ترامب والتعريفة الجمركية

22:38 مساء
قراءة 3 دقائق

بنيامين باول *

لقد جعل الرئيس السابق دونالد ترامب من زيادة التعريفات الجمركية محوراً رئيسياً لحملته الانتخابية في عام 2016، وها هو اليوم يُصعّد خطابه المناهض للتجارة مرة أخرى في عام 2024. ولسوء الحظ، بينما كانت خططه التجارية سيئة لاقتصادنا كانت مفيدة أكثر لآفاقه السياسية.

وخلال تجمع حاشد في ولاية أوهايو، وعند الإشارة إلى السيارات الصينية المعفاة من الرسوم الجمركية المصنوعة في المكسيك، أعلن ترامب أنه سوف يفرض تعريفة بنسبة 100% على كل سيارة قادمة عبر الحدود، وأنه لن يكون من الممكن بيع هؤلاء الأشخاص مرة أخرى، في إشارة إلى الصين، إذا تم انتخابه رئيساً. وعلى نحو مماثل، أكد في فبراير/ شباط أنه يخطط لإعادة إشعال حرب تجارية مع بكين من خلال فرض تعريفة بنسبة 60% على جميع الواردات الصينية.

عندما دشن حملته الانتخابية بخطاب مناهض للتجارة في عام 2016، كان بوسع الاقتصاديين أن يشيروا إلى أكثر من 200 عام من النظرية الاقتصادية، التي يعود تاريخها إلى آدم سميث، والتي أشارت إلى سياساته التجارية التي من شأنها تقليص الدخل في كل من الولايات المتحدة والصين. وكان بإمكانهم أيضاً الإشارة إلى أدلة على أن انخفاض التعريفات الجمركية وزيادة التجارة أديا إلى تحسين الحياة في الولايات المتحدة على مدى العقود السابقة.

لكن لم يكن لدى الاقتصاديين أمثلة حديثة لتأثير الزيادات الكبيرة في التعريفات الجمركية داخل الولايات المتحدة، لأننا كنا نعيش في زمن خفض التعريفات، ولم نرفعها لعقود من الزمن. والآن، في عام 2024، يمكننا أن ندرس نتائج سياسات ترامب التجارية في فترة ولايته الأولى لتقييم صحة خطابه التجاري اليوم بشكل أفضل.

عندما شغل البيت الأبيض، فرض الرئيس السابق المثير للجدل تعريفات جمركية على السلع الأوروبية وأدخل بعض التغييرات الطفيفة نسبياً في اتفاقيات أمريكا التجارية مع كندا والمكسيك. لكن إعلانه عن حرب تجارية مع الصين كان تغييراً مميزاً ولافتاً في السياسة التجارية عموماً. فبين عامي 2018 و2019، فرض ترامب آلاف الرسوم الجمركية التي استهدفت ما يقرب من 350 مليار دولار من الواردات الصينية. وبالطبع لم تقف الأخيرة مكتوفة الأيدي، بل ردت برسوم جمركية عكسية على ما يقرب من 100 مليار دولار من الصادرات الأمريكية.

مؤخراً، أجرى المكتب الوطني الأمريكي للبحوث الاقتصادية دراسة استقصائية على عشرات الدراسات الاقتصادية التي قدرت عواقب الحرب التجارية مع الصين. والنتيجة كانت أن المستهلكين الأمريكيين للسلع المستوردة تحملوا العبء الأكبر من الرسوم الجمركية من خلال ارتفاع الأسعار، وأن الحرب التجارية أدت إلى انخفاض متوسط الدخل في كلا البلدين، على الرغم من أن هذا لم يكن كبيراً مقارنة باقتصادنا الإجمالي.

صحيح أن أنصار سياسات ترامب التجارية قد يكونون على استعداد لتحمل عبء ارتفاع الأسعار وانخفاض الدخل بهدف حماية وظائف التصنيع في الولايات المتحدة، لكن على ما يبدو أن سياساته التجارية لم تحقق ذلك أيضاً. فقد وجدت دراسة أخرى أجراها المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية أن تعريفات ترامب لم تثبت فاعليتها من حيث زيادة فرص العمل داخل مناطق الصناعات المحمية حديثاً. ووجدت أيضاً أن التعريفات الانتقامية التي فرضتها الصين أدت إلى انخفاض العمالة الزراعية في الولايات المتحدة.

في الوقت ذاته، أشارت تلك الدراسة إلى سبب استمرار ترامب في محاولة التأثير على الناخبين في الغرب الأوسط بخطابه المناهض للتجارة، حيث أصبح الناخبون في المناطق التي تستهدف شركاتها الحماية من خلال تعريفاته الجمركية «أقل احتمالاً للاعتراف بأنهم ديمقراطيون، وأكثر احتمالاً للتصويت لإعادة انتخاب دونالد ترامب عام 2020، وأكثر احتمالاً أيضاً لانتخاب الجمهوريين للكونغرس»، وذلك على الرغم من عدم وجود فوائد اقتصادية في الصناعات والمناطق المستهدفة.

وعليه، من الممكن تفسير الجاذبية السياسية لخطاب ترامب جزئياً بالصعوبة التي يواجهها الناخبون في تفكيك التأثيرات المترتبة على العديد من السياسات الاقتصادية الفردية. وقد كان الجزء الأكبر من السياسات الاقتصادية المحلية للرئيس السابق، بشأن الضرائب والتنظيم والحفر ومجموعة من القضايا المهمة الأخرى، داعماً للنمو، وساهم في بناء اقتصاد رفع مستويات المعيشة للطبقة المتوسطة قبل الوباء على الرغم من التراجع الناجم عن الحرب التجارية.

من المؤسف أن السياسة الجيدة غالباً ما تتعارض مع الاقتصاد الجيد، ومن دون فهم قوي للاقتصاد، قد يخلط الناخبون الذين يستمعون إلى خطاب ترامب بسهولة بين الارتباط والسببية.

في عام 2018، أعلن الرئيس ترامب: «أنا رجل التعريفات الجمركية». وما لم يبذل الاقتصاديون جهوداً أفضل لتثقيف الناخبين حول التأثيرات الضارة الناجمة عن التعريفات الجمركية، فمن المرجح أن يظل الرئيس السابق والمرشح الحالي رجل التعريفات الجمركية.

* زميل في المعهد المستقل في أوكلاند بولاية كاليفورنيا، ومدير معهد السوق الحرة في جامعة تكساس التقنية. (ريل كلير ماركيتس)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/37c8bac6

عن الكاتب

زميل في المعهد المستقل في أوكلاند بولاية كاليفورنيا، ومدير معهد السوق الحرة في جامعة تكساس التقنية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"