الذكاء الاصطناعي في التعليم

22:55 مساء
قراءة 3 دقائق

ويلسون تسو *

يعد الذكاء الاصطناعي التوليدي، أرخص وأسهل طريقة للغش تم اختراعها على الإطلاق، وتستخدمها الأغلبية العظمى من الطلاب. وفي استطلاع حديث شمل 1000 طالب في سن الجامعة، قال أكثر من 89% من المشاركين إن روبوت المحادثة «تشات جي بي تي» ساعدهم على إكمال واجباتهم.

وتتوفر أدوات الذكاء الاصطناعي بسهولة، وتبدو طريقة سهلة لمن يرغب في التغلب على أنظمة الكشف عن الغش. ويمكن للطلاب العثور على الطرق والموارد اللازمة لهذا الغرض في منتديات الإنترنت الشهيرة، مثل «ريديت» و«يوتيوب»، حيث تتاح لهم المشورة والدعم من مجتمعات متخصصة.

غير أن التحدي يظل قائماً، وهو كيف يمكن للمؤسسات التعليمية التصدي لهذه الظاهرة المتنامية؟ حالياً، يترك معظم مديري المدارس للمعلمين حرية اتخاذ القرارات، بشأن سياسات استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي من قبل الطلاب. ورغم أن هذا النهج يبدو معقولاً نوعاً ما، فإنه يمنح المعلمين مرونة في تحديد معاييرهم الخاصة، وفقاً لظروفهم وتجاربهم التعليمية.

ولكن، في ضوء مناقشاتي مع مدرسين من مختلف الأماكن، يظهر أن معظمهم يفتقر إلى المعرفة الكافية بأدوات الذكاء الاصطناعي وكيفية استخدامها لوضع سياسات فعالة.

وبدلاً من السعي لمواجهة طلابهم بسباق تكنولوجي، ينبغي على المعلمين أن يعيدوا تعريف مفهوم الغش، تماماً كما فعلوا عندما بدأ الطلاب في استخدام الآلات الحاسبة أو الهواتف الذكية. وفي حالة الذكاء الاصطناعي التوليدي، يتمثل التحدي الأساسي في تأطير الحدود بين المساهمة البشرية، وتلك التي يمكن أن يقدمها الذكاء الاصطناعي لإنجاز المهام المطلوبة.

وبمجرد أن يجيب المعلمون عن هذا السؤال، يمكنهم وضع توقعات واضحة للطلاب، بشأن كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في الأعمال الأكاديمية. في النهاية، ستحدد المجتمعات وسوق العمل ما الذي يُعد استخداماً مناسباً للذكاء الاصطناعي خارج البيئة التعليمية.

لقد سمعت عن بعض المعلمين، الذين اختاروا تنظيم الاختبارات الشفهية أو الكتابية بديلاً للاعتماد على التكنولوجيا في الاختبارات، ولكن هذا النهج ليس دائماً عملاً مناسباً، حيث يُطلب من المعلمين تكثيف جهودهم. ومع ذلك، هناك العديد من الطرق التي يمكن للمعلمين من خلالها، إعادة تعريف الغش بطريقة توجه الطلاب نحو تطوير المهارات الضرورية في سوق العمل.

في البداية، يجب على المعلمين تحديد ما هو جوهري للتعليم، في ظل تطور الأدوات التكنولوجية المتاحة للطلاب. على سبيل المثال، قد يبدو تعليم التخطيط بالقلم مفيداً، ولكن هل هو ضروري في عصر التكنولوجيا؟

وفي ظل تغير المتطلبات الحديثة، يجب على المعلمين أن يكونوا مرنين ومبدعين في تحديث مناهجهم التعليمية. بدلاً من التمسك بمفاهيم قديمة لم تعد ذات أهمية، يمكن للمعلمين أن يفكروا في تركيبة جديدة تركز على تطوير المهارات الدائمة، مثل التفكير النقدي والتعاون.

وثمة ضرورة لتوثيق استخدام الطلاب للذكاء الاصطناعي، وعرضها بوضوح لأعضاء هيئة التدريس. يُعد التوثيق أداة قوية لمساعدة المعلمين على فهم كيفية استخدام الطلاب لهذه التقنيات، وما هي الفوائد والتحديات التي يواجهونها في هذا السياق.

وأخيراً، يجب على المعلمين تبني نمط تعلم قائم على المشاريع. من خلال هذا النهج، يمكن للمعلمين تقييم تطور الطلاب ومهاراتهم، ليس فقط من خلال المنتج النهائي، بل أيضاً عبر العمل الذي يقوم به الطلاب أثناء العملية. وبفضل هذه الإرشادات، من المحتمل أن ينتج الطلاب أعمالاً نهائية، تعكس معرفتهم ومهاراتهم بشكل فعّال.

أثناء محادثاتي مع المعلمين في جميع أنحاء البلاد، حول التكيف مع الذكاء الاصطناعي التوليدي، لاحظت أن بعض أعضاء هيئة التدريس يعارضون استخدام «تشات جي بي تي»، لمساعدة الطلاب في البحث والكتابة، مشددين على أن «التحدي والكفاح يؤديان إلى التعلم». بالطبع، أشاروا إلى أهمية الجهد الذاتي في عملية التعلم، وهو مفهوم مهم لا يمكن إنكاره. ومع ذلك، يثار السؤال المهم هنا، وهو: إذا لم يساعد الكفاح الطلاب على تطوير المهارات التي يحتاجون إليها في عالمنا الحديث، فلماذا يتعين عليهم خوض هذا الكفاح؟

الجواب يكمن في فهم تطور البيئة التعليمية ومتطلبات سوق العمل الحالية. وفي ظل التكنولوجيا المتقدمة والتغيرات الاقتصادية، تتطلب مهارات النجاح اليومية تحضيراً مختلفاً عن تلك التي كانت مطلوبة في الماضي. لذا، يجب على المعلمين أن يكونوا حذرين في توجيه الطلاب نحو مهارات وأدوات تساعدهم على النجاح، في مستقبل يتسم بالتغير السريع والتطور التكنولوجي المستمر.

وبدلاً من إجبار الطلاب على مواجهة التحديات بطريقة تقليدية قد لا تكون ملائمة بالنسبة لعالم اليوم، يمكن للمعلمين توجيههم نحو استخدام الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة كأدوات لتطوير المهارات اللازمة لنجاحهم في المستقبل، وهذا يتضمن التحول من مجرد الكفاح إلى تعزيز المهارات، وتعليم الطلاب كيفية استخدام الأدوات الحديثة بشكل فعال لتحقيق أهدافهم التعليمية والمهنية.

* مؤسس موقع «باورنوتس» (ذا هيل)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yrukyxf3

عن الكاتب

مؤسس موقع «باورنوتس»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"