برلين - أ ف ب
نفى عنصر سابق في وزارة أمن الدولة في ألمانيا الشرقية (شتازي)، الخميس، ضلوعه في قتل بولندي أثناء محاولته الفرار من برلين الشرقية قبل خمسين عاماً، في مستهل محاكمة قد تؤثر على الملاحقات القضائية لمسؤولين عن عمليات قتل وقعت خلال الحقبة الشيوعية في ألمانيا.
واكتفى مارتن ناومان (80 عاماً) بالتحدّث لتأكيد هويته فحسب مع بدء جلسة الاستماع في القضية في برلين، ورفض العنصر السابق في شرطة ألمانيا الشرقية السريّة الاتهامات الموجّهة إليه، وفق ما أكد محاميه.
يواجه ناومان تهمة قتل البولندي تشيسلاو كوكوجكا عند معبر حدودي بين برلين الشرقية والغربية عام 1974، بحسب المحامي، ويعكس تأخّر الإجراءات القانونية حجم التحديات التي واجهتها ألمانيا في تحقيق العدالة لضحايا الحكومة الشيوعية.
قُتل 140 شخصاً على الأقل أثناء محاولتهم عبور جدار برلين بين العامين 1961 و1989، فيما قضى المئات غيرهم وهم يحاولون الفرار من ألمانيا الشرقية بطرق أخرى.
تم توجيه تهمة القتل غير العمد لحرس الحدود وغيرهم من مسؤولي ألمانيا الشرقية، الذين تمّت محاكمتهم حتى الآن، وهي تهمة أقل خطورة انقضت مدة قانون التقادم المرتبط بها في فضية ناومان.
يواجه العنصر السابق في شتازي تهمة قتل كوكوجكا بإطلاق النار عليه في 29 آذار/مارس 1974 أثناء عبور البولندي نقطة حدودية عند محطة فردريشتراسيه للقطارات التي كانت من نقاط العبور الأشهر في برلين المقسّمة.
قنبلة زائفة
وفي وقت سابق من ذات اليوم، توجّه كوكوجكا إلى السفارة البولندية في برلين الشرقية؛ لطلب المرور إلى الشطر الغربي، وفق الادعاء.
وهدد حينها بتفجير قنبلة زائفة ما لم يتحقق مطلبه، عرضت تفاصيل الحادثة في أبحاث قام بها مؤرّخان هما هانز هرمان هرتل وفيليب غانجاك.
ووفق الأبحاث، بلّغ موظفو السفارة البولندية شرطة ألمانيا الشرقية السريّة بتهديد كوكوجكا.
يُقال، إن مسؤولي شتازي دفعوا كوكوجكا للاعتقاد بأنه سيُسمح له بالمرور إلى القسم الغربي؛ إذ منحوه تأشيرة ودعوه للتوجه إلى معبر فردريشتراسيه.
لكن بدلاً من السماح له بالمغادرة، تلقى العناصر أوامر بجعل كوكوجكا «غير مؤذٍ»، وهو تعبير مستخدم في وثائق شتازي لدى القضاء على المعارضين السياسيين، بحسب المؤرخين.
أفاد المدعون بأن كوكوجكا عبر نقطتين من نقاط التفتيش الثلاث عند الحدود، و«اعتقد بأنه حقق هدفه» عندما أُطلقت النار عليه، وقالوا، إن ناومان أصاب كوكوجكا من الخلف من على بعد مترين.
وشهدت مجموعة من الطلبة من ألمانيا الغربية على الحادثة التي بلّغت عنها مدرّستهم بعد انصرافهم، ومن المقرر بأن تدلي إحدى الطلبة التي كانت في سن المراهقة حينها بشهادتها أمام المحكمة.
محاكمة تاريخية
وشارك أبناء الضحية الثلاثة وشقيقته في الدعوى المرفوعة لكنهم لن يحضروا المحاكمة.
وقال هانز-يورغن فورستر، محامي ابنة كوكوجكا، قبل المحاكمة، إن ناومان كان «الحلقة الأخيرة في تسلسل القيادة».
يطالب فورستر والعائلة بتوسيع التحقيق في مقتل كوكوجكا، ليشمل جميع الأشخاص الذين قد يكونون تورطوا في العملية، واستدعائهم للشهادة.
وقال فورستر لفرانس برس: «ما زال بعضهم على قيد الحياة»، رغم أن اثنين من العناصر المتورطين توفيا بالفعل.
لكن المسؤولة عن أرشيفات شتازي في برلين دانيالا موينكل أكدت لفرانس برس أنه حتى وإن كان العنصران على قيد الحياة، «لن يكون من السهل» محاكمتهما على عملية القتل، وأوضحت «ليسا هما من نفّذا الأوامر».
وتأتي محاكمة ناومان التي ستُسجّل نظراً لأهميتها التاريخية في ختام سنوات من التحقيقات.
أصدرت بولندا مذكرة توقيف أوروبية بحق عنصر شتازي السابق عام 2021 دفعت السلطات الألمانية للنظر في القضية.
ووجهت أخيراً تهمة القتل لناومان في تشرين الأول/أكتوبر 2023.
