فقاعة الديون الجامعية

21:59 مساء
قراءة 3 دقائق

كونور أوكييف*

قبيل انتخابات من الواضح أنها ستكون مثيرة للجدل هذا الخريف، يعمل جو بايدن بشكل محموم لتحويل المزيد من أموال الضرائب إلى الناخبين من خريجي الجامعات. ومؤخراً، أعلن البيت الأبيض عن إعفاءات أخرى من قروض الطلاب بقيمة 1.2 مليار دولار، ليصل إجمالي الديون التي ألغاها الرئيس إلى 138 مليار دولار.

لقد أشعلت جهود بايدن من جديد نقاشاً طويل الأمد حول ديون الطلاب والقدرة على تحمل تكاليف الدراسة الجامعية على نطاق أوسع. وغالباً ما يسارع المدافعون عن الحريات إلى القول بأنه، نظراً لتوزيع الدخل، فإن إلغاء ديون الطلاب الممولة من الضرائب يمثل تحويلاً قسرياً لثروة الأمريكيين الفقراء، من الطبقة العاملة الذين لا يحملون شهادات جامعية، إلى الطبقة الأفضل حالاً، والذين غالباً ما يكونون من ذوي الياقات البيضاء ونظرائهم من المتعلمين في الكليات، وهذا صحيح بالفعل.

علاوة على ذلك، فإن الطبيعة العشوائية لخطط العفو هذه تشوه الحافز لتوفير المال لتغطية نفقات كبيرة مثل الدراسة الجامعية، ما يكافئ أولئك الذين اقترضوا بما يتجاوز إمكاناتهم على حساب أولئك الذين تصرفوا بحكمة.

وهذا انتقاد صريح وواضح لخطط إعفاء الديون التي أقرها الرئيس بايدن، ولكن من المهم أن نفهم أنه حتى لو تمت إعادة هيكلة هذه السياسات لتأخذ في الاعتبار المشكلات المذكورة أعلاه بشكل أفضل، فإن إلغاء ديون القروض الطلابية لا يعالج كثيراً السبب الأعمق لفقاعة «الدراسة الجامعية». وفي الغالب، لن يؤدي ذلك إلا لتضخيم الفقاعة أكثر. وذلك لأن المصدر الحقيقي لارتفاع تكاليف الدارسة في الجامعات والمستوى السخيف للديون الباهظة بين الخريجين هو الحكومة الفيدرالية نفسها.

ولا بد من التذكير بوجود أكثر من 45 مليون مواطن أمريكي مدين بقرض طلابي مُنح لتغطية نفقات الدراسة الجامعية. ويصل إجمالي ديون هؤلاء، بحسب «هيئة قروض الطلاب الفيدرالية»، إلى أكثر من 1.7 تريليون دولار.

على مر السنين سيطرت الحكومة الأمريكية بشكل فاعل على نظام القروض الطلابية بأكمله في الولايات المتحدة، والذي بدأ عام 1965 مع قانون التعليم العالي، وتصاعد مع قانون إصلاح قروض الطلاب لعام 1993، وأجزاء من قانون الرعاية الميسرة لعام 2010. ومن خلال هذه السيطرة، عملت واشنطن على توسيع مزايا الإقراض إلى ما هو أبعد بكثير مما يمكن أن يقدمه المقرضون من القطاع الخاص، مع الإشارة المستمرة إلى ضرورة وجود القدرة على تحمل تكاليف الدراسة الجامعية.

ولأجل ذلك، تستخدم الحكومة مجموعة من ضمانات القروض، حيث تعمل على تقليل أو إزالة المخاطر التي يتعرض لها المقرضون من خلال إرغام دافعي الضرائب على تغطية الخسائر؛ سواء عبر الإقراض الحكومي المباشر من خلال وزارة التعليم، أو أسعار الفائدة المخفضة بشكل مصطنع التي يقدمها بنك الاحتياطي الفيدرالي للحصول على القروض للطلاب، بغض النظر عن مخاطر عدم تمكنهم من سدادها.

من هنا يتضح أن دفع الطلاب الجامعيين إلى مستنقع ديون لن يخرجوا منه أبداً أمرٌ سيئ بما فيه الكفاية، لكن التوسع المصطنع في القروض الطلابية أسوأ، وينتج عنه سلسلة مؤلمة من ردود الفعل السلبية. فالمزيد من القروض يعني المزيد من الطلب على الجامعات، وبالتالي ارتفاع أسعار التعليم. وارتفاع الأسعار يعني أن الجامعات أصبحت متاحة بدرجة أقل من ذي قبل، لذا، يحتاج المزيد من الطلاب إلى القروض. وهنا يأتي دور الحكومة التي تساعدهم في الحصول عليها، ما يعني المزيد من الطلب والقروض وجموح الأسعار، وما إلى ذلك من الدوران في هذه الحلقة المفرغة.

ولهذا السبب ارتفعت أسعار التعليم الجامعي بشكل كبير في السنوات التي تلت تدخل الحكومة الفيدرالية. وللسبب ذاته يدين الخريجون الأمريكيون الآن بحوالي تريليوني دولار من ديون الطلاب. وأي اقتراح لا يهدف أولاً إلى إيقاف سلسلة ردود الفعل السلبية هذه غير مجدٍ، ولن يعالج الفوضى الحاصلة.

اليوم، من الواضح تماماً أن بايدن والحزب الديمقراطي والمؤسسة السياسية الأوسع لا يحاولون بجدية حل المشكلة، لأن الحقيقة تقول إن الكثير من المعنيين بإدارة الوضع الحالي مستفيدون من هذا العبث.

ومن الواضح كذلك أن الجامعات سعيدة بتكدس الديون الطلابية، فهي تكسب أموالاً أكثر. وإلى جانب المباني الفخمة وأماكن الإقامة عالية المستوى، شغلت الكليات مكاتبها بمسؤولين إداريين متنوعين، ومديري الاستدامة، وغيرهم من المناصب الأيديولوجية.

ولأن من مصلحة الحكومة ألا تتوقف عن تضخيم فقاعة الدراسة الجامعية، فإن السياسيين والبيروقراطيين الفيدراليين باتوا يتمتعون بنفوذ متأصل على المثقفين والعلماء الذين يشكلون الجناح الأكاديمي لطبقة صُنع الرأي في البلاد، وهو أمر ليس مفيداً للحكومة فحسب، بل ضروري لبقائها. ومن غير المعقول أن نتوقع من المستفيدين من هذا الابتزاز وضع حد له دون ضغوط شعبية جدية.

*كاتب مقال ومنتج وسائط ومحتوى في معهد «ميزس»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب مقال ومنتج وسائط ومحتوى في معهد «ميزس»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"