موقف حرج

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجة

يبدو أن أوكرانيا بالفعل في موقف حرج في حربها مع روسيا، كما أكد ذلك وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في ظل التقدم الروسي على الجبهات كافة، وضم المزيد من الأراضي التي بلغت منذ مطلع العام الحالي نحو 400 كيلومتر مربع، وافتقار كييف إلى الدعم العسكري والأموال لضخها في الحرب التي تجاوزت العامين، إضافة إلى امتعاض الكثير من الحلفاء من «الثقب الأسود» الأوكراني؛ إذ إن دعمهم المتواصل لم يثمر في هزيمة روسيا كما كانوا يأملون، في المقابل كانت روسيا تستنزفهم على كل صعيد، حتى بلغت خسائرهم حداً لا يطاق.

روسيا فطنت إلى التململ الغربي من الدعم، ومن ضمنهم قطاعات كثيرة في الولايات المتحدة، في ظل الأزمات الاقتصادية في هذه الدول، واختلاف أولوياتها، وعدم رؤيتهم أي انتصارات حقيقية أوكرانية؛ لذا فإن موسكو كثّفت هجومها، واستطاعت اختراق الحصون والسيطرة على الأراضي، والتضييق على كييف، التي أصبحت تستغيث بشدة للحصول على دعم أكثر من حلفائها لإنقاذها من هزيمة محتملة.

على الرغم من عدم الرغبة الغربية في الاستمرار بالحرب، أو الدخول في استنزاف لا نهاية له، فإن إدارة بايدن ودولاً أوروبية عدة كفرنسا وألمانيا، ترى أن انتصار أوكرانيا لا بد منه، ومع تراجع الجيش الأوكراني، فإن الحديث أصبح يدور عن إرسال قوات لدعم كييف، وهذا يعد تطوراً كبيراً ومفصلياً في الحرب، التي قد تتوسع إلى خارج الحدود الأوكرانية، خصوصاً مع تأكيد موسكو استعدادها لكافة سيناريوهات مواجهة «الناتو» في أوكرانيا، مشيرة إلى أنه إذا قرر الحلف ارتكاب «المحرمات» بإرسال قوات إلى أوكرانيا لاختبار قدراتها، سيتعين على استراتيجيي الحلف إدراك أن روسيا مستعدة لأي تطور للأحداث، محذرة من صدام عسكري مباشر بين القوى النووية.

لكن تبقى أوكرانيا، في كل الأحوال، الخاسر الأكبر، سواء بقيت الحالة الميدانية كما هي، أو تَدخل «الناتو» في المعركة، لأنها ستكون وقوداً للحرب.

لم يتبق أمام كييف إلا النظر للأمام والمستقبل، وعدم الارتهان للغرب الذي لا يهمه من أوكرانيا إلا أن يأخذها مطية له لإضعاف روسيا، لأجل الحفاظ على صدارته العالمية؛ إذ إن مما لا شك فيه أن وقوف الغرب مع أوكرانيا لم يكن بدافع أخلاقي كونها دولة تعرضت للحرب، بل كان الهدف يخدم مصالحه فحسب؛ لذا فإن كييف باتت أمام خيارين؛ إما الاستمرار في الحرب، وبالتالي المزيد من الاستنزاف، وإما اللجوء إلى محادثات مع روسيا الجارة الأكبر، للتوصل إلى اتفاق سلام؛ بحيث تبقى حيادية وسيدة نفسها، وتتمسك ببناء علاقاتها الدولية كما تريد، على أن تتجنب العبث بالتوازنات العالمية، وألا تهدد أحداً لمصلحة أطراف أخرى.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yd4znd4n

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"