ستة أشهر من القتل والدمار

00:09 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجة

في الأسبوع الماضي أتمّت الحرب على قطاع غزة ستة أشهر، كانت مملوءة بالخراب والدمار؛ إذ دُمِّر جزء كبير من القطاع الذي لم تشفع له سنوات الحصار الطويلة بأن يحافظ على جزء يسير من بنيته التحتية لتأتي الحرب فتحيله أثراً بعد عين ويصبح غير قابل للعيش، بينما قتلت وجرحت آلة الحرب الإسرائيلية ما يزيد على 110 آلاف فلسطيني حتى باتت رائحة الموت تنبعث من كل زقاق، إلى جانب نزوح مئات الألوف، ولا تزال المذابح مستمرة من دون توقف، وشلال الدماء ينهمر من الجوعى الذين مُنعت عنهم أقواتهم، في ظل إدخال المساعدات لهم بالقطارة، واستهداف من يحاول إنقاذهم، أو عرقلة جهود من يسعى للتخفيف عنهم.

ستة أشهر وإسرائيل مصرّة على تحقيق أهدافها التي لم تتحقق إلى اليوم؛ حيث لم تحقق إلا تدمير كل أشكال الحياة علّها تستعيد قوة ردعها، بينما خسائرها لا تعد ولا تحصى، بدءاً من انكشاف روايتها المغلوطة للعالم بأنها قلعة متقدمة للحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان في المنطقة، ثم بافتضاح أمر حكومتها العنصرية التي ترى الفلسطينيين لا يستحقون الحياة، وتصر على رفض مبدأ قيام دولة فلسطينية، إضافة إلى ارتفاع منسوب الرفض لها شعبياً ورسمياً في أنحاء العالم، وهو ما عبّرت عنه الولايات المتحدة أكثر من مرة، ونصحت إسرائيل بتقليل حدة معاركها؛ نظراً لخسارتها الفادحة على الصعيد العالمي، والنظر إليها كدولة منتهكة للقانون الإنساني؛ إذ أصبحت توصم ب«دولة الإبادة الجماعية»، هذا فضلاً عن الاستنزاف الميداني لها.

المتتبع للشأن الإسرائيلي من كثب يدرك أنها في ورطة عميقة؛ إذ إنها لا تستطيع إنهاء حرب غزة والخروج من هذا المستنقع؛ لأن ذلك يُعدُّ هزيمة محققة لها، فعلى الرغم من كل أفاعيلها في القطاع، فإنها لم تُنهِ ما بدأته، ويبدو أنه من الصعب تحقيق منجزات جذرية كما أكد ذلك محللون عسكريون، ومنهم خبراء غربيون. وعلى الصعيد السياسي فإن تل أبيب محاصرة بقضايا دولية ضدها، ونبذ عالمي وازدراء، لأن بنك أهدافها تركز على المدنيين الذين لا حول لهم ولا قوة.

رغم الإعلانات الأمريكية عن تقدم في محادثات لهدن مقبلة، فإنه على الأرض لا يبدو أن ثمة انفراجة قريبة شاملة، باستثناء ربما الوقف المؤقت لإطلاق النار لبضعة أيام لا أكثر، ثم تستأنف إسرائيل حربها، ليقين الحكومة الإسرائيلية اليمينية، بأن إنهاء القتال يعني هزيمتها، وبدء المحاسبة عن الفشل الذريع في 7 أكتوبر / تشرين الأول الماضي، وما تبع ذلك اليوم. لذا فإن انعدام أي ضغط حقيقي وكبير وصارم على تل أبيب سيساعدها على الاستمرار في حرب إلى أمد بعيد، وسيدفع فيها أهالي غزة ثمناً أكبر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/244nyf5w

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"