نقطة تحول

00:28 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجة

تطور كبير، بعدما صوّت مجلس الأمن على وقف إطلاق النار في غزة بتأييد 14 عضواً ومن دون «فيتو» أمريكي هذه المرة؛ إذ فضلت الولايات المتحدة الشريكة الاستراتيجية لتل أبيب، الامتناع عن التصويت، ما سمح بتمرير القرار الذي جعل حكومة نتنياهو تستشيط غضباً، فألغت زيارة وفد إسرائيلي لواشنطن، وعدّت ذلك «طعنة في الظهر»؛ بل إنها أدارت ظهرها للقرار، مستمرة بمذبحتها ضد المدنيين الفلسطينيين في القطاع.

القرار الأممي الذي جاء قبل أيام قليلة من أن تستكمل الحرب على القطاع شهرها السادس، له ما وراءه؛ إذ يؤشر إلى عزلة إسرائيل على الصعيد الدولي، وزيادة الحنق الرسمي والشعبي على تصرفاتها. فدمويتها المبالغة وضعت حلفاءها في مأزق وعلى رأسهم الولايات المتحدة؛ إذ ثمة عدم رضا داخل الإدارة الأمريكية من التماهي غير المحدود مع إسرائيل، لما يسببه ذلك من ضرر كبير على سمعة الولايات المتحدة، ويدفع نحو التاثير بشكل سلبي على نفوذها عالمياً.

البيت الأبيض الذي «فُوجئ» بردة فعل إسرائيل، أراد خطب ودها، فأكد أن دعمه السياسي لها سيبقى كما هو، بينما الدعم العسكري لم ينقطع أصلاً، إلا أن ذلك لم يشفع لواشنطن لدى حكومة نتنياهو اليمينية التي ترفض كل حلول الوسط، ولا تأبه بأن الرئيس الأمريكي جو بايدن لا يملك الاستمرار بالدعم المطلق لها، لاسيما أنه يواجه استحقاقاً انتخابياً بعد بضعة أشهر، قد يُمنى فيها بخسارة في بعض الولايات؛ نظراً لموقفه من المذبحة؛ لذا فإن عدم استخدامه «الفيتو» كان لا بد منه، للظهور على أنه يدعم وقف شلال الدم في غزة؛ بهدف كسب شعبية منهارة، مع علمه أن قرار مجلس الأمن لن يؤثر في مسار العمليات العسكرية، في ظل تيقنه أن إسرائيل لن تلتزم به كما عشرات القرارات الأممية السابقة.

مهما تنصلت تل أبيب ولم تلتزم، إلا أن القرار تاريخي وشكل نقطة تحول؛ حيث وضع إسرائيل في دائرة النبذ العالمي، خصوصاً أن ردود الفعل الدولية كانت مرحبة، حتى من بعض الدول الحليفة والداعمة لها سياسياً وعسكرياً في بدء الحرب، لأن ما حدث في غزة لا يمكن التستر عليه؛ إذ بات واضحاً للجميع أن ما يحدث مأساة، وقتل من دون حساب.

إسرائيل الآن في مأزق كبير لم تمر به من قبل؛ إذ تحطمت دعايتها بأنها الأكثر أخلاقية في العالم، ما دفعها للتكشير عن أنيابها برفضها إقامة دولة فلسطينية، وانكشف الغطاء عن نواياها بتهجير ما تبقى من الفلسطينيين في أول فرصة سنحت لها؛ لذا فإن رصيدها القائم على ادعاء المظلومية انتهى، وهي الآن تواجه رفضاً لم تشهده من قبل، ولن يتغير بسهولة، فذاكرة الشعوب حية لا تموت.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mprbj3fk

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"