تحقيق: مها عادل
مظاهر الاحتفال بشهر رمضان تتخطى حدود الزينة والفانوس ومائدة الإفطار اليومية، وتمتد إلى الشاشات والمنصات، فتتبارى القنوات الأرضية والفضائية في تقديم وجبة دسمة وثرية من المسلسلات الدرامية والبرامج الحوارية والترفيهية والمسابقات، لتتحول إلى عنصر أساسي من عناصر البهجة في الشهر الكريم، واعتادت العائلات في مختلف البلدان العربية الالتفاف حول مسلسل أو برنامج ترفيهي، ولكن مع تعدد وسائط المشاهدة والمنصات يبرز السؤال: هل اختلفت عادات الأسرة في المشاهدة، وهل ما زالت شاشة التلفاز محور تجمعها؟
تقول سلوى حسواني، ربة بيت بالشارقة: «منذ طفولتي أتابع المسلسلات والفوازير، وكانت تشكل عنصر جذب كبيراً، وملمحاً من ملامح البهجة في رمضان، وما زلت أحافظ على متابعتها عبر الفضائيات، ولا أفضل المنصات، رغم أن المسلسلات في القنوات يتخللها كثير من الإعلانات، لكنني أعتبر ذلك أيضاً جزءاً من ذكرياتي، خصوصاً أنها تستقطب حالياً أهم النجوم».
وتتابع: «لا أجد في الإعلانات مشكلة تدفعني للتخلي عن التلفاز والاتجاه إلى المنصات ذات الاشتراكات المكلفة، والتي تخلو من روح رمضان، ويتم سرد المسلسل فيه بشكل متتابع، فيفقد مذاق التشويق والإثارة والترقب الذي يتميز به المسلسل عن غيره من فنون الدراما، ما يفقدني متعة المشاهدة، لذلك أتابع المسلسلات على التلفاز في مواعيد إذاعتها بصحبة أطفالي الصغار الذين يحفظون أغاني الإعلانات وتترات المسلسلات، ويرددونها، وفي رأيي هذا مهم ليكون لديهم ذكرياتهم الخاصة، مثل المخزون الثري الذي أحتفظ به في ذاكرتي».
وتختلف عبير عبد الله، مترجمة في عجمان، عن الرأي السابق، وتقول: «أعتقد أن المنصات أصبحت هي الوسيلة المفضلة لمتابعة المسلسلات والبرامج لكثير من العائلات، خصوصاً أنها تخلو من الوقت المهدر في الإعلانات التي تقاطع استرسال الأحداث، كما أن مواعيد المسلسلات في التلفاز العادي مقيدة، وأحياناً تكون متعارضة، ويصعب تنظيم وقتي لمتابعتها، أما المنصات فهي أكثر راحة وسهولة في متابعة البرامج التي نفضلها في الوقت المناسب لنا».
وأضافت: «أتفق مع أسرتي على موعد محدد نتجمع فيه لنشاهد المسلسلات التي ترضي ذوقنا، وهذا يزيد من متعة المشاهدة دون أن تتوقف حياتنا على مواعيد إذاعتها، فهي تمنح المشاهد فرصة لاختيار التوقيت المناسب حسب ظروفه في كل يوم، ونستطيع قضاء وقت الإفطار أو السحور خارج المنزل دون أن نفقد متعة المشاهدة والمتابعة، كما نستطيع ممارسة العبادات والصلوات في أوقاتها، وننظم حياتنا بشكل جيد دون أن نرتبط بمواعيد إذاعة هذا المسلسل أو ذاك البرنامج، وهي مزية عظيمة أضيفت إلى حياتنا في عصر التكنولوجيا الحديثة».
ويقول جلال الدين إبراهيم، موظف بدبي: «أتوقف تماماً عن متابعة المسلسلات في الشهر الكريم، وأخصص وقت فراغي من العمل وشؤون الأسرة في العبادات وقراءة القرآن، إلى جانب وقت العمل الذي يستغرق معظم ساعات النهار، ووقت إعداد المائدة مع زوجتي وأبنائي، إلى جانب أن النصف الأول من رمضان يتزامن مع امتحانات المدارس، ولذلك قررنا تأجيل متابعة المسلسلات إلى بداية الإجازة».
ويتابع: «أصبحنا نعتمد على المنصات لمتابعة المسلسلات والبرامج والأفلام والمباريات طوال العام، وليس في رمضان فقط، ورغم كل إيجابيات المنصات فإننا فقدنا مزية التجمع والالتفاف حول شاشة واحدة لنشاهد معاً برنامجاً، أو مسلسلاً، فالحقيقة أن كلاً منا قد يشاهد المسلسل نفسه، لكن في توقيت مختلف، وعلى شاشة مختلفة، خصوصاً أن الأبناء يفضلون متابعة برامجهم المفضلة عبر أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف المحمولة، حتى مباريات كرة القدم التي يفترض أن المشاهدة الجماعية تكون فيها أفضل وأكثر حماساً، أجد أبنائي يشاهدونها بشكل منفصل، كل منهم في غرفته وأمام جهازه المحمول أو هاتفه، وأنا أجلس وحدي لأتابع نفس المباراة على شاشة التلفاز».
وأضاف: «هكذا ربما يكون الشيء الوحيد الذي نشاهده جميعاً معاً على التلفاز هو طقوس مدفع الإفطار الذي تذيعه قناة الشارقة يومياً، لأننا نكون متجمعين في ذلك الوقت معاً على مائدة الإفطار».