عادي

وانغ منغ.. وعي أدبي جديد

22:14 مساء
قراءة 3 دقائق
وانغ منغ

القاهرة: «الخليج»

يتمتع الكاتب الصيني «وانغ منغ» بإحساس فطري عال وروح استكشافية، سبرت الأغوار الإنسانية، وغاصت في عوالمها الداخلية، فبعد نهاية الثورة الثقافية، انطلقت موجة جديدة من أدب التأملات، كان وانغ إحدى القوى الأساسية الإبداعية فيها، حيث راح يتأمل تاريخ الأمة الصينية ومستقبلها.

رشح وانغ لجائزة نوبل أكثر من مرة، لأنه قدم في السنوات الأخيرة أعمالاً ذات قيمة كبيرة، أثرت تاريخه الأدبي الطويل الحافل بالإنجازات الأدبية الضخمة، التي تكاد تكون ملاحم شعرية محفورة في ذاكرة التاريخ الصيني، ولم تجسد أعماله الروح المثالية فحسب، بل تأملت أيضاً التاريخ والمستقبل، وأسهمت في خلق جيل من الكتاب الجدد.

تؤكد «ميرا أحمد» في مقدمة ترجمتها لرواية «النسمات الضاحكة» أن «وانغ منغ» فتح آفاقاً جديدة للكتابة الأدبية في تيار الوعي، الذي يفوق في أهميته تيار السرد الخاص بالعالم الخارجي، إذ يصور الكاتب المشاعر والأفكار المتدفقة، التي تمر في عقله، واتسمت رواياته التي تنتمي إلى تيار الوعي بالنهايات المأساوية، برسم شخصيات جسدت ضحايا الثورة الثقافية، واختلف تيار الوعي لديه عن تيار الوعي الشائع لدى بقية الكتاب، فقد راح يستكشف من خلاله أنماطاً سردية مبتكرة في الكتابة الأدبية، ويلقي الضوء على ما فعلته الثورة الثقافية في نفوس الشباب.

تكشف هذه الرواية عن صدمة جيل كامل، نتجت أفكاره عن تقلبات العصر، كما تجسد مصائره ومشاعره، وتدور أحداث الرواية منذ الخمسينيات حتى عام 2019، وهي ليست عرضاً تاريخياً لأحداث العصر، لكنها تحمل ثمانين عاماً من الخبرات الحياتية، والتراكمات العاطفية للكاتب، وتحقق التواصل مع معاصريه والاقتراب من حقيقة الحياة وواقعها المعاش، واستيعاب جوهر البشر.

أغلال

في الوقت نفسه يتسنى للقارئ التعرف إلى كيفية ارتباط «وانغ منغ» بالصين القديمة والتعبير عن التكامل المتعدد، وتجسيد العديد من المفاهيم والأفكار التي تدور حول قضية الحوار والتواصل، وهذا من شأنه أن يفضي إلى تعدد الأصوات الداخلية في أعمال «وانغ منغ»، ما يشكل التوتر الجدلي بين الداخل والخارج، بين المعاني الضمنية والصريحة، بين المثالية والواقع، وتجد في تلك الرواية بالتحديد مساحات فارغة من السرد مليئة بالتشابكات والمواجهات مع الزمن والبشر، وتركز الرواية على الصعود والهبوط، وعلى أفراح الشخصيات الصغيرة وأحزانها، أو بمعنى آخر تركز على غزالة الأغلال الثقيلة في عملية النمو الشخصي، من خلال الجمع بين السعي وراء المثل العليا، مع التحليق بالقرب من الأرض، واختبار مشاعر القلق في هذا العصر.

حاول «وانغ منغ» في السنوات الأخيرة اتباع خطوات «رقصة الفراشة» في روايته هذه، حيث تخلص من الظل الروحي الذي كان قريباً منه في الماضي، مستخدماً التشابك بين الفرد والأزمنة، لرؤية جدلية الحياة، وفي نهاية المطاف تمكن من التحرر من أصفاد هذا الظل، فمن يقرأ إبداع «وانغ منغ» في الفترة الأخيرة يجده استجابة إلى الأدب الصيني المعاصر، وشهادة على تغيرات المجتمع وتحولاته.

ولد «وانغ منغ» في بكين عام 1934، وكتب روايته الأولى «أيام الشباب» عام 1953، ثم نشر عام 1956 قصته «عضو جديد في التنظيم»، وأحدثت هذه القصة ضجة كبيرة، حيث صنف على إثرها يمينياً، وشكلت هذه السنوات الصعبة خبرات حياته، وقد تقلد فيما بعد منصب وزير الثقافة في الفترة من عام 1986 إلى عام 1989، ثم أصبح نائب رئيس القلم الصيني، وعمل أستاذاً جامعياً في جامعات صينية عدة عريقة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3mb96adf

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"