهمة العلمية في حل المشكلات الأسرية والاجتماعية. ويشير إلى أن جهود وحدة «لم الشمل» الأزهرية ليست وعظية فقط ولا تستند في حل ما تواجهه من مشكلات أسرية إلى خطب وعظية إنشائية، بل تناقش كل مشكلة على حدة، وتتوصل لحلول عادلة بين الزوجين تمنع تكرار الخلاف.

ويضيف: شريعتنا الإسلامية نظمت العلاقة بين الزوجين بدقة، وحددت لكل منهما واجباته وحقوقه، والالتزام بذلك ينهي أي خلاف.

ويأسف د. الضويني لوقوع حالات طلاق كثيرة، خاصة بين أزواج وزوجات لديهم أولاد، لأسباب تافهة، ويمكن تجاوزها بسهولة لو تدخل أهل الإصلاح بين الزوجين وأسرتيهما، وهم كثيرون ومنتشرون في كل البلاد العربية. ويقول: جهود العلماء والدعاة لا تغني عن سعي أهل الإصلاح الذين أشار إليهم القرآن الكريم بقول الحق سبحانه: «فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما». ويؤكد ضرورة أن تكون نوايا أهل الإصلاح الصلح فعلاً، وأن يخلصوا النية في ذلك، لأن البعض يتدخل لتضخيم الخلاف بين الزوجين والوصول بهما إلى الطلاق، وهى مرحلة نهائية لا يجوز القفز إليها بأي حال، بل ينبغي اتخاذ كل السبل لإنهاء الخلاف، وأن تكون هناك حالة رضا من الطرفين حتى لا يتجدد النزاع.

الأمن الاجتماعي

1

د. محمد نبيل غنايم، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة القاهرة، يؤكد أن الخلافات الزوجية فرضت نفسها على واقعنا الأسري والاجتماعي في كثير من البلاد العربية وينبغي أن يكون للمؤسسات الدينية دور واضح في المواجهة للحد من مشكلة الطلاق التي تهدد أمننا الاجتماعي.

ويضيف: مبادرة الأزهر للمساهمة في حل المشكلات الأسرية والحد من مشكلة الطلاق طيبة ويجب أن يكون لها مثيل في المؤسسات الدينية المعنية بالدعوة والإفتاء، فهذا جزء من الإصلاح الاجتماعي المنوط بها، ويجب أن تتعاون معها في أداء هذا الواجب الجامعات ومراكز الأبحاث الاجتماعية والجمعيات المعنية بمواجهة الخلافات والنزاعات الأسرية، وعندما تتكامل الجهود ستكون النتائج على الأرض أفضل كثيراً.

ويشدد على أن الطلاق مشكلة تتفاقم مع مرور الوقت نتيجة تجاهل تعاليم وأخلاقيات الإسلام في التعامل بين الزوجين والوفاء بالحقوق المتبادلة بينهما، ولذلك فعلماء ودعاة الإسلام مطالبون بمواجهة فاعلة وعاقلة لمشكلة الطلاق، لحماية الأسرة العربية من التفكك والتشتت، والعمل على تقوية بنيان المجتمع.

لذلك يطالب د. غنايم كل مؤسسات الإفتاء في العالم العربي بالسعي الجاد إلى حماية الأسرة من خطر التفكك من خلال ضبط الإفتاء في الأمور الأسرية، وإزالة الخلافات دون الوصول بالزوجين إلى مرحلة الطلاق، والحد من فتاويه من خلال البرامج الدينية بالفضائيات، فهي تهدد أمن الأسرة والمجتمع العربي عامة.

ويلفت إلى أن فتاوى الطلاق مسؤولية كبيرة، ولابد أن يقف العالم أو المفتي على تفاصيل الخلاف من الطرفين، ويستمع إلى الزوجين جيداً ويلم بالظروف النفسية التي تحيط بهما قبل أن يفتي بوقوع الطلاق.

ويدعو د. غنايم إلى تكثيف التوعية المجتمعية والأسرية الصحيحة من خلال مختلف وسائل الإعلام، وتأهيل المقبلين على الزواج، وتقسيم المواريث وفق شرع الله العادل، وإنهاء النزاعات المترتبة على الاختلاف حولها، والمساهمة في إيصال الحقوق إلى أهلها، وحماية الطفل من الأضرار البدنية والنفسية المترتبة على انفصال والديه، والحد من ظاهرة أطفال الشوارع، من خلال تحديد أسبابها، واقتراح حلول لها.

التشدد سبب تعنيف المرأة

1

د. آمنة نصير، الأستاذة في جامعة الأزهر، تتفق مع القول بوجوب أن تؤدي المؤسسات الدينية دوراً كبيراً وواضحاً في مواجهة مشكلاتنا الأسرية في كل البلاد العربية، وفي إنصاف النساء وحمايتهن من ظلم الرجال. وتقول: مواجهة هذه المشكلات الأسرية جزء مهم من واجبات تلك المؤسسات، وبعض الفتاوى العشوائية لعبت دوراً في زيادة وتيرة العنف ضد النساء في العالم العربي؛ لذلك يجب ضبط الإفتاء في المشكلات الزوجية، وأن يتوقف المتشددون عن إباحة ضرب الرجل لزوجته، فهم يتحملون مسؤولية انتشار العنف ضد المرأة العربية.

وتطالب نصير بدور فعّال لعلماء ودعاة الإسلام في مواجهة العنف ضد المرأة، خاصة أنه يتغطى في الأغلب بستار شرعي، وتأسف لأن كثيراً من الرجال العرب الذين يمارسون العنف ضد نسائهم يعتقدون أنهم ينفذون شرع الله، وهم في واقع الأمر «معتدون آثمون على شرع الله وعلى نسائهم معاً»، وفق تعبيرها.

وتؤكد أن على العلماء والمنشغلين بهموم مجتمعاتنا، إدراك أن العدوان على النساء أصبح ظاهرة مزعجة، ويجب أن تواجه بمزيد من الوعي الديني والتربوي والاجتماعي والنفسي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"