عادي
القرار ترك رؤوس الأموال تبحث عن فرص استثمارية أعلى خارج البلاد

اليابان تنهي الفائدة السلبية.. تدفقات تريليونة قد تصدم الاقتصاد العالمي

19:38 مساء
قراءة 4 دقائق
كازو أويدا خلال مؤتمر صحفي (بلومبيرغ)

إعداد: أحمد البشير

انتهى بنك اليابان أخيراً من محنة استمرت ثماني سنوات، حيث استمر في الإبقاء على أسعار الفائدة داخل النطاق السلبي. وهذا القرار ترك رؤوس الأموال، التي تفوق قيمتها الأربعة تريليونات دولار، تبحث عن فرص استثمارية أعلى خارج البلاد، وينذر بتأثيره بزعزعة تدفقات الأموال داخل اليابان وعلى مستوى العالم أجمع.

وتثير هذه الخطوة أحد أكبر الأسئلة حول مصير الأموال الضخمة المستثمرة في الخارج، تلك التي وُضعت في أصول متنوعة تشمل سندات حكومية أمريكية، ومحطات طاقة أوروبية، وأسهم سوق سنغافورة، والتي قد تتأثر بالتغييرات القادمة.

وتصدت الأسواق بشكل واسع لأول زيادة في أسعار الفائدة في اليابان منذ عام 2007، إذ لا يزال هناك فارق كبير في العائدات مقارنة بالاقتصادات الرئيسية الأخرى. وقد شهد الين انخفاضاً طفيفاً، حيث يُشير المتداولون إلى التزام بنك اليابان بالسياسات التسهيلية كدليل على عدم وجود تشديد مالي سريع في المستقبل، لكن التأثير على المدى الطويل لا يزال غير معروف.

تداعيات على المستهلكين والشركات

وداخل اليابان، لا تزال هناك مخاوف من التداعيات المحتملة على المستهلكين والشركات والمؤسسات المالية الحكومية. ورغم تسجيل مستويات قياسية للأسهم اليابانية مؤخراً، وتحقيق العمال أكبر مكاسب للأجور منذ ثلاثة عقود، إلا أن هناك أيضاً مخاوف من ارتفاع تكاليف الاقتراض، وخاصة مع ارتفاع أسعار المستهلكين بوتيرة أسرع من زيادة الرواتب.

ويواجه الاقتصاد الياباني بصعوبة تفادي الركود في نهاية العام الماضي، ورغم ذلك، تراجع إلى المرتبة الرابعة كأكبر اقتصاد في العالم من حيث القيمة الدولارية، ويعزى جزء من انتعاش الأسهم إلى تراجع قيمة الين بنسبة تفوق 20% مقابل الدولار منذ اعتماد اليابان لأسعار الفائدة السلبية في عام 2016.

وفي يوم الثلاثاء الماضي، أعلن المحافظ كازو أويدا نهاية برنامج التحفيز النقدي الذي يُعتبر الأكثر عدوانية في التاريخ الحديث، حيث أكد أن سياسة التيسير النقدي الواسعة النطاق قد خدمت غايتها. وهذا الإعلان أثار مصدر قلق واضح بشأن مصير ديون حكومة اليابان، التي تعادل أكثر من 250% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يجعلها الأعلى بين الدول المتقدمة.

وأوضح بنك اليابان أنه سيستمر في شراء السندات الحكومية طويلة الأجل حسب الحاجة، حتى بعد إنهاء برنامج التحكم في منحنى العائد والتوقف عن شراء الصناديق المتداولة في البورصة.

ويمتلك بنك اليابان حوالي 54% من السندات الحكومية في البلاد، مقارنة بنسبة 12% في عام 2013 قبل بدء البنك المركزي في عمليات الشراء الضخمة لسندات الحكومة اليابانية. ووصلت تكاليف خدمة الديون إلى أكثر من 25 تريليون ين (168 مليار دولار) في السنة المالية 2023، ما يعادل حوالي ثلاثة أضعاف إنفاق اليابان السنوي على الدفاع.

تداعيات تدفق تريليونات الدولارات

ومع ذلك، يكمن الخوف الأكبر في تداعيات تدفق تريليونات الدولارات من الاستثمارات اليابانية، حيث يخشى المتداولون أن تُرسل موجات صادمة عبر الاقتصاد العالمي. ويعتبر المستثمرون اليابانيون أكبر حائزي الأجانب لديون الحكومة الأمريكية، حيث تجاوزت ديونهم 1.1 تريليون دولار في نهاية أغسطس الماضي، ويمتلكون أيضاً حصصاً كبيرة في الديون الأسترالية والسندات الهولندية.

ويأمل المستثمرون في أن تتم زيادات أخرى في أسعار الفائدة ببطء وبشكل غير مزعج، بهدف تقليل احتمالية إعادة الأموال إلى البلاد بطريقة تزعج استقرار السوق. وأظهر استطلاع أجرته «بلومبيرغ» أن 40% فقط من المشاركين يرون أن تحرك بنك اليابان سيؤدي إلى مبيعات كبيرة من الأصول الأجنبية. وأشار المحللون إلى أن بنك اليابان قد أصدر بالفعل تحذيرات كثيرة بشأن احتمال حدوث تحول في النهاية.

ضربة قوية للشركات المثقلة بالديون

ومع ذلك، فإن أسعار الفائدة المرتفعة ستكون ضربة قوية للشركات المثقلة بالديون، التي استمرت حتى الآن بفضل سياسات نقدية تساهلية. وتشير تقديرات شركة «طوكيو شوكو» للأبحاث إلى وجود حوالي 565 ألف شركة «زومبي» تعاني صعوبة في سداد الديون من الأرباح الخاصة بها فقط، ومن المتوقع أن يزيد ارتفاع معدل الفائدة بمقدار 0.1 نقطة مئوية هذا العدد بنحو 12% ليصل إلى 632 ألف شركة.

وبالتالي، فمن المحتمل حدوث المزيد من حالات الإفلاس في الأشهر المقبلة، حيث ارتفع عدد الشركات التي أعلنت إفلاسها لمدة 23 شهراً متتالياً، حيث ارتفع بنسبة 23% في فبراير مقارنة بالعام السابق. وستكون الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، التي تشكل 90% من الشركات في اليابان، هي الأكثر تأثراً بهذا الوضع.

المستفيدون من تشديد الائتمان

وأحد المستفيدين من تشديد الائتمان هو القطاع المصرفي الياباني، الذي طالما اشتكى من أن أسعار الفائدة المنخفضة للغاية التي فرضها بنك اليابان أثرت في أرباحه.

ومن المتوقع أن تتمتع البنوك بما في ذلك مجموعة «ميتسوبيشي يو إف جيه» المالية وشركات مثل «سوميتومو ميتسويي» و«ميزوهو» بزيادة مدخولتها من الإقراض.

ونظراً لأن الجزء الأكبر من القروض يعتمد على أسعار فائدة عائمة، فمن المرجح أن يكون للتغيرات في أسعار الفائدة لدى بنك اليابان تأثير فوري. فعلى سبيل المثال، قالت مجموعة «ميتسوبيشي يو إف جيه» إن صافي دخل الفوائد في وحدتها المصرفية الأساسية سيزيد بما لا يقل عن 35 مليار ين إذا رفع بنك اليابان سعر الفائدة إلى 0% من سالب 0.1%.

زيادة حجم العملاء

وعلى جبهة التداول، من المتوقع أن تستفيد شركات الأوراق المالية من زيادة حجم العملاء على مكاتب الدخل الثابت وتداول العملات. ومن المتوقع أن يحقق تجار الأسعار في جميع أنحاء طوكيو، الذين يتعاملون في السندات الحكومية والأوراق المالية الأخرى المرتبطة بأسعار الفائدة، أكبر قدر من الربح.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"