سيادة العراق

00:26 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

لا تزال الولايات المتحدة تختبئ خلف أصبعها رافضة الاعتراف بأنها لم تعد ذلك الشرطي العالمي الذي ينظم أمور الدول الأخرى، لدرجة من الصلف تُنازع فيها أصحاب السيادة سيادتهم على أرضهم غير عابئة بالرفض الشعبي، ولئن كانت لم تتعلم الدرس جيداً من أفغانستان التي أتتها تحت ذريعة محاربة الإرهاب والقضاء عليه، ثم خرجت منها خاوية الوفاض لم تحقق شيئاً مما رمت إليه، فعليها أن تتنبه إلى أنها ستلقى المصير ذاته في العراق الذي ضاق ذرعاً بالقوات الأمريكية، وباتت الأصوات المنادية بخروجها منه عالية ليس في بغداد فحسب، بل حتى في واشنطن.

أمريكا دخلت العراق في البدء تحت ذريعة وجود أسلحة دمار شامل، ولما لم تجدها بحثت عن ذريعة أخرى فوجدتها في الديمقراطية التي أرادتها نظاماً للحكم بديلاً للنظام العراقي، فكان نظام المحاصصة الطائفية سيّئ السمعة الذي أدى إلى ولادة تنظيم «داعش الإرهابي»، ثم ما لبثت أن انسحبت بعد أن حققت مبتغاها، تاركة خلفها بعض القوات لتدريب الجيش العراقي، وما كادت مهمتها تنتهي حتى أرسلت في عهد باراك أوباما 2500 جندي إضافي لمحاربة تنظيم «داعش» الذي استباح أربع محافظات عراقية يقطنها نحو عشرة ملايين نسمة، ولكن على الرغم من أن المهمة قد اكتملت وأعلن العراق الانتصار على «داعش»، فإن واشنطن لا تزال تراوغ رافضة سحب قواتها تحت ذرائع شتى لم تعدْ تنطلي على أحد؛ لذلك ترتفع الأصوات داعية إلى انسحاب هذه القوات التي لم يعد من مبرر لوجودها.

ومن جانب الولايات المتحدة صرحت سفيرة أمريكا في العراق ألينا رومانوسكي بالقول: «كنا نغادر لنعود مجدداً، لكن أود أن أؤكد أننا بحاجة إلى المغادرة هذه المرة بطريقة منتظمة»، لكن الإدارة الأمريكية في وادٍ آخر، وهي تتعمد المماطلة وكسب الوقت لتأخير الانسحاب إلى أطول مدى ممكن.

بقاء القوات الأمريكية في العراق يعني المزيد من التوتر الإقليمي، ومزيداً من الحنق الشعبي، ورئيس الوزراء العراقي بات أمام خيارين لا ثالث لهما: إما توجيه دعوة صريحة لبايدن لسحب قواته من العراق وبناء علاقة مع واشنطن أساسها الاحترام المتبادل والندية وليس التبعية، وإما مواجهة العراق الذي يرفض كل صوت يغرّد خارج سرب الإرادة الشعبية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4fzbsm4u

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"