على الرغم من الإيجابيات التي لا حصر لها للتأمين الصحي ومن أهمها توفير مظلة صحية لحاملي وثائقه وبنسب متفاوتة تبعاً لنوع الوثيقة، إلى جانب إتاحة المجال لتلقي الخدمات من المنشآت الصحية الخاصة ما أوجد تنافساً قوياً بين أغلبية المنشآت الصحية الخاصة التي تحرص على تقديم أفضل الخدمات الصحية لجذب المرضى، وهذا في حد ذاته انعكس إيجاباً على مستوى تطور الخدمات الصحية، إلا أن هناك ممارسات غير مقبولة في قطاع التأمين الصحي.
بعض إدارات المنشآت الصحية بالذات الخاصة مسؤولة عن الممارسات غير المقبولة في قطاع التأمين الصحي، حيث تسعى في الدرجة الأولى إلى تحقيق أعلى نسبة من الأرباح من خلال الضغط على الكادر الطبي ومطالبته بحد أدنى من الإيرادات الشهرية مما يدفع الطبيب إلى طلب المزيد من الفحوص الطبية والصور التشخيصية ووصف برامج علاجية للمريض لا داعي لها والانتهاء بقائمة طويلة من أصناف الأدوية.
إحدى الحالات المرضية التي تشير إلى مثل هذه الممارسات غير المقبولة، مريض تعرض لفقدان وعي فراجع طبيبة متخصصة في أمراض الأعصاب والدماغ والتي بدورها طلبت إجراء بعض الفحوص وإجراء تصوير بالأشعة المقطعية للدماغ والرقبة، والمريض ما زال ينتظر منذ أكثر من 15 يوماً موافقة شركة التأمين الصحي على إجراء الصورة التشخيصية التي تعتبر مهمة لهذه الحالة.
في الوقت ذاته طبيبة الأعصاب حولت المريض إلى زميلها الطبيب المتخصص في أمراض القلب في المستشفى نفسه لمعرفة أي مشكلة في القلب أدت إلى حدوث فقدان الوعي، وبدأ طبيب أمراض القلب في إجراء سلسلة طويلة من الفحوص والتحاليل منها طلب إجراء تصوير بالرنين المغناطيسي للقلب وأوعيته، والغريب في الأمر أن شركة التأمين الصحي وافقت على طلب التصوير بالرنين المغناطيسي ولم توافق على التصوير بالأشعة المقطعية على الرغم من أنها الأهم في هذه الحالة للتعرف الى حالة الدماغ وأوردة الرقبة للوصول إلى تشخيص حول حالة فقدان الوعي.
السؤال الذي يطرح نفسه هل موافقات شركات التأمين الصحي على طلبات الأطباء تعتمد في الدرجة الأولى على الطبيب وتخصصه دون الأخذ في الاعتبار حالة المريض، بمعنى هل طلبات الأطباء الاستشاريين تتم الموافقة عليها فوراً بينما طلبات الأطباء الأخصائيين تحتاج إلى وقت وقد لا يتم الموافقة عليها؟ وهل موافقات شركات التأمين الصحي على طلبات العلاج تختلف من مستشفى لآخر؟ هذه التجاوزات التي لا حصر لها تتطلب رقابة وتدقيقاً من قبل الجهات المسؤولة عن قطاع التأمين الصحي لضبط أي مخالفات ومراعاة حاجة المريض.
