لا هدنة في رمضان

00:46 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

سعت أطراف كثيرة إلى إقرار هدنة في غزة خلال رمضان، ولكل طرف غايته من ذلك، غير أن السعي خاب بعد فشل أكثر من جولة للمباحثات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل، بخلاف الجهود الأخرى التي عرفتها الكواليس والقنوات غير المعروفة.

لم ينجح طرف في تحميل الفلسطينيين في غزة جميل حمايته من الحرب وتبعاتها بهدنة في الشهر الكريم، وربما لم ينتظرها معظمهم، فما الذي كانت ستضيفه؟ هل الغاية أن تصمت آلة الحرب فتتيح لهم أن يصوموا ويفطروا ويؤدّوا بقية العبادات في هدوء؟

المؤكد أن مشقة الفلسطينيين في غزة تجاوزت التصورات، وتجاوزت حدود انتظار مناسبة كالشهر الكريم للتخفيف منها، فلا أمان، ولا طعام، ولا بيوت، ولا مساجد، ولا شي آخر من مفردات الحياة الطبيعية في رمضان وغيره. وبالتالي لم تكن الهدنة انفراجة منتظرة بالنسبة لمعظم الفلسطينيين في غزة الذين تساوت عندهم الأشياء، ولم يكونوا حتى في حاجة إلى مبرر لعدم التوصل إليها كالذي ساقه إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في كلمة مع حلول رمضان.

بوسع هنية والمسؤولين في إسرائيل والولايات المتحدة أن يتقاذفوا مسوؤلية الفشل في بلوغ الهدنة، لكن الأمر لم يعد مهماً للغزيين بهذا القدر، وربما لم يسمعوا تأكيد هنية أن الحركة منفتحة على التفاوض رغم فشل المحادثات مع إسرائيل.

وربما لم ينتظر الشعب السوداني أيضاً هدنة في رمضان، ولم نسمع أن أحداً من السودانيين طالب بها، لكن أحد قادة الجيش جعل منها موضوعاً للنيل من الخصوم في قوات الدعم السريع واشترط لإقرارها أن تنسحب من المواقع المدنية.

هل بقي في السودان موقع يمكن وصفه بالمدني بعد هذه الشهور الطويلة من الصراع ليشترط المسؤول العسكري إخلاءه قبل الاتفاق على هدنة رمضانية لم يكن ليذكرها لولا أن مجلس الأمن دعا إليها؟

ولأن المسؤول العسكري يعرف أن أياماً قليلة تسبق رمضان لا تكفي لتحقيق هذا الشرط، عاد مرة أخرى إلى موقع تبادل الاتهامات مع الطرف الآخر والمسؤولية عما جرى ويجري، بينما ما حل بأفراد الشعب السوداني أفدح من أن يجعلهم ينتظرون هدنة في الشهر الكريم.

ربما أحرج أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، المتصارعين في السودان بحديثه عن ضرورة الهدنة في رمضان، فكان لا بد أن يتحدثوا عنها، ولو من باب تفخيخ الطريق إليها.

لا فارق كبيراً في حياة الفلسطينيين في غزة أو السودانيين يمكن أن تحدثه هدنة خلال أيام رمضان، لأنها لن تضمن أي شيء بعد أن انعدمت تقريباً صور الحياة، وأي حلول مؤقتة لن يلتفت إليها أحدهم، فالغايات أصبحت على قدر التضحيات خلال الشهور الماضية.

ما ينتظره الناس في رمضان أن تتوقف شياطين الإنس عن العبث بالأرواح والمقدرات، وعن المغامرات التي ترتّد على الجميع خسائر لا تعوض..

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5y79973z

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"